توقعات بارتفاع كبير في أسعار النفط بالعام الجاري

نتيجة لتخفيضات «أوبك +» وعقوبات إيران وفنزويلا
توقعات بارتفاع كبير في أسعار النفط بالعام الجاري

تزايدت احتمالات ارتفاع أسعار النفط خلال العام الجاري، بمعدلات أكبر بكثير من إجماع الآراء في الأسواق، وذلك وفق ما ذكر تقرير جديد أصدره بنك «أوف أمريكا ميريل لينش».

وتشهد سوق النفط تضييقًا سريعًا؛ نتيجة لتخفيضات «أوبك +»؛ لتقليل المعروض من الإمدادات والانقطاعات في إيران وفنزويلا، وتباطؤ إنتاج النفط الصخري في الولايات المتحدة.

ومن المحتمل أن تتسبب الفوضى المتفاقمة في فنزويلا، في عواقب وخيمة على أسواق النفط العالمية؛ حيث أدت الأزمة في فنزويلا لمعاناة إنسانية واسعة النطاق تتسم بنقص الغذاء والدواء، بالإضافة إلى انقطاع التيار الكهربائي على نطاق واسع.

وقالت هيلما كروفت، رئيسة استراتيجية السلع العالمية في «آر بي سي كابيتال ماركتس»: «ببساطة لا نعرف ما يحدث على الأرض في فنزويلا؛ لذا سأكون حذرة بشأن القول إننا في الفصل الأخير».

وأضافت هيلما كروفت: «انقلابات الضباط المبتدئين في فنزويلا تميل لأن تكون دموية وغير منتظمة، ومعدلات النجاح أقل».

لماذا ترتفع الأسعار؟

وتأتي الأزمة في فنزويلا في وقت صعب بأسواق النفط؛ حيث ارتفعت أسعار النفط الخام في عام 2019؛ استجابة لتخفيضات الإنتاج العميقة من قبل «أوبك»، والعقوبات التي فرضتها إدارة ترامب على دولتي «إيران وفنزويلا».

ورغم امتلاك فنزويلا احتياطيات نفطية أكثر من أي دولة أخرى، إلا أن الإنتاج انهار بعد سنوات من نقص الاستثمار، وانقطاع التيار الكهربائي في الآونة الأخيرة والعقوبات الأمريكية على شركة النفط الوطنية PDVSA، وتراجع إنتاج النفط اليومي في فنزويلا من 1.2 مليون برميل في ديسمبر 2018 إلى 750 ألف برميل في مارس 2019، وفقًا لبيانات مستوى الحقل من Rystad Energy.

كما أنه قد يستمر تأثير الخلاف «الأمريكي- الإيراني» بشكل كبير على الأسواق النفطية؛ حيث يبلغ العرض المتأثر 800 ألف برميل يوميًا.

وتعهد ترامب بمعاقبة أولئك الذين يلجؤون لاستيراد النفط من إيران في ظل العقوبات.

وكتب «بنك أوف أمريكا ميريل لينش»، في مذكرة نُشرت في 12 أبريل الجاري، من المتوقع أن يرتفع النفط الصخري للولايات المتحدة بسرعة في حالة ارتفاع أسعار النفط.

كما يقول البنك، في إشارة إلى اللوائح العالمية المتعلقة بالوقود البحري، التي من المقرر أن تدخل حيز التنفيذ في بداية عام 2020، إن اللوائح يمكن أن تعزّز الطلب على نواتج التقطير بمقدار 1.1 مليون برميل في اليوم على أساس سنوي؛ ليكون أعلى معدل دوري خلال شتاء.

وارتفاع الطلب على نواتج التقطير، قد يؤدي إلى ارتفاع أسعار النفط الخام مع سباق المصافي لتحويل الخام إلى نواتج التقطير؛ حيث يمكن تحويل نحو 60% من برميل النفط الخام إلى نواتج التقطير؛ باستخدام مجموعة أدوات التكرير المناسبة.

النمو العالمي

وارتفعت أسعار النفط بنحو 33% خلال العام الجاري، مُقتربًا من أعلى مستوى في ستة أشهر، وجاء ارتفاع الأسعار بسبب الطلب القوي، بما يعكس قوة الاقتصاد العالمي.

وفي حالة استمرار النمو، يقول الاقتصاديون إن النفط سيحتاج إلى الثبات فوق 100 دولار، فيما يعتمد ذلك أيضًا على قوة الدولار أو ضعفه؛ لأن سعر النفط الخام مُقوّم بالدولار.

 هذا ووجد تحليل أجرته جامعة أكسفورد للاقتصاد، يقول إن سعر خام برنت عند 100 دولار للبرميل بنهاية عام 2019، يعني أن مستوى الناتج المحلي الإجمالي العالمي سيكون 0.6%، وهو أقل مما كان متوقعًا حاليًا بحلول نهاية عام 2020، مع ارتفاع معدل التضخم بمتوسط 0.7%.

وكتب الاقتصاديان في جامعة أكسفورد جون باين، وجابرييل ستيرن في مذكرة بحثية: «نرى مخاطر متزايدة لارتفاع أسعار النفط بشكل ملحوظ، فعلى المدى القصير، من المرجح أن تقابل الأسواق مخاطر العرض مع ارتفاع الإنتاج في أماكن أخرى، لكن من أجل دعم الأسعار يتطلب الأمر تضييق العرض، وكل ما يتطلبه الأمر هو صدمة أخرى للإمداد، وهنا يمكن أن يصل النفط إلى 100 دولار».

المنتجون والمستهلكون

ويختلف تأثير ارتفاع أسعار النفط؛ حيث تتمتع الدول المصدرة بدعم من عائدات الشركات والحكومة، في حين أن الدول المستهلكة ستتحمل الزيادة في التكاليف، بما يضر بدخل الأسرة وإنفاقها، مما يؤدي إلى تسارع التضخم، وباعتبارها أكبر مستورد للنفط في العالم، فإن الصين معرّضة للخطر أكثر من غيرها، كما تعتمد العديد من الدول في أوروبا على الطاقة المستوردة.

وتهيمن الاقتصادات الناشئة على قائمة الدول المنتجة للنفط، وهذا هو سبب تأثرها أكثر من الدول المتقدمة، ومن ثم ستساعد الزيادة في الإيرادات في إصلاح الميزانيات وعجز الحساب الجاري، مما يسمح للحكومات بزيادة الإنفاق الذي يحفّز الاستثمار. ومن بين الفائزين من ارتفاع الأسعار المملكة وروسيا والنرويج ونيجيريا والإكوادور، وغيرها من الدول المُصدرة للنفط.

وعلى الرغم من محاولة منتجي النفط في الولايات المتحدة الاستفادة من أي زيادة في المبيعات من العملاء، الذين يبتعدون عن إيران، فإن الاقتصاد الأمريكي المتوسع لن يتمتع بالضرورة من فوائد ارتفاع أسعار النفط إلى 100 دولار للبرميل، بل سيكون ذلك بمثابة ضغط على المستهلكين الأمريكيين، الذين يشكّلون العمود الفقري للنمو الاقتصادي. ويأتي ذلك في الوقت الذي ارتفعت فيه أسعار الغاز بالفعل أكثر من 7% هذا الشهر إلى 2.89 دولارًا للجالون، مما قد يؤثر على مبيعات التجزئة التي قفزت في مارس بأكثر من 2017 منذ عام 2017.

قد يعجبك أيضاً

No stories found.
logo
صحيفة عاجل
ajel.sa