قالت منظمة التعاون الإسلامي، إنها ترفض خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للسلام في الشرق الأوسط.
وأوضحت المنظمة التي تضم 57 دولة والتي تعقد قمة في مدينة جدة؛ لمناقشة الخطة «ندعو كل الدول الأعضاء إلى عدم التعاطي مع الخطة الأمريكية أو التعاون مع الإدارة الأمريكية في تنفيذها بأي شكل من الأشكال».
جاء ذلك خلال اجتماع اللجنة التنفيذية الاستثنائي مفتوح العضوية بمنظمة التعاون الإسلامي على مستوى وزراء خارجية الدول الأعضاء في المنظمة؛ لبحث موقف المنظمة في ضوء ما تشهده القضية الفلسطينية والقدس الشريف، عقب إعلان الإدارة الأمريكية عن خطتها للسلام في 28 يناير الماضي، بحضور رؤساء وفود الدول الأعضاء في المنظمة.
وفي مستهل الاجتماع ألقى الأمير فيصل بن فرحان بن عبدالله، وزير الخارجية، كلمةً رحب فيها بأصحاب السمو والمعالي والسعادة أعضاء الوفود المشاركة في بلدهم الثاني المملكة العربية السعودية، مؤكدًا الأهمية البالغة التي يحظى بها هذا الاجتماع؛ حيث تشهد الدول الإسلامية والقضية الفلسطينية مرحلة دقيقة ومهمة.
وقال: «في هذه المرحلة الحساسة التي تمر بها القضية الفلسطينية، لا بد من التذكير بأن منظمة التعاون الإسلامي قد تأسست في أعقاب حادثة إحراق المسجد الأقصى في القدس الشريف؛ لتكون بمثابة الصوت الجماعي للعالم الإسلامي، والمدافع عن قضايا دوله ومصالحها، والساعي لتحقيق استقرار وأمن شعوبها».
وأكد وزير الخارجية أن القضية الفلسطينية ستبقى القضية المركزية الأولى لهذه المنظمة، ولن يؤثر في ذلك تعدد القضايا والأزمات الإقليمية والدولية التي باتت حاضرة في واقعنا المعاصر، وقال: «لا شك أننا في هذه المنظمة العريقة مطالبون أكثر من أي وقت مضى بالتضامن مع الشعب الفلسطيني دفاعًا عن قضيته العادلة، وذودًا عن حرمه المسجد الأقصى».
وأضاف: «لقد وقفت المملكة العربية السعودية مع الأشقاء الفلسطينيين وساندتهم على جميع المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية منذ عهد الملك المؤسس عبدالعزيز آل سعود -رحمه الله- بدءًا من مؤتمر لندن عام 1935م، الذي وقفت فيه المملكة موقف المؤيد والمناصر للشعب الفلسطيني، إلى عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود -حفظه الله- الذي أطلق على القمة العربية التي عقدت عام 2018م بـ«قمة القدس»، كما بذلت جهودًا كبيرة لنصرة الشعب الفلسطيني الشقيق، والوقوف إلى جانبه في جميع المحافل الدولية لنيل حقوقه المشروعة، وكان من بين تلك الجهود تقديمها مبادرة السلام العربية في العام 2002م، التي أكدت أن الحل العسكري للنزاع لم يحقق السلام أو الأمن لأي من الأطراف، وأن إقامة السلام العادل والشامل هو الخيار الاستراتيجي، وفي الوقت الذي تدعم فيه المملكة كل الجهود والمبادرات الساعية لدفع عجلة التفاوض؛ للتوصل إلى حل عادل وشامل للقضية الفلسطينية، فإنها تؤكد أن نجاح هذه الجهود يستلزم أن يكون هدفها النهائي تحقيق حل عادل يكفل حقوق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية وفق الشرعية الدولية ومقرراتها».
وأكد وزير الخارجية في ختام كلمته مجددًا على وقوف المملكة العربية السعودية في ظل هذه المتغيرات الإقليمية والدولية إلى جانب الشعب الفلسطيني ودعمها لخياراته بما يحقق آماله وتطلعاته، وضرورة العمل الجاد وتآزر الجهود؛ لإنهاء الصراع الفلسطيني الإسرائيلي عبر حل عادل وشامل للقضية الفلسطينية، يكفل مصالح الشعب الفلسطيني واستعادة حقوقه المشروعة.
بعد ذلك ألقى الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي الدكتور يوسف بن أحمد العثيمين كلمةً قدّم فيها الشكر والتقدير لحكومة المملكة العربية السعودية، بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، رئيس القمة الإسلامية الرابعة عشرة، وسمو ولي عهده الأمين -حفظهما الله- على الدعم والرعاية المستمرة التي تحظى بها الأمانة العامة من دولة المقر، مؤكدًا أن ترؤس المملكة العربية السعودية لهذا الاجتماع يعكس ما توليه قيادة المملكة من دعم واهتمام بالقضية الفلسطينية بوصفها قضيتها الأولى والمركزية.
وقال: «لا تزال قضية فلسطين والقدس الشريف القضية المحورية للأمة الإسلامية، وتتصدر سلم أولويات منظمة التعاون الإسلامي، ونؤكد في هذا المقام موقفنا المبدئي ودعمنا الثابت للشعب الفلسطيني في نضاله العادل حتى يتمكن من استعادة حقوقه الوطنية المشروعة بما فيها إقامة دولته المستقلة ذات السيادة وعاصمتها القدس الشرقية، ونجدد التزامنا المشترك بالانخراط المستمر في الجهود الدولية الرامية لتحقيق السلام والأمن والاستقرار والعدالة استنادًا إلى قرارات الشرعية الدولية، ومبادرة السلام العربية».
وأضاف، قائلًا: «إن أملنا أن يتوصل اجتماعنا اليوم إلى موقف يرتقي إلى تطلعات الشعب الفلسطيني، وكل الشعوب الإسلامية، بعدم تبني أي جهود لا تلبي الحقوق الوطنية غير القابلة للتصرف للشعب الفلسطيني، أو تجافي مبادئ العدالة والإنصاف والمسؤولية السياسية والقانونية والإنسانية، أو تخالف المرجعيات القانونية والدولية المتفق عليها للحل السلمي».
وتابع: «نسترشد في موقفنا هذا بالقرارات الصادرة عن مختلف القمم الإسلامية ومجالس وزراء الخارجية المتعاقبة، التي أكدت المبادئ والمرجعيات التي ينبغي أن يقوم عليها أي حل سياسي للقضية الفلسطينية، وفي طليعتها قرارات الشرعية الدولية، ومبادرة السلام العربية التي لا تزال تشكل رؤية واقعية ومشتركة لتحقيق السلام القائم على إنهاء الاحتلال الإسرائيلي لجميع الأراضي الفلسطينية والعربية المحتلة سنة 1967م، واستعادة الحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني بما في ذلك حقه في العودة، وتقرير المصير، وإقامة دولته المستقلة، ذات السيادة، والمتصلة جغرافيًا، وعاصمتها القدس الشرقية.
وأكد دعم منظمة التعاون الإسلامي لأي جهود دولية تسعى لإيجاد حل سياسي للقضية الفلسطينية، يُحافظ على سيادة القانون الدولي، وتَحترم جميع الأطراف التزاماتها بموجب قرارات الشرعية الدولية، وصولًا إلى سلام عادل وشامل في المنطقة، مجددًا دعم المنظمة للسلطة الفلسطينية، برئاسة الرئيس محمود عباس، ودعمها الخيارات الوطنية للشعب الفلسطيني بما يحقق آماله وتطلعاته.