وصلت مرشحة اليمين المتطرف، ماري لوبان، إلى الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية الفرنسية، للمرة الثانية على التوالي، بعد أن أمضت قرابة عقد كامل من الزمن في تحسين صورتها أمام الرأي العام الفرنسي.
وتتحرك لوبان، 53 عامًا، بين طموحها السياسي الكبير وإرث والدها، وهو جان ماري لوبان، مؤسس «الجبهة الوطنية»، وأحد أبرز الوجوه المثيرة للجدل في التاريخ الحديث للسياسة الفرنسية.
ونجحت لوبان، بالعام 2017، في الوصول إلى الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية، لكنها خسرت أمام الرئيس الحالي، إيمانويل ماكرون، الذي تواجهه من جديد في جولة الإعادة، التي انطلقت صباح اليوم الأحد في عموم فرنسا.
لكن حضور مارين لم يكن حصرًا نتاج الوراثة السياسية، بل يعود نجاحها في تحقيق ذلك بشكل أساسي إلى عملها بتروٍّ على تفكيك ما أسّسه والدها، خصوصا إزالة كل الرواسب العنصرية التي طبعت خطابه.
ومضت لوبان في «نزع الشيطنة» عن الجبهة الوطنية، ووصلت إلى حد طرد والدها المؤسس في أغسطس 2015، بعدما باتت على قناعة بأن مواقفه الخلافية والجدلية ستبقى عائقا أمام أي انتصار على المستوى الوطني.
كما عملت على تغيير صورة الحزب الذي تترأسه منذ 2011، عبر مسار «تطبيع» كانت إحدى محطاته تغيير الاسم، إذ حلّ «التجمع الوطني» بدلا من «الجبهة الوطنية» بالعام 2018.
وتحدثت لوبان، في مقابلة سابقة مع مجلة «كلوزر»، عن آثار أبيها، إذ كشفت أنه «لم يكن سهلًا على الناس خلال شبابها الانخراط في علاقة عاطفية معها بسبب الاسم الذي تحمله».
كما أضافت: «أذكر أن أحد الرجال اختار الانفصال عني بسبب ثقل الضغط الذي فرضه عليه محيطه الاجتماعي». وهي حاليًا أم لثلاثة أولاد من زواجين أفضيا إلى الطلاق.
ولتصحيح الحمل الذي تركه إرث والدها، سعت لوبان خلال الأعوام الماضية إلى تقديم صورة أكثر ودّية، عبر ردود فعل أقل انفعالا في مواجهة أسئلة الصحافيين، وارتداء ملابس بألوان فاتحة، واعتماد ابتسامة حاضرة حتى في خضم المناظرة التلفزيونية مع ماكرون، قبل أيام من يوم الحسم.
وفي الجوهر السياسي، ركّزت على الاقتصاد، الذي كان هامشيا في قائمة أولويات الجبهة الوطنية، سعيًا لجذب ناخبين خسروا جراء العولمة.
كما ركزت لوبان في حملتها على القدرة الشرائية التي باتت الشغل الشاغل للفرنسيين، مع ارتفاع أسعار موارد الطاقة والغذاء عالميا في ظل الحرب الروسية على أوكرانيا.
إلى ذلك، حضرت العلاقة بين لوبان وروسيا التي زارتها خلال 2017، بشكل أساسي في المناظرة التلفزيونية مع الرئيس ماكرون قبل أيام. حيث اتهمها الأخير بالارتهان ماديا لروسيا، بسبب قرض حصلت عليه من مصرف روسي، وبأنها باتت تعتمد على الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
إلا أنها ردّت بتأكيد دعمها «لأوكرانيا حرّة لا تتبع لا للولايات المتّحدة ولا للاتحاد الأوروبي ولا لروسيا».
وفي تعليقها على حملة لوبان، قالت الباحثة المشاركة في معهد العلوم السياسية في باريس، سيسيل آلدوي، المتخصصة في دراسة اليمين المتطرف، إن «برنامج ماري لوبان لم يحِد على الإطلاق عن أسس الجبهة الوطنية مثل الهجرة والهوية الوطنية، إلا أنها اختارت مفردات أخرى لتبريره».
وأضافت أن «لوبان تعلن بشكل جذري سعيها للحدمن الهجرة غير الأوروبية تحت ذرائع العلمانية والقيم الجمهورية، وحتى النسوية».
ويُشار إلى أن المرشحة اليمينية المتطرفة تود أن تدرج في الدستور الفرنسي «الأولوية الوطنية» التي ستحرم الأجانب من امتيازات عدة.
كما تريد أيضًا، طرد المهاجرين «غير الشرعيين والمجرمين ومرتكبي الجنح الأجانب، إضافة إلى الذين يشتبه بتطرّفهم والأجانب العاطلين عن العمل لأكثر من عام».