افتتح وزير المالية محمد بن عبدالله الجدعان، اليوم الأربعاء، أعمال مؤتمر "يوروموني السعودية 2022" الذي تنظّمه مؤسسة يوروموني العالمية بالشراكة مع مؤتمر القطاع المالي، تحت شعار: «مأسسة الاستثمار والتمويل»، بحضور عدد من الوزراء ورؤساء قطاعات المنظومة المالية، وعدد من المسؤولين والمتخصصين في القطاعين المالي والاقتصادي على الصعيدين المحلي والدولي.
وأوضح وزير المالية، خلال كلمته التي ألقاها في افتتاح المؤتمر، أن انعقاد هذا الحدث المهم "يأتي بالتزامن مع مواصلة حصد المزيد من النتائج الإيجابية للإصلاحات الشاملة التي شهدتها بلادنا على مدى السنوات الماضية؛ تحقيقاً لمستهدفات برامج رؤية المملكة 2030"، مشيراً إلى أنه "على الرغم مما واجهه العالم من تحديات عدة خلال السنوات القليلة الماضية، فإن الاقتصاد السعودي قد خرج أقوى من أي وقت مضى، حيث نما الاقتصاد غير النفطي بنسبة 5.4٪ في الربع الثاني من عام 2022م بالقيمة الحقيقية مقارنة بالفترة ذاتها من العام السابق، كما نما الناتج المحلي الإجمالي بمقدار 11.8%".
ووفقًا لصندوق النقد الدولي لعام 2022، فمن المتوقع أن تبلغ نسبة نمو الناتج المحلي الإجمالي للمملكة 7.6٪، وتُعد المملكة الدولة الوحيدة في مجموعة العشرين التي تمت ترقية توقعات الصندوق لنموها مرتين في عام 2022م، مع توقع استمرار المعدلات المرتفعة لنمو ناتجها المحلي الإجمالي لعام 2023 والسنوات التالية.
وأضاف: "أثبتت التحديات التي واجهها العالم، بما في ذلك المملكة، خلال السنتين الماضيتين فاعلية رؤيتها، خصوصاً في مواجهة الصدمات؛ حيث نجحت في التعامل معها بفضل الله ثم بفضل استثمارات البنية التحتية الضخمة التي مكّنت من استمرارية الأعمال، إضافة إلى سرعة التجاوب واتخاذ القرارات؛ مما ساهم بشكل كبير في توفير الدعم المناسب في الوقت المناسب، ومن ذلك إطلاق حِزم التحفيز وتفعيل أدوات الدعم للمواطنين والقطاع الخاص؛ إيماناً منا بأهميته، حيث تهدف المملكة إلى رفع نسبة مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي إلى 65% بحلول عام 2030م".
وأشار الجدعان إلى أن المملكة مستمرة في تنفيذ برامج الرؤية ومواصلة الإصلاحات وتوسيع القاعدة الاقتصادية، مبيناً أنه على صعيد تطوير سوق مالية متقدمة (إحدى ركائز برنامج تطوير القطاع المالي)، تم الربط مع "يورو كلير"، مزوِّد خدمات ما بعد التداول، من خلال شركة مركز إيداع الأوراق المالية (إيداع)، كما أطلق برنامج تطوير القطاع المالي استراتيجية التقنية المالية التي تسعى لمواكبة التطور المتسارع في التقنية المالية وتم تحقيق قفزات نوعية في مجال الخدمات المالية تتماشى مع التطور المتواصل في الأعمال والخدمات، مضيفا أن هذه الاستراتيجية تسعى لزيادة عدد شركات التقنية المالية العاملة في المملكة إلى 230 شركة بحلول عام 2025م، وزيادة حصة المعاملات غير النقدية إلى 70% بحلول عام 2025م، لافتا إلى تحقيق الاستثمار الجريء خلال النصف الأول من عام 2022، نمواً بنسبة بلغت 244% مقارنة بالنصف الأول من عام 2021، متجاوزاً إجمالي الأموال المستثمرة في الشركات الناشئة السعودية في كامل عام 2021، باستثمارات قياسية بلغت مليارين و190 مليون ريال.
وعلى صعيد الإسكان، بيّن وزير المالية أن معدل نسبة تملك الأسر في المملكة ارتفع من 47% في العام 2016م إلى أكثر 60% وذلك من خلال تطوير آليات الدعم بالشراكة مع القطاع الخاص. وفي جانب الحفاظ على استدامة واستقرار المالية العامة ومعدلات النمو الاقتصادي، أوضح أن برنامج الاستدامة المالية ساهم في السيطرة على نسب العجز، وتعزيز مركز المملكة المالي لمواجهة الصدمات، إضافة إلى تقديم العديد من الإصلاحات الهيكلية في عملية إعداد الميزانية العامة للدولة ورفع كفاءة الإنفاق.
وأكد الجدعان أن الاقتصاد المستدام والتحول الأخضر يحظى بمكانة خاصة في رؤية 2030، لافتا إلى أن المملكة تمضي قدماً وبخُطى متسارعة نحو مواجهة تحديات التغير المناخي، حيث قدمت تعهدات واضحة من خلال تحقيق الحياد الصفري للانبعاثات بحلول عام 2060، كما أطلقت حزمة من المبادرات التي ستساهم في تقليل الانبعاثات الكربونية بأكثر من 278 مليون طن سنوياً، بالإضافة إلى زيادة القدرة الإنتاجية للطاقة المتجددة بهدف توفير 50% من إنتاج الكهرباء، وكذلك تنفيذ برامج رفع كفاءة الطاقة والاستثمار في مشاريع التقنيات الهيدروكربونية النظيفة، كما أعلنت المملكة عن استثمارات بقيمة تزيد على 700 مليار ريال، للمساهمة في تنمية الاقتصاد الأخضر، وخلق فرص عمل نوعية، وتوفير فرص استثمارية ضخمة للقطاع الخاص، وفق رؤية المملكة 2030 ومبادرة السعودية الخضراء.
ونوّه الجدعان إلى انخفاض نسبة البطالة بين السعوديين إلى أقل مستوياتها، حيث بلغت نحو 10.1% خلال الربع الأول من العام 2022م، مقارنة بنحو 11.0% خلال الربع الرابع من العام 2021م، ويعد هذا المعدل أقل معدل خلال السنوات العشر الماضية، كما أشار إلى تمكن حكومة المملكة من السيطرة على نسب التضخم عند مستويات أقل بكثير من أغلب دول العالم، حيث بلغ متوسط معدل التضخم حتى شهر يوليو من هذا العام نحو 2.1% مقارنة بالفترة ذاتها من السنة الماضية، وذلك بفضل من الله ثم بفضل السياسات التي تبنتها حكومة خادم الحرمين الشريفين وبإشراف مباشر وتوجيه من قائد وملهم رؤية المملكة العربية السعودية سمو ولي العهد حفظهما الله.
يذكر أن المؤتمر ناقش ستة مواضيع رئيسية، شملت: "اقتصاد المملكة العربية السعودية في سياق التوقعات العالمية"، و"تغير المناخ وESG"، و"دور ESG في اقتصاد المملكة"، و"إضفاء الطابع المؤسسي على سوق العقارات والإسكان واللوجستيات والسياحة والضيافة وREITS"، و"رقمنة الخدمات المالية"، و"تنمية رأس المال الاستثماري في المملكة"، كما استعرض المؤتمر أحدث الاتجاهات في الأسواق المالية الإقليمية والعالمية، من خلال جمع كبار صناع القرار والسياسات المالية؛ لرسم صورة مستقبلية لاقتصاد المملكة لمرحلة ما بعد جائحة كوفيد-19.
هذا وشهدت فعاليات المؤتمر إجراء عدد من المقابلات الرئيسية مع كل من: وزير الشؤون البلدية والقروية والإسكان الأستاذ ماجد بن عبدالله الحقيل، ورئيس مجلس هيئة السوق المالية الأستاذ محمد بن عبدالله القويز، ورئيس "ميرسر" في آسيا والشرق الأوسط وإفريقيا رينيه ماكجوان، والسفير والمستشار والشريك المؤسس لشركة سيفن لإدارة الاستثمار جوستين أوركهارت ستيوارت.
ويعد مؤتمر يوروموني السعودية منصة حيوية تعكس واقع اقتصاد المملكة في ضوء التطورات التنموية التي تشهدها البلاد، ويأتي انعقاده هذا العام بالتزامن مع تحول المملكة إلى مركز للاستثمار بالمنطقة.