ردَّت مصر، أمس الجمعة، على التصريحات الإثيوبية؛ بشأن فشل مفاوضات «سد النهضة»، التي جرت بين وفود الدول الثلاث، مصر والسودان وإثيوبيا، مؤكدة أن بيان الخارجية الإثيوبية الأخير، تعمَّد التضليل وتشويه حقائق المفاوضات.
وقالت الخارجية المصرية، إن البيان الصادر عن وزارة الخارجية الإثيوبية؛ بشأن الاجتماع الوزاري حول سد النهضة، الذي عُقد يومي 8 و9 يناير 2020 في أديس أبابا، تضمَّن العديد من المغالطات المرفوضة جملة وتفصيلًا، وانطوى على تضليل متعمّد وتشويه للحقائق.
وذكرت الخارجية المصرية، أن البيان الإثيوبي قدَّم صورة منافية تمامًا لمسار المفاوضات ولمواقف مصر وأطروحاتها الفنية، ولواقع ما دار في هذا الاجتماع، وفي الاجتماعات الوزارية الثلاثة التي سبقته، والتي عُقدت على مدار الشهرين الماضيين؛ لمناقشة قواعد ملء وتشغيل «سد النهضة».
وقالت الخارجية: إن هذه الاجتماعات الوزارية الأربعة، لم تفض إلى تحقيق تقدُّم ملموس؛ بسبب تعنُّت إثيوبيا وتبنيها مواقف مغالى فيها؛ تكشف عن نيتها فرض الأمر الواقع، وبسط سيطرتها على النيل الأزرق، وملء وتشغيل سد النهضة؛ دون أدنى مراعاة للمصالح المائية لدول المصب، وبالأخص مصر؛ بوصفها دولة المصب الأخيرة؛ بما يخالف التزامات إثيوبيا القانونية، وفق المعاهدات والأعراف الدولية.
وأضافت الخارجية: هذه المعاهدات في مقدمتها اتفاق إعلان المبادئ المبرم في 23 مارس 2015، وكذلك اتفاقية 1902 التي أبرمتها إثيوبيا بإرادتها الحرة كدولة مستقلة، واتفاقية 1993 التي تعهدت فيها بعدم إحداث ضرر لمصالح مصر المائية، لافتة إلى أن إثيوبيا تسعى للتحكم في النيل الأزرق، كما تفعل في أنهار دولية مشتركة أخرى تتشاطر فيها مع دول شقيقة.
وأكَّدت الخارجية المصرية، أن هذا المنحى الإثيوبي المؤسف قد تجلَّى في مواقفها الفنية ومقترحاتها، التي قدَّمتها خلال الاجتماعات الوزارية، والتي تعكس نية إثيوبيا ملء خزان سد النهضة؛ دون قيد أو شرط، ودون تطبيق أية قواعد توفر ضمانات حقيقية لدول المصب، وتحميها من الأضرار المحتملة لعملية الملء.
وتابعت: إن سبب رفض إثيوبيا تصريف الإيراد الطبيعي أثناء عملية تشغيل سد النهضة، يرجع إلى نيتها توظيف هذا السد، الذي يستهدف فقط توليد الكهرباء لإطلاق يدها في القيام بمشروعات مستقبلية، واستغلال موارد النيل الأزرق بحرية تامة؛ دون الاكتراث بمصالح مصر المائية وحقوقها، التي يكفلها القانون الدولي.
وذكرت الخارجية، أن مصر انخرطت في هذه المفاوضات بحسن نية، وبروح إيجابية تعكس رغبتها الصادقة في التوصل لاتفاق عادل ومتوازن؛ يحقق المصالح المشتركة لمصر ولإثيوبيا، قائلة: لقد انعكس هذا في الأفكار والنماذج الفنية، التي قدمتها مصر خلال الاجتماعات، والتي اتسمت بالمرونة والانفتاح.
وقالت: إنه وبعكس ما ورد في بيان وزارة الخارجية الإثيوبية، الذي زعم أن مصر طلبت ملء سد النهضة في فترة تمتد من 12 إلى 21 سنة، فإن مصر لم تُحدد عددًا من السنوات لملء سد النهضة، بل إن واقع الأمر هو أن الدول الثلاث اتفقت منذ أكثر من عام على ملء السد على مراحل؛ تعتمد سرعة تنفيذها على الإيراد السنوي للنيل الأزرق.
وذكرت أن الطرح المصري يقود إلى ملء سد النهضة في 6 أو 7 سنوات؛ إذا كان إيراد النهر متوسطًا أو فوق المتوسط خلال فترة الملء، أما في حالة حدوث جفاف، فإن الطرح المصري يمكِّن سد النهضة من توليد 80% من قدرته الإنتاجية من الكهرباء؛ بما يعني تحمل الجانب الإثيوبي أعباء الجفاف بنسبة ضئيلة.
وأشارت الخارجية المصرية، إلى أنه «خلافًا لما تضمَّنه بيان الخارجية الإثيوبية من مغالطات بشأن مفهوم العجز المائي، فإن مصر اقترحت وضع آليات وقواعد للتكيّف مع التغيرات الهيدرولوجية في النيل الأزرق، وللتعامل مع سنوات الجفاف، التي قد تتزامن مع عملية ملء سد النهضة؛ بما في ذلك الإبطاء من سرعة الملء وإخراج كميات من المياه المخزنة في سد النهضة؛ للحد من الآثار السلبية لعملية الملء أثناء الجفاف، وسد العجز المائي الذي قد تتعرض له دول المصب، مع الحفاظ على قدرة سد النهضة في الاستمرار في توليد الكهرباء بمعدلات مرتفعة.
وأضافت: إن إثيوبيا تأبى إلا أن تتحمل مصر بمفردها أعباء الجفاف، وهو الأمر الذي يتنافى مع قواعد القانون الدولي، ومبادئ العدالة والإنصاف في استخدامات الأنهار الدولية.
وأعربت مصر عن دهشتها من أنه كلما طالبت بضرورة الاتفاق على خطوات فعَّالة للتعامل مع سنوات الجفاف التي قد تحدث أثناء الملء، تقوم إثيوبيا بالتلويح باستعدادها لملء سد النهضة بشكل أحادي، وهو ما رفضته مصر على مدار المفاوضات؛ باعتباره يمثل مخالفة صريحة لاتفاق إعلان المبادئ لعام 2015، ولالتزامات إثيوبيا بموجب قواعد القانون الدولي.
واختتمت الخارجية المصرية التعليق، باستنكار ما ورد في بيان الخارجية الإثيوبية من مزاعم بأن مصر تسعى للاستئثار بمياه النيل، موضحة أن مثل هذه التصريحات والشعارات الجوفاء، التي ربما تصدر للاستهلاك المحلي، لا تساعد على خلق البيئة المواتية لتحقيق تقدم في المفاوضات.