رأت وكالة «بلومبرج» الأمريكية أنَّ العودة إلى الاتفاق النووي الإيراني لعام 2015 تزداد صعوبة بمرور الوقت، مع تنامي المواجهة بين إيران وإدارة الرئيس الأمريكي، جو بايدن، الذي تحرّك ببادرة من جانبه لتحفيز طهران على العودة إلى المباحثات، وهي بادرة رفضتها الأخيرة بشكل قاطع.
وقالت الوكالة، في تقرير نشرته اليوم السبت (ترجمته عاجل)، إن القادة في طهران لن يجعلوا مسار العودة إلى الاتفاق النووي يسيرًا، فبعد أن أبدى بايدن، الخميس، استعداده لقاء طهران إلى جانب دول أخرى موقعة على الاتفاق النووي، أعلن القادة الإيرانيون أنه لن تكون هناك عودة سريعة إلى الاتفاق.
وقال وزير الخارجية، جواد ظريف، إن بلاده ستنضم إلى المباحثات الخاصة بالاتفاق النووي، في حال رفعت الإدارة الأمريكية كافة العقوبات المفروضة بحقها، وهو أمر استبعدته واشنطن مرارًا.
وأصرَّ، في تغريدة نشرها الجمعة، على أنَّ «التدابير الأمريكية ليست كافية»، مكررًا مطالبه برفع العقوبات التي أعادت الإدارة السابقة فرضها قبل أن توقف طهران أنشطتها النووية.
وتحدث السفير الفرنسي السابق لدة الأمم المتحدة، ساهم في التفاوض بشأن العقوبات على إيران، جيرارد ارود، عن «منافسة شديدة تعتمر داخل الجانبين»، وأضاف: «كلا الجانبين يبحث عن طريقة للعودة إلى الاتفاق النووي، لكن بما يحفظ ماء الوجه لكليهما أمام قواعد الناخبين».
وبغض النظر عن الموقف الداخلي، قالت «بلومبرج» إن الشد والجذب بين البلدين يعد تذكير صارخ بمدى صعوبة إحياء الاتفاق النووي من جديد، وأضافت: «نجاح الرئيس بايدن في إعادة إيران سريعًا إلى التزامها بالاتفاق، ما يسمح للولايات المتحدة بالعودة والتفاوض من أجل اتفاق جديد أقوى، يبدو مسار طويل للغاية».
وأوضحت الوكالة الأمريكية كذلك أن طهران لا تملك أي حافز على الإطلاق لتقديم تنازلات، مع احتمالات فوز التيار المحافظ في الانتخابات الرئاسية، المقرر عقدها هذا الصيف. كما أن المعارضة القوية للاتفاق من جانب الجمهوريين والديمقراطيين داخل الكونجرس الأمريكي تعني أن بايدن لن يكون هو أول من يقدم التنازلات ويعكس سياسات سلفه دونالد ترامب.
ويهيمن الوضع السياسي داخل إيران على قرار العودة إلى مباحثات الاتفاق النووي، ففي حين يتوق الرئيس حسن روحاني لإنقاذ الاتفاق وإنقاذ مسيرته السياسية قبل مغادرة السلطة نهاية العام، لكن بدون الرضوخ إلى الشروط الأمريكية، يعارض التيار المتشدد، المسيطر على غالبية المؤسسات القوية داخل إيران، أي اتصالات مع الولايات المتحدة ويميل صوب علاقات أوثق مع روسيا.
ولاتزال هناك حالة من التفاؤل داخل الأوساط الأوروبية بعد إعلان بايدن استعداده مقابلة قادة إيران، وقال دبلوماسي أوروبي إن هناك الآن فرصة حقيقية لإحداث تقدم، محذرًا في الوقت نفسه من أن هناك الكثير يعتمد على الخطوات التي ترغب إيران في اتخاذها، فهي لم تعط أي إشارة قوية على استعدادها العودة إلى الالتزام الكامل.
ورأي الدبلوماسي، نقلت عنه «بلومبرج» دون ذكر اسمه، أن الخطوة الفورية لأوروبا الآن هو عقد اللقاء الذي وافق بايدن على حضوره، أملًا أن يكون ذلك محفزًا لواشنطن وطهران للقيام بخطوات فردية صوب إحياء الاتفاق.
لكن الجهد الأوروبي المتجدد سيكون أمام اختبار حقيقي الأسبوع المقبل مع إصرار إيران عدم السماح لمفتشي وكالة الطاقة الذرية دخول البلاد، وهو ما سيحد من قدرة المجتمع الدولي على مراقبة الطموحات النووية الإيرانية بدقة.