كشفت جولة استطلاعية لـ«عاجل»، تزايد الإقبال خاصة من الفتيات على العمل في مجال الذهب والمجوهرات، وذلك بعد مرور عام على توطين هذا القطاع، في الوقت الذي يواجه فيه المستثمرين تحديًا يتمثل في عدم تقبل الفتيات للرواتب التي يتقاضينها، والتي لا تتجاوز الـ4 آلاف ريال، وطالب الشباب بافتتاح أكاديمية لتعليمهم على تلك الحرفة وكل ما يتعلق بها؛ لتحقق الاكتفاء التام بكافة المراحل بدءًا من التصنيع وحتى مرحلة البيع.
تدني الرواتب
قالت مديرة أحد مصانع الذهب والمجوهرات بجدة، حنان العمري، إن هناك إقبالًا متزايدًا على العمل في مجال الذهب والمجوهرات وبأعداد كبيرة، كونه مجالًا جاذبًا خاصة للسيدات، نظرًا لرغبتهن في معرفة كيفية تصنيع الذهب والتعرف على مراحل تصنيعه، إضافة إلى تواجد فتيات يبدعن في مجال تصميم المجوهرات، كونهن يرسمن تصاميم يحبذن أن يلبسنها ويتميزن بها عن غيرهن.
وأضافت العمري، أن ما يقف عائقًا أمام الاستمرار في العمل بمجال المجوهرات هو الرواتب التي تتقاضاها فنية خط الإنتاج، كونه لا يتعدى الـ4 آلاف ريال، وهو ما يمثل عائقًا في الاستمرار بالعمل خاصة لمن تملك منهن شهادة جامعية.
صقل الكوادر
واستطردت العمري قائلة «بالرغم من الإقبال الكبير على العمل بهذا القطاع، إلا أن القطاع لم يكتفِ بعد، ولا يزال بحاجة إلى الشباب والشابات السعوديين، فلا نزال بحاجه لاكتمال منظومة التوطين به»، وتابعت قائلة «إن سوق الذهب والمجوهرات يواجه تحديًا يتمثل في صقل وتدريب الكوادر السعودية للعمل في الذهب؛ لأن مجال تصنيع الذهب كانت تديره العمالة الأجنبية خلال الفترات الماضية، والتي احترفت المهنة منذ سن مبكرة، وتدربوا في بلدانهم على تركيب الأحجار ومعرفة الذهب وطرق تصنيعه، وتأتي في الدرجة الأولى العمالة الهندية يليها العمالة الباكستانية، فهم يشتغلون منذ صغرهم في مجال الذهب».
وأشارت العمري إلى أنه حينما نريد توطين قطاع الذهب والمجوهرات، فلابد من توفير كوادر سعودية محترفة، وذلك بافتتاح أكاديمية لتعليمهم كل ما يخص حرفة الذهب والمجوهرات، وهو ما يضمن توطين كامل القطاع بداية من التصنيع وحتى منافذ البيع.
شح الحرفيين
وأضافت العمري، أن توطين منافذ بيع محلات الذهب سجل نجاحًا كبيرًا، ولكننا كحرفيين ما زلنا بحاجه لعدد أكبر، وبإذن مع التطور والتقدم وما نلمسه من خطط طموحه لخطط ورؤيك المملكة 2030م ستُخلق الفرص وتُزال التحديات.
الملاذ الآمن
من جهته قال الخبير الاقتصادي محمد القحطاني، إن سوق الذهب يهدأ ولكنه لا ينتهي، خاصة إذا ما نظرنا إلى التحديات التي تواجهه سواء في مسألة توطينه بالكامل أو حجم المبيعات وبعض التحديات التصحيحية، مضيفًا أنه من المعلوم أن الذهب هو ملاذ أمن للعديد من المستثمرين، ويعود السبب إلى كونه المعدن الأكثر أمانًا من بين المعادن الأخرى؛ حيث أن الأفراد يعتبرونه ملاذًا آمنًا لحفظ ثرواتهم عند حصول الأزمات المالية والاقتصادية والاجتماعية مثل الحروب وغيرها، وهو ما يرجع إلى ثقتهم بالمعدن الأصفر، بالإضافة إلى عدم إمكانية التحكم بمعدن الذهب من قبل أي منظمة أو هيئة حكومية.
تحديات التوطين
وأضاف القحطاني، أنه منذ بداية التوطين بكافة القطاعات، كانت هناك تحديات تواجه الجهات المستقبلة للشباب والشابات السعوديين، بداية من كونها مهنًا وحرفًا جديدة تم خلقها في الأسواق للسعوديين، موضحا أن تلك التحديات تتمثل في المتطلبات التي يأمل الموظف أن تُحقَّقَ له في أقرب وقت، كالرواتب والمحفزات المالية.
وأوضح القحطاني، أنه على الرغم من التذبذبات إلا أن هناك من أثبت جدارته وأصبح يتقن صنعته وينتظر انعكاسها على دخله الشهري، مقابل أن بعض مسؤولي المؤسسات التجارية بدؤوا يتفهمون أن الحوافز المالية ترفع من إنتاجية مؤسساتهم، وأصبح هناك قابلية من قبل الشباب للعمل، وهو ما تمت ملاحظته في الآونة الأخيرة من خلال منافذ البيع التي يتواجد بها الكثير من الشباب والفتيات.
المحفزات المالية
بدوره قال أحد الموظفين في منافذ بيع الذهب، محمد العتيبي، إنه أكمل نحو 7 أشهر في هذه المهنة، وتَنَقَّل في قطاعات عدة ولم يكن يرفض أي عمل مهما كان نوعه، مضيفًا أن بعض المستثمرين يجدون أن زيادة المرتبات للموظفين بمثابة «كابوس»، مشيرًا إلى أنه وجد محفزات مالية ونفسية خلال عمله في الذهب؛ حيث أصبح يستقبل الزبائن ويتعامل معهم بكل أريحية، إضافة إلى حرصه على رفع نسبة المبيعات من خلال تعامله ومصداقيته التي انعكست على حجم السيولة الشهرية للمحل، وهذا الجهد -بلا شك- لم يكن من فراغ، بل من تكاتف الجهود، بدءًا من الدولة ثم المستثمر وأخيرًا الموظف.