كشف تقرير مطوَّل أعدته لجنة برلمانية بريطانية أن روسيا نفذت حملة طويلة معقَّدة لتقويض الديمقراطية البريطانية والتدخل في سياساتها، فيما تجاهلت الحكومات البريطانية المتعاقبة هذا التدخل ولم تتعامل معه.
وذكر التقرير أن روسيا تدخلت في الانتخابات البريطانية عبر نشر معلومات خاطئة، وضخّ تمويل غير قانوني وتجنيد أعضاء في مجلس اللوردات، كما حاول الروس استمالة السياسيين والمؤسسات الحيوية، بدون أي مقاومة تذكر تقريبًا من قبل وكالات تطبيق القانون أو وكالات المخابرات التي، كما يقول التقرير، تجاهلت إشارات التحذير لسنوات طويلة.
لكن التقرير لم يتوصل إلى دليل دامغ لتورط الكرملين في الاستفتاء التاريخي على مغادرة بريطانيا للاتحاد الأوروبي، الذي أُجرى العام 2016، فيما أكد بشكل واضح أنه «لا أحد يعمل على حماية الديمقراطية البريطانية»، حسب صحيفة «نيويورك تايمز» البريطانية.
وقال كيفان جونز، عضو بلجنة المخابرات بالبرلمان، التي أصدرت التقرير: «سبب الغضب ليس ما إذا كان هناك تدخل، لكن أنه لم يرغب أحدهم في تبيان ما إذا كان هناك تدخل من عدمه».
وأثار التقرير، الذي جاء بعد أشهر من نجاح حزب رئيس الوزراء في تأمين أغلبية بالبرلمان، تساؤلات كثيرة بشأن العلاقات بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وروسيا، وكذلك مخاوف من تجدد التوترات الخارجية، ليس فقط مع روسيا، لكن مع الصين وإيران.
ويصف التقرير روسيا بكونها «دولة متهورة عازمة على استعادة موضعها السابق كدولة عظمى، عبر زعزعة الاستقرار في الغرب بالمقام الأول»، كما قال مؤلفو التقرير إن «التهديد الأمني الذي تشكله روسيا من الصعب على الغرب التعامل معه، كما نرى ومن وجهة نظر كثيرين آخرين، يبدو عدميًا بشكل أساسي».
وتحدث عن ترحيب السياسيين البريطانيين بالروس في لندن، والسماح لهم بغسل أموالهم غير المشروعة، من خلال ما وصفه بـ«مغسلة» لندن، وهو ما ساعد في إنشاء صناعة مساعدة شملت محامين ومحاسبين ووكلاء عقارات ومستشاري علاقات عامة، لخدمة احتياجاتهم.
وتلك الشبكات، حسب التقرير: «لعبت دورًا، سواء بقصد أو بدون قصد، في توسيع النفوذ الروسي والترويج لمصالح الدولة الروسية».
وكشف التقرير عن أن عديدًا من أعضاء مجلس اللوردات لهم مصالح تجارية مرتبطة بروسيا، أو عملوا لصالح شركات لها روابط مع موسكو، مطالبًا بفتح تحقيق شامل معهم.
كما رسم تقرير اللجنة البرلمانية صورة لسنوات من التدخل الروسي عبر حملات تضليل في وسائل الإعلام التقليدية، مثل قناة «روسيا اليوم»، وجيش من التابعين على مواقع التواصل الاجتماعي، في حملة موسعة تعود إلى استفتاء الاستقلال الاسكتلندي العام 2014.
وكشف أن هذه الحملات لم تكن قط في قائمة أولويات المخابرات البريطانية ووكالات التجسس التي نأت بنفسها عن الحملات السياسية، ولم يكن من الواضح الجهة المسؤولة عن مواجهة التهديد الروسي، وقال التقرير: «لقد كان من الصعب بشكل مثير للدهشة تحديد من المسؤول عن ماذا».
وتعود حملة التدخل الروسي في بريطانيا على الأرجح إلى العام 2006، إلى مقتل الضابط السابق في المخابرات الروسية، ألكساندر ليتفينينكو، الذي قُتل مسمومًا بمادة «بولونيوم 210» في لندن، والذي استنتج تحقيق أن القتل كان بأمر مباشر من الرئيس فلاديمير بوتين.
اقرأ أيضًا: