أعلن العراق، اليوم الخميس، نيته في إنشاء عدد من المفاعلات النووية السلمية، فيما رأى مراقبون محليون أن الأمر لا يخرج عن كونه مراهقة سياسية، في ظل الأوضاع القاسية التي تمر بها البلاد على جميع المستويات.
وأكد رئيس الهيئة العراقية للسيطرة على المواد المشعة، كمال حسين لطيف، اليوم أن اللجنة الوطنية للمفاعلات النووية بصدد دراسة 20 موقعًا مرشحًا لإقامة المفاعلات النووية في العراق.
ونقلت جريدة الصباح الإلكترونية عن لطيف، قوله: تم تحديد 20 موقعا أوليا حتى الآن، ومن ثم سيتم استخدام طرق الإسقاطات العلمية المعتمدة عالميا لاختزالها إلى 5 مواقع، وبعد ذلك يتم تحديد اثنين منهما فقط واحد أصيل والآخر بديل.
وأكد لطيف، قرب الانتهاء من التقرير الخاص باختيار الموقع وإرساله إلى مكتب رئيس الوزراء.
وتعليقًا على الإعلان عن هذا التوجه في هذا التوقيت، قال المحلل السياسي العراقي إياد العناز لسبوتنيك: يأتي الحديث في هذا الأمر في سياق التوازنات السياسية التي تعيشها منطقة الشرق الأوسط وتحديدا الوطن العربي، والإمكانات القائمة، والتي بدأت بعض الأقطار العربية والإقليمية التحدث عنها أو الشروع ببناء بعض من هذه المشاريع الحيوية، لكنها قوة ذاتية متطلعة لدور ريادي مهم في الأحداث التي تعيشها المنطقة أو التي ستأتي في المستقبل.
وأضاف العناز: العراق لديه خبرة واسعة وإمكانات كبيرة وبرامج علمية في موضوع الطاقة النووية واستخدامها للأغراض الإنسانية، لكن بعد الاحتلال الأمريكي غادرت العديد من العقول الوطنية البلاد، أو تم اعتقالها بعضها من قبل الجيش الأمريكي، وبعضها تمت تصفيته على يد أجهزة المخابرات الصهيونية والإيرانية.
وأشار العناز إلى أن العراق لا يمتلك الآن المقومات الأساسية لقيام منظومة علمية للطاقة النووية بسبب الأوضاع السائدة في البلاد، وصعوبة العمل لوجود عجز مالي كبير وفساد إداري واقتصادي وديون مستحقة.
ولفت العناز إلى أن الحديث الآن يأتي في سياق العمل على تنويع مصادر الحصول على الطاقة الكهربائية لأغراض إنسانية، وهو نوع من الإشارات السياسية التي سبقها سعي العراق للحصول على منظومة الدفاع الجوي الروسي إس ٤٠٠.
من جانبه، انتقد عبدالقادر النايل المحلل السياسي العراقي، إعلان بلاده عن تحديد عشرين موقعًا نوويًّا لاختيار خمسة مواقع لغرض بناء مفاعلات نووية سلمية، في ظل ظروف البلاد المعقدة والتدخل الدولي والإقليمي الذي حول البلاد إلى ساحة للصراعات السياسية على حساب مصالح العراق وسيادته ومستقبل شعبه والأجيال القادمة.
وشدد النايل على أن: الأحزاب السياسية العراقية، ارتضت أن تكون ذات تبعية خارجية لدول إقليمية ودولية، لحماية مصالحها الخاصة، الأمر الذي جعل العراق فاقدًا للسيادة والإرادة، فضلًا عن أن قراره الوطني لا يمتلكه بالمطلق، ومعلوم تمامًا أن هناك هيمنة إيرانية على جميع قراراته.
واعتبر أن هذا الوضع يكشف أن إعلان العراق لإنشاء محطات نووية عبارة عن رسالة إيرانية للمجتمع الدولي، تقول إننا قادرون على إنشاء مفاعلات خارج إيران، ولعل العراق أفضل مكان يحرج الولايات المتحدة الأمريكية؛ ما سيجعل هذا الإعلان أحد أوراق التفاوض التي تطرحها إيران داخل اجتماعاتهم في وقت حساس.
وأضاف النايل: لو كانت السلطات العراقية جادة في مثل هذا القرار لما عملت على تهجير العلماء العراقيين المختصين بالتكنولوجيا النووية ولا سهلت اغتيالات عدد منهم.
وتابع: إيران أيضًا لن تسمح بهذه الخطوة عمليًّا؛ لأنه سيجعل العراق مستقلًا عن حاجته إلى إيران، التي تسعى إلى ربط احتياجات العراق بها من كل الجوانب، للاستفادة الاقتصادية حتى محطة الكهرباء التي تريد إنشاءها في العراق جعلتها غازية، حتى لا يستطيع العراق تشغيلها إلا بالاعتماد على استيراد الغاز الإيراني.
اقرأ أيضًا: