رحبت منظمة العفو الدولية، اليوم الأربعاء، بقرار شركة «فولكسفاجن»، الألمانية للسيارات، بعدما اتخذت خطوة عقابية ضد الرئيس التركي، رجب أردوغان، وبادرت بتجميد خطط استثمارية بقيمة 1.4 مليار دولار، تشمل إنشاء مصنع للشركة في تركيا، وقال الخبير الاقتصادي بالمنظمة في ألمانيا، ماتياس يون: «نرحب بأخذ شركات مثل فولكسفاجن الظروف الأساسية لحقوق الإنسان أيضًا في الاعتبار وبشكل واضح، عند اتخاذ قراراتها».
وفيما يرى نحو 90% من الشركات الأعضاء اتحاد أرباب العمل الألمانية أنه لا توجد ضمانات قانونية أو ضمانات تخطيط في تركيا، فقد أوضح «يون»، بحسب صحيفة «هانوفرشيه ألجماينه تسايتونج»، أن «مراعاة ظروف حقوق الإنسان في القرارات الاقتصادية من واجبات الشركات على مدار جميع مراحل التوريد والاستثمار»، على خلفية إعلان شركة فولكسفاجن تجميد إنشاء مصنع لها بالقرب من مدينة «أزمير»، التركية، بعد العملية العسكرية الإجرامية «نبع السلام»، التي ينفذها أردوغان لغزو شمال سوريا.
وقال متحدث باسم الشركة، أمس الثلاثاء، إن مجلس إدارة الشركة قرر تأجيل قراره بشأن المصنع الجديد، وقوبل قرار الشركة -وفق وكالة الأنباء الألمانية- بترحيب من جانب ممثلين عن الاقتصاد أيضًا، حيث طالب فولكر شميت، المدير التنفيذي لاتحاد «HAZ»، لأرباب العمل بولاية سكسونيا السفلى، بأن يكون هناك مزيد من النقاشات بشأن مدى إمكانية الثقة في تركيا فيما يتعلق بالجانب السياسي.
وفاجأت شركة «فولكسفاجن»، الرئيس التركي رجب أردوغان، وحكومته، أمس الثلاثاء، بإرجاء قرارها النهائي بشأن بناء مصنع للسيارات في تركيا، في ظل الانتقادات الدولية للعملية العسكرية الإجرامية في شمال سوريا، ومخاوف الشركة من العقوبات الدولية المتتابعة على حكومة أردوغان، فيما أكد متحدث باسم الشركة، وفق صحيفة هاندسبلات، أن الشركة «تتابع الوضع ببالغ الاهتمام».
وأنشأت «فولكسفاجن»، في وقت سابق لعملية الغزو التركي لشمال سوريا، وحدة تابعة لها في إقليم مانيسا غرب البلاد، قبل أن توضح أنها تتجه لإلغاء مشاريع في تركيا بقيمة 1.4 مليار دولار، يتصدرها إلغاء مشروع بناء منشآت لتصنيع السيارات، إثر الاضطراب السياسي التى سببتها تركيا، وقالت الشركة بحسب «بلومبرج»: «بناء منشأة جديدة للتصنيع تم تأجيله.. نراقب الوضع عن كثب ونشعر بقلق عميق إزاء التطورات الراهنة».
وكانت الشركة الألمانية أقامت وحدة تصنيع في تركيا، غرب مدينة مانسيا، بداية أكتوبر الحالي، تمهيدًا لبناء منشأة كاملة لتصنيع السيارات في البلاد، في إطار جهود الشركة لزيادة مبيعاتها في الشرق الأوسط وشرق أوروبا، لكن العدوان التركي الأخير أوقف تلك الخطط.
ويأتي ذلك في الوقت الذي أكدت فيه مصادر «بلومبرج» اتجاه الحكومة الأمريكية لفرض المزيد من العقوبات الاقتصادية على أنقرة، بعد وضع ثلاثة مسؤولين أتراك على قائمة العقوبات الدولية، وزيادة التعريفة الجمركية على بعض البضائع التركية ردًا على العملية العسكرية في شمال سوريا.
وقالت المصادر إن الجولة المبدئية من العقوبات ستشمل مجموعة واسعة من المسؤولين الأتراك وتنتظر فقط الموافقة النهائية من الرئيس دونالد ترامب، كذلك تدرس الإدارة فرض عقوبات تستهدف المعاملات العسكرية وصادرات الأسلحة وشحنات الطاقة.
