تحدثت صحيفة «ذا جارديان» البريطانية عن تنامي مشاعر السخط والغضب بين أفراد الشعب التركي، لما اعتبروا أنه استغلال من قبل الطبقة السياسية والحكومة لأزمة جائحة «كورونا»، وتفضيل التعامل مع القضايا السياسية والاقتصادية على حساب الأزمة الصحية التي تعصف بالبلاد.
وتزعم الحكومة التركية أن عدد الإصابات بفيروس «كوفيد19» انخفض بنسبة 72%، بعد تسجيل مستويات قياسية في أبريل من العام 2020، وتسجيل 60 ألف حالة إصابة يوميًا.
ورغم أن أنقرة اعتبرت هذا التراجع علامة على استعداد البلاد لاستقبال موسم السياحة الصيفي، لكن لاتزال تركيا صاحبة المركز الخامس من حيث أعلى الإصابات في العالم، في حين يؤكد الأطباء أن الانخفاض الذي أعلنته الحكومة في بياناتها الرسمية من المستحيل حدوثه، لكنه يعكس فقط تراجع كبير في الكشف عن الإصابة.
وفيما تفيد البيانات الرسمية عن وقوع 64 ألف حالة وفاة فقط بسبب الفيروس، يؤكد تحليل إحصاءات الوفيات البلدية، أجرته مجموعة عمل مكافحة الأوبئة التابعة للجمعية الطبية التركية، أن حالات الوفاة الحقيقية أكبر بنسبة 68% على الأقل، ما يعني إخفاء 142 ألف حالة إصابة دون الإعلان عنها. والمجموعة اعتمدت على تحليل نسب الوفيات خلال العام مقارنة بالفترة نفسها خلال الثلاث أعوام الماضية.
واتهم عضو مجموعة العمل، جاغان كيزيل، حكومة أنقرة باستغلال الأزمة الصحية كغطاء لتنفيذ أجندتها الخاصة، وقال: «في بداية الجائحة، كان هناك جهد حثيث لتقليل المخاطر، لكن السياسات تدخلت بالطريق. قررت الحكومة التركية النظر إلى النصيحة العلمية واستغلالها كغطاء يناسب أجندتها الخاصة. إنها مغامرة: نسبة كبيرة من الأتراك هم من الشباب لذا فالغالبية ستكون بخير... إدارة الأزمة الآن يتعلق بإقناع الشعب بانتهاء الجائحة بدلا من العمل على إصلاح الوضع».
ورغم إشادة منظمة الصحة العالمية بالتدابير الصارمة التي اتخذتها تركيا في الأسابيع الأولى من انتشار الفيروس العام الماضي، تقول «ذا جارديان» إن استجابة أنقرة تراجعت بفعل حزمة من القرارات الخاطئة والإغفالات والتدابير غير المكتملة، منحت الأولوية على ما يبدو للقضايا السياسية والاقتصادية على حساب الصحة العامة.
ففي بداية الأزمة، راقبت أنقرة بشكل سريع انتشار الفيروس في جارتها إيران، وتحركت لغلق الحدود وتعقب الإصابات مع فرض حظر شامل. لكن بعد ثلاثة أشهر فقط، أعلنت الحكومة أن تركيا جاهزة للعودة إلى الحياة الطبيعية مدفوعة بالرغبة في تفادي الإضرار بالاقتصاد، وهو ما أدى إلى زيادة كبيرة في الإصابات والوفيات.
كما لم توقف الحكومة الحملات الانتخابية الداخلية، وسمحت بالتجمعات الشعبية، وواصل الحزب الحاكم «العدالة والتنمية» تنظيم مسيرات داخلية، في انتهاك لقواعده الداخلية.
ويرى المجتمع الطبي في تركيا أنه من المستحيل تقريبًا فرض إغلاق كامل في البلاد، وذلك لرفض الحكومة توفير مساعدات مالية إلى الأعمال الصغيرة والعمالة الموقتة، وهي الطبقات الأكثر تضررًا من تدابير الإغلاق، وبالتالي استمر المواطنون في حياتهم الاعتيادية.
كما أن فرض إغلاق كامل ليس مجدي من الناحية السياسية بالنسبة إلى حزب «العدالة والتنمية» الحاكم، الذي فضل التمسك بقاعدته الشعبية من الطبقة العاملة، لاسيما بعد تضرر شعبيته بشكل كبير منذ انهيار الليرة بالعام 2018.
اقرأ أيضًا: