يترقب الكثيرون، خاصة المهتمين بالعملات الإلكترونية، بما ستسفر عنه الأيام المقبلة، بعد تصريح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بشأن عقد جلسة استماع في مجلس الشيوخ؛ لبحث مدى قانونية عملة «فيسبوك» الـ«ليبرا»، الأمر الذي يؤشر إلى أن سوق التشفير المالية تأخذ خطواتها الأولى نحو التنظيم الجاد والشرعية.
وتسبب الخوف المفاجئ من اللوائح المقبلة في ذعر السوق بأكملها، وشرع المستثمرون في عمليات البيع؛ ما أدى إلى انهيار سعر عملة «بيتكوين» لأقل من 10 آلاف دولار للوحدة الواحدة، فيما تشير التوقعات إلى نزول قيمة هذه العملة إلى 8 آلاف دولار إذا استمر ضغط البيع.
فوضى في الأسواق
تمر سوق العملات الافتراضية بحالة من الفوضى؛ حيث تُعاني عملة «البيتكوين» وجميع العملات الرئيسة الأخرى من الخسائر وسط الجدال الدائر حول قانونية عملة «فيسبوك» الجديدة «ليبرا». ويأتي ذلك بعد أن بدأت عملات «البيتكوين» وجميع العملات الافتراضية في العودة إلى الانتعاش مُجددًا، بعد قضاء معظم عام 2018 وجزء كبير من العام الجاري في حالة ركود.
وتُعاني العملات الافتراضية من ضعف القدرة على مواصلة الاتجاه الصعودي، بعد تعرضها لضغوط من قبل الولايات المتحدة بعد جلسات استماع قانونية على عملة «فيسبوك»، وهو ما أدى إلى إثارة قلق المستثمرين. وبالتالي فإن المعنويات السلبية قد تدفع سعر «البيتكوين» إلى الأسفل مرة أخرى؛ حيث انخفض سعر «البيتكوين»، الذي كان يقترب من مستوى 13 ألف دولار خلال الأسبوع الماضي، إلى 9.800 ألف دولار في الوقت الحالي. وذلك بعد أن أغلقت عملة «البيتكوين» عند أقل من 9.614 ألف دولار، بنهاية تداولات الثلاثاء الماضي، والتي تعتبر واحدة من أكبر الخسائر اليومية في الأسعار خلال العام؛ ما يؤكد حدوث تغير في الاتجاه الصعودي على المدى القصير.
وتخاطر الأسعار بالهبوط إلى مستوى 9.097 ألف دولار (أعلى سعر ليوم 30 مايو الماضي) خلال الأيام المقبلة. والإغلاق أدناه من شأنه أن يعرض العملة بالانزلاق إلى مستوى 8100 دولار.
رفض أمريكي
ويأتي التراجع في سوق العملات المُشفرة في أعقاب تعليقات شديدة اللهجة من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ورئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول، ووزير الخزانة ستيفن منوشين حول «البيتكوين»؛ حيث أعرب الثلاثي عن استيائهم من العملة المشفرة، معتقدين أنها تسهل صناعة إجرامية واسعة النطاق تبلغ مليارات الدولارات. حتى إن وزير الخزانة ستيفن منوشين وصف سوق العملات المُشفرة بأنه تهديد للأمن القومي، وهو ما أرسل موجة من المشاعر السلبية إلى صناعة التشفير الأمريكية.
وينتقد دونالد ترامب العملات المشفرة، ويطالب الشركات بالسعي إلى استئجارها وجعلها خاضعة للوائح الولايات المتحدة واللوائح العالمية إذا أرادوا أن يصبحوا بنكًا. وكتب ترامب على تويتر: «لست من محبي «بيتكوين» والعملات الافتراضية الأخرى»، مضيفًا: «إنها ليست أموالًا، وقيمتها شديدة التقلب».
وتأتي تعليقات ترامب بعد يوم واحد من إخبار رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول، للمشرعين بأن خطة «فيسبوك» لبناء عملة رقمية تسمى «Libra» لا يمكنها المضي قدمًا ما لم تعالج المخاوف بشأن الخصوصية وغسل الأموال وحماية المستهلك والاستقرار المالي.
وسبق أن أعلن «فيسبوك»، خلال يونيو الماضي، إطلاق عملته العالمية المشفرة في عام 2020. وسيشكل «فيسبوك» و28 شريكًا آخرين، بما في ذلك «MasterCard Inc» و«PayPalHoldings Inc» و«UberTechnologiesInc»، جمعية «Libra» التي تحكم العملة الجديدة.