وكان للعدوان التركي بسوريا تأثير سلبي على الليرة التركية التي تهاوت حوالي 0.94% في معاملات، أمس الإثنين، لتصل إلى 5.9 ليرة للدولار الواحد، لتفقد الليرة 4.5% من قيمتها خلال شهر واحد.
وكشفت وكالة «رويترز»، عن أن الليرة التركية أصبحت «العملة الأسوأ» عالميًّا؛ حيث هوت في أعقاب التوغل العسكري التركي في سوريا؛ لتصبح الأسوأ أداء بين العملات الرئيسة في العالم في أكتوبر، في تحرك يبدو أشد قتامة في ضوء ارتفاع معظم عملات الأسواق الناشئة.
وفقدت الليرة 5% هذا الشهر مقابل الدولار في تحرك استثنائي يتزامن مع ارتفاع مؤشر «إم. إس. سي. آي»، لعملات الأسواق الناشئة 1.3%، فيما تعمق عقوبات دولية على تركيا؛ بسبب جرائم الرئيس التركي رجب أردوغان في سوريا من أزمتها.
وحذر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من «عقوبات كبيرة في الطريق على تركيا»، بعدما هدد بالفعل بـ«محو، اقتصادها إذا مضى هجوم أنقرة الدموي على مناطق الشمال السوري والأكراد لأبعد مما ينبغي...».
واتفقت الحكومات الأوروبية، أمس الإثنين، على تقليص صادرات الأسلحة إلى تركيا، وقال خبير الأسواق الناشئة لدى ألاينس جلوبال إنفستورز، ريتشارد هاوس «أجد صعوبة في رؤية أي حدث يصلح كمحفز إيجابي لتركيا في الوقت الحاضر.. ما يحدث هو أمر مذهل تمامًا».
وصنف «جيه. بي مورجان»، الليرة، في مقدمة العملات الأكثر انكشافًا على التقلبات السياسية، وحذر «جولد مان ساكس»، من المخاطر الجيوسياسية والسياسة الاقتصادية المحلية، في حين تساءل بنك «رابو»، إذا كانت الليرة على شفا أزمة جديدة؟
وخفض «دويتشه بنك»، نظرته لأدوات الدخل الثابت التركية، وخفضت «أوكسفورد إيكونوميكس» مستوى رؤيتها لتركيا، وقال بيوتر ماتيس من بنك رابو: «إذا قرر الكونجرس الأمريكي فرض عقوبات على تركيا، فإن هذا التحرك الصغير نسبيًّا في الليرة سيكون على الأرجح مجرد بداية».
وأعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، أمس الإثنين، زيادة الرسوم على واردات الصلب التركية بنسبة 50 بالمئة، ووقف المفاوضات بشأن اتفاق تجاري مع أنقرة، وأضاف، عبر في بيان، أن الولايات المتحدة ستفرض عقوبات إضافية قوية على مسؤولين حاليين وسابقين في الحكومة التركية.
وتابع: «الهجوم العسكري التركي يعرض المدنيين للخطر، ويهدد السلام والأمن والاستقرار في المنطقة.. كنت واضحًا تمامًا فيما يتعلق بالتحرك التركي، الذي أدى إلى حدوث أزمة إنسانية وتهيئة الظروف لجرائم حرب محتملة».
وأوضح ترامب أن الرسوم ستعود إلى ما كانت عليه قبل تخفيضها في مايو الماضي، وأكد أن الاستهداف العشوائي للمدنيين وتدمير البنية التحتية المدنية واستهداف الأقليات العرقية أو الدينية هو أمر غير مقبول، خلال عملية «نبع السلام» العسكرية التركية لغزو شمال سوريا.
بدورها، أعلنت وزارة الخزانة الأمريكية فرض عقوبات على وزارتي الدفاع والطاقة التركيتين، وشملت العقوبات وزراء الدفاع والطاقة والداخلية؛ بسبب الجرائم التي ارتكبتها أنقرة خلال العملية العسكرية في شمال سوريا.
وأوضحت الخزانة الأمريكية، في بيان، أن العقوبات طالت وزارتي الدفاع والطاقة التركيتين، بالإضافة إلى وزراء الدفاع والطاقة والداخلية، وأن إدراج المسؤولين الأتراك على قائمة العقوبات جاء نتيجة لأعمال الحكومة التركية التي تقوض السلام والأمن والاستقرار في المنطقة.
