تجاوزت 22 تريليون دولار.. الديون الأمريكية تتفاقم وتهدد بأزمة كبرى

عائدات السندات الحكومية تتراجع
تجاوزت 22 تريليون دولار.. الديون الأمريكية تتفاقم وتهدد بأزمة كبرى

حطمت الولايات المتحدة رقمًا قياسيًّا جديدًا في مستوى الديون، بتجاوزها نحو 22 تريليون دولار، وهو أعلى مستوى للديون منذ الحرب العالمية الثانية؛ ما يجعل أمريكا على وشك أزمة ديون على المدى القريب.

وتجدر الإشارة إلى أن الدول التي لديها عبء دين أعلى من الولايات المتحدة، هي البرتغال وإيطاليا واليونان. وأصبحت تلك الدول تعاني من الإنفاق المسرف والمشاكل الاقتصادية المتعددة، بل ودخلت اليونان منذ سنوات في أزمة مالية وأزمة ديون لم تتعاف منها حتى الآن.

كذلك تدفع الولايات المتحدة فائدة على ديونها، وتزداد تلك المدفوعات مع نمو حجم الدين، ولو بقيت أسعار الفائدة نفسها ثابتة. وفي السنوات القليلة المقبلة، من المتوقع أن ترتفع مدفوعات أسعار الفائدة بسرعة، لتصل إلى مستويات لم تشهدها أمريكا منذ أوائل التسعينيات.

ولا تزال الشكوك حول التوترات التجارية والمخاوف بشأن قوة الاقتصاد العالمي، تؤثر في التوقعات الاقتصادية الأمريكية؛ حيث شهد التضخم -الذي يرغب محافظو البنوك المركزية في الحفاظ عليه عند نحو 2٪- انعكاسًا خلال العام الماضي، وهو ما يُعد مؤشرًا على ضعف الإنفاق الاستهلاكي في الولايات المُتحدة.

وانخفض مؤشر أسعار المستهلك -الذي يقيس أسعار سلة السلع الاستهلاكية- مما يقرب من 3٪ في عام 2018 إلى 1.8٪ في مايو 2019، كما أشار رئيس البنك المركزي إلى أن الاستثمارات التجارية في جميع أنحاء الولايات المتحدة، تباطأت مؤخرًا بسبب المخاوف بشأن ضعف التوقعات الاقتصادية في جميع أنحاء البلاد.

تفاقم

نمت ديون الحكومة الأمريكية أكثر من تريليوني دولار خلال رئاسة دونالد ترامب؛ حيث بلغت 21.974 تريليون دولار بحلول أوائل عام 2019. وبحسب مكتب ميزانية الكونجرس (CBO)، بلغ الدين القومي الأمريكي 78% من إجمالي الناتج المحلي في عام 2018، وهو أعلى نسبة منذ عام 1950. بالإضافة إلى ذلك، لوحظ أن عجز الموازنة قفز من 3.5% من إجمالي الناتج المحلي في عام 2017، إلى 3.8% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2018.

وارتفع الدين القومي الإجمالي في الولايات المتحدة على مدى 12 شهرًا حتى أبريل الماضي، بمقدار 960 مليار دولار، إلى أكثر من 22 تريليون دولار. وقام المستثمرون الأجانب مجتمعين -مثل البنوك المركزية الأجنبية والهيئات الحكومية، والمستثمرين الأجانب من القطاع الخاص- برفع حيازاتهم من سندات الخزينة الأمريكية على مدى 12 شهرًا حتى أبريل الماضي بمقدار 253 مليار دولار، إلى 6.43 تريليون دولار.

وهناك نحو 8.1 تريليون دولار من الديون تحتفظ بها إدارات الحكومة الأمريكية أو الاحتياطي الفيدرالي. ويشمل هذا الرقم الأوراق المالية الموجودة في حسابات التقاعد الخاصة بالموظفين الفيدراليين أو الصناديق الاستئمانية للضمان الاجتماعي أو أي من الخزانات الموجودة في ميزانية الاحتياطي الفيدرالي.

وكذلك هناك 7.6 تريليون دولار أخرى من الديون يمتلكها مستثمرون محليون. وهذه هي الأوراق المالية القابلة للتسويق التي تحتفظ بها البنوك وصناديق الاستثمار المشتركة وصناديق المعاشات التقاعدية وشركات التأمين، والمستثمرون الآخرون.

وعلى الصعيد الدولي، فإن من أكبر ملاك الديون الصين واليابان؛ حيث تبلغ قيمة كل منهما أكثر من تريليون دولار. وعملت الصين على مدى عقود على الاحتفاظ بسندات الخزانة الأمريكية كجزء من استراتيجيتها لتعزيز عملتها المحلية.

وتراجعت الأهمية النسبية للصين واليابان كدائنَيْن للولايات المتحدة لسنوات؛ حيث تقلصت حيازاتهما، في حين استمر الدين القومي الإجمالي للولايات المتحدة في الازدياد. وانخفضت حيازاتهما مجتمعةً من سندات الخزانة الأمريكية إلى 9.9٪ من إجمالي الدين القومي للولايات المتحدة؛ حيث تمتلك الصين 5.1٪، واليابان 4.8٪ من الديون الأمريكية.

انكشاف

ومن المثير للاهتمام، أن الصين (أكبر دائن أجنبي للولايات المتحدة)، باعت ما قيمته 69 مليار دولار من سندات الخزينة الخاصة بها على مدار فترة الاثني عشر شهرًا، منها 17 مليار دولار في مارس وأبريل فقط. وفي نهاية أبريل الماضي، انخفضت الحيازات الصينية من الديون الأمريكية إلى 1.11 تريليون دولار (من الذروة عند 1.25 تريليون دولار في فبراير 2016).

وعلى الجانب الآخر، أضافت اليابان (ثاني أكبر دائن أجنبي للولايات المتحدة) 32 مليار دولار من سندات الخزينة إلى ممتلكاتها على مدار 12 شهرًا، حتى بعد أن تراجعت بنحو 14 مليار دولار في أبريل الماضي، إلى 1.06 تريليون دولار (من الذروة عن 1.24 تريليون دولار في نهاية عام 2014).

ومن المتوقع أن يتحول الدين الفيدرالي لأمريكا إلى «مستويات غير مسبوقة» على مدار الثلاثين عامًا المُقبلة، إذا فشل صناع السياسة في تغيير القوانين؛ ما قد يدفع البلاد إلى خطر «أزمة مالية»، وفقًا لتقرير جديد صدر عن مكتب ميزانية الكونجرس غير الحزبي.

وقال البنك المركزي إن من المتوقع أن يرتفع الدين الفيدرالي من 78٪ من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2019 إلى 92٪ في عام 2029 و 144٪ في عام 2049، وهو الأكبر على الإطلاق في التاريخ. وهذا المستوى من الديون سيكون أعلى مستوى في تاريخ البلاد حتى الآن، وسيكون على المسار الصحيح للزيادة بشكل أكثر.

عواقب

وقال مركز سياسة الحزبين الجمهوري والديمقراطي (BPC) الأمريكي -في تقرير نُشر الاثنين الماضي- إن الحكومة الفيدرالية الأمريكية لن تكون قادرة على سداد فواتيرها بالكامل في الوقت المحدد في النصف الأول من شهر سبتمبر المُقبل.

وأكد مؤلفو التقرير أنه في شهري يوليو وأغسطس من العام الجاري، ستستمر وزارة الخزانة الأمريكية في إنفاق الأموال على التدابير ذات الأولوية والطوارئ، وفي الوقت ذاته ستكون الإيرادات للسنة المالية 2019 منخفضة إلى حد ما؛ حيث بلغ إجمالي نمو الإيرادات أقل من 3% على أساس سنوي، وهو ما يزيد الديون المحلية من أجل الوفاء بالالتزامات المالية للموازنة العامة للدولة.

ويعتقد المحللون أن الوقت الأكثر ترجيحًا للتقصير من جانب الحكومة الفيدرالية، في حالة حدوثه، هو بداية شهر أكتوبر المُقبل. وقال شاي أكاباس مدير السياسة الاقتصادية في المركز: «جميع التوقعات تحمل حالة من عدم اليقين، لكن بالنظر إلى العواقب الاقتصادية المدمرة المحتملة، سيكون من غير المسؤول أن يتجاهل الكونجرس هذه التوقعات الجديدة. والطريقة الوحيدة لإلغاء إمكانية التخلف عن السداد هذا العام هي تمرير تمديد حد الديون في المستقبل القريب».

وانخفضت عائدات ديون الحكومة الأمريكية، يوم الأربعاء، بعد أن قال رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول، في تصريحات معدة؛ إن توقعات التضخم تبدو ضعيفة، وإن البنك المركزي سيتصرف «حسب الاقتضاء» للحفاظ على التوسع الاقتصادي.

وتحرك العائد على سندات الخزانة القياسية لمدة عشر سنوات، خلال تداولات الأربعاء، بعيدًا عن أعلى مستوياته التي سجلها في وقت سابق من الجلسة عند 2.06٪، في حين كان العائد على سندات الخزانة لمدة 30 عامًا أعلى قليلًا عند 2.568٪. وانخفض عائد سندات الخزانة لمدة عامين، وهي السندات الأكثر مرونةً للتغيرات في سياسة بنك الاحتياطي الفيدرالي، بنحو سبع نقاط أساس ليصل إلى 1.834٪.

عجز

كذلك ارتفعت مستويات العجز عقب اثنين من إجراءات التحفيز المالي الرئيسية في ظل إدارة ترامب، بما في ذلك خفض الضرائب بقيمة 1.5 تريليون دولار وفاتورة الإنفاق الهائلة. ويتفاوض الكونجرس الآن على صفقة جديدة لتحل محل الميزانية التي تنتهي في الأول من أكتوبر المُقبل.

وقال مايكل بيترسون الرئيس التنفيذي لمؤسسة بيتر ج. بيترسون: «من السيئ بما فيه الكفاية أن يصل العجز السنوي لدينا إلى تريليون دولار، لكن توقعات البنك المركزي على المدى الطويل تظهر أن العجز سيستمر في النمو في المستقبل، مع عدم وجود نهاية في الأفق»، مُضيفًا أن هذه التوقعات الواضحة يجب أن تحفز المشرعين على البدء في إدارة الديون على الفور، ووضع ميزانية مسؤولة لمساعدة أمريكا على مواجهة التحديات الأكثر إلحاحًا.

ومن المتوقع أن يرتفع العجز الفيدرالي مع تجاوز الإنفاق للضرائب التي تجمعها الحكومة الفيدرالية. ويتوقع أن يرتفع العجز كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي من 4.2٪ إلى 4.5٪ في العقد المقبل. وهذا أكثر بكثير من معدل 2.9٪ على مدى السنوات الـ50 الماضية.

قد يعجبك أيضاً

No stories found.
logo
صحيفة عاجل
ajel.sa