كشفت معلومات، عن اتجاه الحكومة المصرية للاستعانة بـ«وسيط دولي»، من أجل حلّ أزمة سد النهضة مع إثيوبيا، الذي تَبْنِيه أديس أبابا على النيل الأزرق، لاسيما العمل على حلّ الخلافات بين البلدين؛ حيث ترَى مصر ضرورة التدرُّج في ملء الخزان الموجود خلف السد، وسط تأكيدات بأنَّه من المتوقع أن يثير الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مسألة طلب وسيط عندما يلتقِي برئيس حكومة إثيوبيا، آبي أحمد، على هامش القمة الإفريقية- الروسية، خلال الأسبوع الجاري.
وقال مسؤول في وزارة الخارجية المصرية، بحسب رويترز: «نأمل أن يفضي هذا الاجتماع لاتفاق فيما يتعلق بمشاركة طرف رابع.. يَحْدُونا أمل أن نتوصل إلى صيغة خلال الأسابيع القليلة القادمة». فيما قال مسؤولون آخرون، إنهم اقترحوا أن «يكون البنك الدولي طرفًا رابعًا وسيطًا»، لكنهم تركوا الباب مفتوحًا أمام احتمال أن يكون الوسيط بلدًا لديه خبرة فنية بشأن مسائل تقسيم حصص المياه مثل الولايات المتحدة أو الاتحاد الأوروبي.
ورفضت إثيوبيا مقترحات قدَّمتها مصر في الآونة الأخيرة بأن تكون عملية ملء الخزان خلف السد مرنة وضمان تدفق المياه بنحو 40 مليار متر مكعب سنويًا، ولم تفضِ جولات المحادثات في القاهرة والخرطوم خلال الشهرين الماضيين إلى اتفاق؛ حيث تعتمد مصر على النيل في الحصول على كل إمدادات المياه الصالحة للشرب تقريبًا وتواجه فقرًا مائيًا متزايدًا مع وصول عدد سكانها إلى نحو مائة مليون نسمة. وتقول مصر: إنها تعمل على تقليل المياه المستخدمة في الزراعة.
ويعتبر خبراء المياه أنَّ البلد يواجه فقرًا مائيًا إذا قلَّ فيه نصيب الفرد عن ألف متر مكعب سنويًا، ويقول مسؤولون مصريون: إن نصيب الفرد في مصر يبلغ حاليًا 570 مترًا مكعبًا من المياه سنويًا، وإن من المتوقع أن يصل إلى 500 متر مكعب بحلول عام 2025، دون وضع الخسائر المحتملة من تشييد سد النهضة في الحسبان.
وشهدت أزمة سد النهضة الإثيوبي تطورات جديدة، بعد بيان صادر عن الحكومة الإثيوبية، في السابع من أكتوبر الجاري، يؤكّد «استعداد أديس أبابا لحل أي خلافات ومخاوف معلقة بالتشاور بين الدول الثلاثة المشاطئة لنهر النيل»، وأوضح البيان الصادر عن مكتب رئيس الحكومة جرى تأكيده، أنَّ «من حق جميع الدول الـ11 المطلة على النيل الاستفادة من مياهه على أساس مبادئ الاستخدام العادل وعدم التسبُّب في أي ضرر كبير».
يأتِي هذا فيما أكَّد الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، عقب إعلان تعثر المفاوضات، أن «الدولة المصرية بكل مؤسساتها ملتزمة بحماية الحقوق المائية الخاصة بنهر النيل، وباتخاذ ما يلزم من إجراءات سياسية، في إطار القانون الدولي»، وتلقى أزمة سد النهضة بظلالها الكثيفة على العلاقات بين القاهرة وأديس أبابا، بعد إعلان القاهرة رسميًّا وصولها إلى طريق مسدود بعد سنوات من المفاوضات، إثر تجاهل إثيوبيا المطالب الخاصة بمدة ملء خزان السد النهضة، وأنها يجب أن تكون سبع سنوات، لا أربع سنوات.
غير أنَّ بيان الحكومة الإثيوبية يجدّد الأمل في التوصل إلى حل للأزمة، خاصةً بعدما شدَّد على تعزيز جهودها لإنجاح الحوار الثلاثي المستمر، وحثّت الحكومة الإثيوبية بلدي المصب؛ مصر والسودان على إظهار التزام مماثل، فيما يطرح خبراء عدة خيارات للحل، تستبعد جميعها السيناريو العسكري، يتصدرها «تقديم شكوى إلى مجلس الأمن الدولي، وإذا تم قبولها تحال إلى محكمة العدل الدولية للبت فيها».
وضمن الخيارات «لجوء مصر إلى دول صديقة مثل الصين أو الولايات المتحدة للعب دور الوسيط»، أو «سحب استثمارات مصر من إثيوبيا، وحث دول حليفة على القيام بالمثل». وتبرز في هذا الإطار، دعوات لـ«حل الخلاف في إطار المنظومة الإفريقية»، ومن الخيارات التي يطرحها المراقبون: «عمل القاهرة مع إيطاليا لوقف شركاتها عن استكمال أعمال البناء، امتثالًا لقواعد البنك الدولي، التي تنص على عدم بناء أي منشأة تؤدي إلى تأخير وصول المياه أو إنقاصها دون موافقة دولة المصب».
وبدأت مفاوضات سد النهضة قبل نحو أربع سنوات عقب توقيع اتفاق مبادئ بين مصر والسودان وإثيوبيا، يلزم كلًّا منهما بمراعاة مصالح الدولتين الأخريين، لكن جولات المباحثات المتتابعة لم تحقق أي تقدُّم بسبب الرفض الإثيوبي لإطالة الأمد المحدد لملء السد لتلافي الإضرار بالمصالح المصرية.