إلى ذلك، أكّدت وزارة الخزانة والمالية التركية، التى يديرها برات البيراق، زوج ابنة أردوغان، أن الديون الخارجية للبلاد ارتفعت بنسبة 62%، وأصبحت 446.9 مليار دولار، وذلك وفق بيان رسمي يرصد إحصاءات إجمالية وصافي الدين الخارجي، والديون الخارجية التي تضمنتها الخزانة، وصافي رصيد دين القطاع العامّ، والدين الحكومي المحدد من الاتحاد الأوروبي.
وأقدم برات البيراق، زوج ابنة أردوغان، وزير المالية، على خطوة مثيرة للجدل، بعدما شرع في طرق أبواب الصين واليابان وروسيا للاستدانة من الدول المذكورة، إثر فشل الحكومة التركية في الحصول على قروض من الولايات المتحدة وأوروبا، لـ«قناعة الغرب الأوروبي- الأمريكي بعدم قدرة أنقرة على السداد، في ظل تراكم ديونها الداخلية والخارجية»، وفق تأكيدات مراقبين.
وستزيد هذه الخطوة -وفق خبراء اقتصاد، ومؤسسات دولية- من أزمة الاقتصاد التركي، الذي يتحكم أردوغان وزوج ابنته في التحكم في قراراته، والتي كان لها تأثير مدمر؛ ما رفع حجم الدين الخارجي المستحق حاليًّا إلى 446.9 مليار دولار، وهبوط الاستثمار الأجنبي من 22 مليار دولار إلى 13 مليار دولار، فيما بلغ معدّل البطالة 12.8%.
ويواجه الاقتصاد التركي خسائر كبيرة، كان من نتائجها تهاوي قيمة الليرة بشكل غير مسبوق، التركية، بسبب السياسات الفاشلة لأردوغان وزوج ابنته، قبل مبادرة وزارة المالية التركية، التي يديرها بيرات البيرق، بالكشف صراحة عن تراجع العملة المحلية، وتدهور المؤشرات الاقتصادية، وأشارت بيانات رسمية إلى أن 33% من سوق العمل في تركيا اتجهت إلى الاقتصاد غير الرسمي، وهو ما يصعّب على الحكومة مهمة تحقيق أهدافها المالية.
وباتت تركيا سادس أعلى معدل تضخم في العالم، ما يعني انحرف تركيا كثيرًا عن المعدل المتوسط في الاقتصادات النامية والناشئة، ويعيدها في الوقت نفسه إلى لأجواء عام 1999، وكشفت ببيانات التجارة الخارجية عن انكماش في الصادرات، ووجود مشكلات في قطاع الصناعات التحويلية، ومع التراجع الحاد لقطاعات الاقتصاد التركي، تطرح وكالات التصنيف الائتماني الدولية منذ فترة كبيرة تساؤلات حول كيف ستسدد تركيا ديونها الخارجية المتراكمة.
وقالت معلومات منسوبة لصندوق النقد الدولي إن الأرقام التي تعلنها تركيا عن الناتج المحلي الإجمالي للبلاد مضللة، فيما حملت الصحافة الدولية زوج ابنة أردوغان مسؤولية أزمات الاقتصاد التركي، وحملت أردوغان الجزء الآخر من المسؤولية في ظل تضارب قراراته السياسية، التى كان من بينها القرار الكارثي بإعادة الانتخابات البلدية في إسطنبول، وتأثيره المدمر على الاقتصاد التركي، قبل أن يحاول أردوغان تحميل المسؤولية لمدير البنك المركزي السابق!
وانخفضت مبيعات السيارات الخاصة والمركبات التجارية الخفيفة في تركيا خلال الأشهر الثمانية الأولى من العام الجاري بنسبة 45.66%، مقارنة بالفترة ذاتها من عام 2018، وبنسبة 23.58%، وذكر تقرير أن المؤشرات الفرعية أظهرت تراجع القطاع الصناعي بنسبة 3.2%، كما انخفض قطاع البناء بنسبة 28.9% وقطاع الخدمات التجارية انخفض بنسبة 2.1% في الربع الثاني من 2019 على أساس سنوي.
وانخفض مؤشر ساعات العمل المعدل بما في ذلك قطاعات الصناعة والتشييد والخدمات التجارية بنسبة 9.2% في الربع الثاني من عام 2019 مقارنة بالربع المماثل من العام السابق، ووفق المؤشرات الفرعية، فإن تراجعًا طرأ على مؤشر ساعات العمل في القطاع الصناعي بنسبة 6.6%، وانخفض المؤشر في قطاع البناء بنسبة 32.1%، وفي قطاع الخدمات التجارية بنسبة 4.7%.