عام من الأزمة الأوكرانية.. طي صفحة السلام على صخرة التحشيدات العسكرية والعقوبات الغربية

الحرب في أوكرانيا
الحرب في أوكرانيا

فيما أكملت الأزمة الأوكرانية اليوم الجمعة، عامها الأول، كانت هناك عقبات كأداء تقف في الطريق إلى نهاية وشيكة للحرب.

فعام واحد من الحرب الأوكرانية كان كفيلا بالتأثير على معظم بلدان العالم، إلا أن نهاية وشيكة للحرب، لا يبدو أنها تلوح في الأفق، وخاصة مع تكثيف روسيا هجماتها على أوكرانيا، بينما تستعد كييف لهجمة مضادة قد تعيد لها نغمة الانتصارات التي فقدتها على إثر التقدم الروسي الأخير.

وبين هذين الهجومين، ظلت الحلول الدبلوماسية والعسكرية أسيرة التطورات، التي قد تحدث لاحقًا.

فرغم أن روسيا أو أوكرانيا لم تكشفا عن أرقام رسمية لأعداد الضحايا، إلا أنه يُعتقد أن كلا البلدين تكبد خسائر فادحة في ساحة المعركة منذ أن شن فلاديمير بوتين الحرب في 24 فبراير 2022.

حجر صيني في المياه الراكدة

وبالتزامن مع الذكرى الأولى، دعت الصين في ورقة وزارة الخارجية المكونة من 12 نقطة إلى وقف شامل لإطلاق النار ووقف تصعيد تدريجي، إذ دخلت الحرب عامها الثاني بلا نهاية تلوح في الأفق.

من غير المرجح أن تتلقى دعوة بكين لوقف إطلاق النار الدعم في كييف حتى تنسحب روسيا من الأراضي التي احتلتها، وهي قضية لم يتم تناولها في ورقة الموقف المكونة من 12 نقطة.

واستبعدت زانا ليشينسكا، القائمة بالأعمال في سفارة أوكرانيا في بكين، وقف إطلاق النار الذي من شأنه أن يجمد الصراع على طول خط المواجهة الحالي.  

وفي غضون ذلك، لا يُظهر الزعيم الروسي فلاديمير بوتين ولا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أي علامات على التراجع والتخلي عن أحد أكبر الصراعات العسكرية منذ نهاية الحرب العالمية الثانية.

استراتيجية روسيا.. مقاومة أوكرانية مفاجئة

يبدو أن بوتين عازم على إعادة التقييم لأكثر من 30 عامًا، وإنشاء منطقة أمنية واسعة تهيمن عليها روسيا مثل تلك التي كانت موسكو ترأستها في أيام الاتحاد السوفيتي. 

وفي ديسمبر 2021، قبل أشهر من الغزو، قدمت روسيا لحلف شمال الأطلسي والولايات المتحدة مجموعة من المطالب المكتوبة التي قالت إنها ضرورية لضمان أمنها ولكن من المستحيل على الغرب الوفاء بها. وكان من بين أهمها ضمان عدم انضمام أوكرانيا إلى الناتو أبدًا، وأن يقوم الناتو بسحب قواته في دول أوروبا الشرقية التي انضمت بالفعل.

وبعد أيام من هجومها الأولي قبل عام من يوم الجمعة، جاءت استراتيجية روسيا الواضحة للاستيلاء السريع على كييف والإطاحة بحكومة زيلينسكي وجهاً لوجه مع حقيقة مغايرة، إذ كانت المقاومة الأوكرانية أقوى بكثير مما كان متوقعًا، بفضل الدعم الأمريكي والغربي.

دعم غربي لأوكرانيا

مع تهديد روسيا بالغزو، أوضح الرئيس بايدن أن إدارته لا تفكر في إرسال قوات أو طائرات إلى القتال. أوكرانيا ليست عضوًا في حلف الناتو ولا تخضع لالتزامها بالدفاع الجماعي، ويريد بايدن تجنب الصراع المباشر بين القوات الروسية والأمريكية، والذي حذر من أنه قد يؤدي إلى حرب عالمية.