وقال باول، إن بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي أنشأ مجموعة عمل؛ لمتابعة المشروع والتنسيق مع البنوك المركزية للحكومات الأخرى. ومن المتوقع أيضًا أن يقوم مجلس مراقبة الاستقرار المالي الأمريكي، وهو هيئة من المنظمين تحدد المخاطر التي يتعرض لها النظام المالي، بإجراء مراجعة للعملة الجديدة.
ماهية العملات الافتراضية
العملات المشفرة هي نوع من العملات الرقمية، وباستخدام العملات الافتراضية، يمكن إجراء مدفوعات بين الأشخاص، وهناك بالفعل العديد من الشركات التي تقبل هذا النوع من العملات، على الرغم من أنه ليس نظامًا رسميًّا حتى الآن. ويسمح بعض الأشخاص بالفعل بإجراء عمليات الشراء من خلال مواقع الويب الخاصة بهم باستخدام «Bitcoin»، وهو شكل العملة الرقمية الأكثر انتشارًا حاليًّا في العالم.
وقد تم إنشاء «Bitcoin»، العملة الرقمية الأكثر شهرة، في عام 2008 كبديل للعملات التي تسيطر عليها الحكومات والمصارف، لكن تظل عمليات تشفير العملات والعملات الرقمية غير خاضعة للرقابة إلى حد كبير، كما واجهت السوق مزاعم غسل الأموال وتمويل الإرهاب.
وتجدر الإشارة إلى أنه من أجل إجراء مدفوعات بأي نوع من أنواع العملات المشفرة، من الضروري أن يكون لديك حساب يحتوي عليها، تمامًا كما هو الحال في التعامل ببطاقات ائتمان بها اليورو أو الجنيه أو الدولار، ومن الممكن أيضًا الحصول على بطاقة حساب مع عملة «البيتكوين» أو بعض فئات العملات المشفرة الأخرى.
وتستخدم العملات المشفرة تقنيات التشفير لحماية أمن العملة، وبالتالي ضمان عدم إمكانية تزويرها. ولا يمتلك أي شخص بمفرده مفاتيح التشفير الضرورية لأداء أي نوع من أنواع العمليات، لكن تتم إدارة هذه العملات من خلال قاعدة بيانات تسمى «blockchain» يتم فيها تسجيل جميع المعاملات التي يقوم بها المستخدمون بشكل دائم.
ولتحسين الأمان، من الضروري لمجتمع العملات المشفرة أن يوافق على كل معاملة حتى لا يتمكنوا من تكرار المعاملات؛ لأنه إذا تم قبول معاملة واحدة، لا يمكن قبول معاملة أخرى لنفس الكود.
أهمية عالمية
وتكتسب العملات الافتراضية قوة جذب كبيرة على صعيد الاقتصاد العالمي، وسيكون لها بالتأكيد المزيد من الاستخدامات المتعددة في السنوات المقبلة. وتتزايد شعبيتها برغم عدم اليقين السائد في الأسواق الاقتصادية الليبرالية الجديدة اليوم. وعند الإشارة إلى التغييرات العالمية الحديثة، يجب النظر باهتمام لعالم العملات المشفرة، وهو نظام نقدي افتراضي تم تقديمه كبديل رائع للنظام المالي العالمي الحالي.
وينمو سوق العملات المشفرة بسرعة كبيرة، وهذا هو السبب وراء ارتباطها بأسواق الأوراق المالية؛ حيث قاموا بوضع وتطوير لوائح لمحاولة السيطرة على أصول التشفير، كونها أحد الأهداف التي يقرر من خلالها معظم المستثمرين وضع أموالهم في هذا التشفير الجديد العالم الافتراضي.
وتستخدم العملات الافتراضية التشفير الرقمي لعملياتها والتي يمكن بها إجراء معاملات اقتصادية دون الحاجة إلى وسطاء. وتستخدم هذه العملات الرقمية التشفير؛ لإنشاء اقتصادات أكثر أمانًا بخصوصية أكبر لا تستجيب لسيطرة أي بلد أو مؤسسة؛ نظرًا لأنها لا مركزية تمامًا.
وبدأت هذه العملات الافتراضية في الظهور في العام 2009 مع ظهور «البيتكوين» كوسيلة بديلة للنظام المالي العالمي. وحتى الآن، ظهرت أنواع كثيرة من العملات المشفرة، وأنشئت سوق عملات تشفير جديدة يستثمر فيها المزيد والمزيد من الناس بمليارات الدولارات بشكل يومي.
والفرق الأكبر بين هذه العملات الإلكترونية فيما يتعلق بالأموال التقليدية هو أنه موجود فقط على الإنترنت، ويمكننا الحصول عليها فقط في شكل رقمي مقارنةً بالتفاعل النقدي التقليدي. وكانت تلك هي أكبر ميزة جعلت العديد من الناس تبدأ في استخدام تلك العملات المشفرة لتبادل السلع والخدمات.