لكن الولايات المتحدة وحلفاء أوكرانيا الأوروبيين أرسلوا مجموعة من الأسلحة إلى أوكرانيا، بما في ذلك أنظمة مضادة للدبابات والطائرات، إضافة إلى مدفعية وصواريخ قوية بشكل متزايد. وفي الآونة الأخيرة، وافقت العديد من الدول الأوروبية والولايات المتحدة وبريطانيا على تزويد أوكرانيا بدبابات قتال متطورة ، على الرغم من أن مطالب كييف اللاحقة للطائرات المقاتلة لم تتم تلبيتها بعد.

تركيع موسكو

وسعيًا لمعاقبة موسكو على الغزو، فرضت الدول الغربية عقوبات اقتصادية شديدة، بما في ذلك على الأوليغارشية المقربة من بوتين. وتعهد بايدن بتحويل بوتين إلى "منبوذ".

كما أدت العقوبات والقيود المالية الأمريكية والأوروبية إلى اختناق البنوك والشركات الأخرى في روسيا. بإضافة إلى ذلك، فرضت الدول الأوروبية حظرًا على النفط الروسي وخفضت بشدة واردات الغاز، في محاولة لخفض التدفق النقدي لموسكو.

أضرت العقوبات بالاقتصاد الروسي، لكنها أخفقت كثيرًا في جعل موسكو تركع على ركبتيها، ويرجع ذلك جزئيًا إلى أن الكرملين عزز علاقاته التجارية والمالية مع شركاء اقتصاديين آخرين، لا سيما الصين وتركيا والهند.

الحل الدبلوماسي

يتفق المحللون على نطاق واسع على أن الصفقة الدبلوماسية لإنهاء الصراع تبدو وكأنها عديمة الجدوى. لا يستطيع بوتين، الذي يشعر بالاستياء بالفعل من الأداء الضعيف لجيشه فيما وصفه بـ "عملية عسكرية خاصة"، أن يُنظر إليه على أنه يتراجع عن معركة بدأها، وبحسب تقديراته الخاصة كان ينبغي أن يكون قادرًا على الفوز بسهولة.

بالنسبة إلى زيلينسكي، فقد أظهر مسح للأوكرانيين في سبتمبر، أنهم ثابتون في رفض التنازلات الإقليمية لروسيا، إذ تعتبر كييف أي تسوية تتضمن تنازلات إقليمية لموسكو "تهديدًا وجوديًا".

وقال زيلينسكي علنًا إن قوات بلاده ستستعيد شبه جزيرة القرم، وهي خطوة تعتقد القيادة الأوكرانية أنها ستعجل بانقلاب ضد بوتين وتؤمن في النهاية حدود أوكرانيا.

الحل العسكري

يبدو الحل العسكري غير مرجح أيضًا، على الرغم من المكاسب التي حققتها أوكرانيا على ما يبدو في ساحة المعركة، فأوكرانيا ليس لديها القوة للقضاء تمامًا على قدرة الجيش الروسي على تشكيل تهديد لبلدهم.

خسائر وتداعيات

خلقت الأزمة التي طال أمدها مشاكل اقتصادية واجتماعية في كلا البلدين وأعاقت بشكل كبير التعافي بعد الوباء في العالم.

أظهرت بيانات رسمية أن الناتج المحلي الإجمالي لروسيا انخفض بنسبة 2.1٪ في عام 2022، وانخفض الاقتصاد الأوكراني بنسبة 30.4٪. قدر البنك الدولي العام الماضي أن تكلفة إعادة الإعمار والتعافي في أوكرانيا لا تقل عن 349 مليار دولار.

تشير بيانات الأمم المتحدة إلى أنه منذ بداية الحرب، قُتل أكثر من 7199 مدنياً أوكرانيًا وأصيب 11756 بجروح، وتسببت الأسلحة المتفجرة في معظم الإصابات. تقر الأمم المتحدة بأن العدد الحقيقي للضحايا من المحتمل أن يكون أعلى من ذلك بكثير، لأنه من الصعب الحصول على المعلومات من المناطق التي تشهد قتالًا عنيفًا.

ومع ذلك، يبدو أن الاختلاف الشاسع في المواقف بين روسيا وأوكرانيا لا يمكن تجاوزه في الوقت الحالي، ما يجعل الحوار ممكنًا صعبًا.

قد يعجبك أيضاً

No stories found.
logo
صحيفة عاجل
ajel.sa