قال الدكتور ربيع عبدالعاطي، المحلل السياسي السوداني، أن الحكومة الانتقالية تواجه تحديات جمة في مختلف الملفات وتسعى بقوة لتنفيذ مهامها التي تبنتها منذ اختيارها في بداية لفترة الانتقالية.
وأشار إلى أنه من بين الضغوط التي تواجهها الخرطوم حاليا محاولات بعض الأطراف الدولية للضغط لتسليم المتهمين بجرائم حرب في إقليم دارفور، بالإضافة لرفض بعض الأطراف السودانية تسليم الجناة إلى العدالة الدولية، على رأسهم الفريق عبدالفتاح البرهان وبعض القادة.
وأوضح المحلل السياسي أن الضغوط بخصوص هذا الملف لم ولن تتوقف حتى يتم تنفيذ التسليم وتتم محاكمة كل المجرمين المدانين بارتكابي جرائم حرب في دارفور.
ونوه إلى أنه منذ عدة أيام طالبت إليز كيبلر مسؤولة العدالة الدولية في منظمة هيومن رايتس ووتش من جديد، الحكومة السودانية بإرسال مطلوبي المحكمة الجنائية الدولية، إلى لاهاي، لمحاكمتهم على التهم الموجهة لهم.
وتتهم المحكمة الجنائية الدولية كلاً من الرئيس المخلوع عمر البشير، وعبد الرحيم محمد حسين، وأحمد هارون، بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، في دارفور.
عبدالعاطي أكد أن المتهم الرابع علي كوشيب سلم نفسه إلى المحكمة الجنائية الدولية ويخضع حالياً للمحاكمة، على أكثر من 50 تهمة متعلقة بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في دارفور، حيث كان كوشيب زعيم ميليشيا وشغل مناصب قيادية في قوات الدفاع الشعبي وشرطة الاحتياطي المركزي.
وأشار إلى أن البعض في الداخل السوداني ومن بينهم البرهان يترددون في تنفيذ هذه المطالب الدولية، تمسكا بمبدأ الحفاظ على السيادة الوطنية.
وقال: إنَّ هذه الأسباب غير منطقية؛ لأن المحكمة الجنائية الدولية لا تنتقص شيئًا من سيادة السودان، كما أن هناك أسبابًا قانونية موضوعية تجعل من الضروري محاكمة البشير ورموز نظامه في الخارج وأمام المحكمة الجنائية الدولية.
وأوضح أن هناك عدة أمور تعيق محاكمة المتهمين في الداخل بينها الاتهامات التي يواجهونها، كالإبادة الجماعية، والجرائم ضد الإنسانية، وجرائم الحرب وكل هذه الجرائم لم تُدرج كجرائم صريحة في القانون السوداني إلا بعد أكثر من خمس سنوات من بدء القوات الحكومية ارتكاب فظائع واسعة النطاق في دارفور في 2003، ويحتمل ألا تعتقد المحاكم المحلية أنه بالإمكان محاكمة المتهمين بهذه الجرائم في السودان بما أن القانون لم يتغيّر إلا بعد وقوع هذه الجرائم المروعة.
وقال: إن سبب الرفض الرئيسي هو أن بعض المتهمين في جرائم النظام السابق لا يزالون يشغلون مواقع حكومية في السودان، كما أن هناك مشكلة تتعلق بافتقار نظام السودان القضائي إلى تدابير حماية المحاكمة العادلة في القانون والممارسة، وهي ضرورية لتكون الإجراءات ذات مصداقية، في الشكل والمضمون.
ولفت إلى أنه بالنسبة لهم كسودانيين من الضروري محاكمة مرتكبي جرائم الحرب كلهم خارج السودان، لأن المنظومة القضائية السودانية لا تستطيع التعامل مع هذه الأمور لا شكلا ولا مضموناً، أي حتى وإن كنا نثق بالسلطات السودانية الحالية، فقوانيننا لا تسمح بإجراء محاكمات عادلة وشفافة. فكل السلطة القضائية في السودان تحتاج لتطوير وإصلاحات جذرية.
ونوه إلى أن عدم تسليم رموز النظام السابق المدانين بجرائم حرب قد يضر بعلاقات السودان الدولية، خصوصًا وأنَّه عاد قريبًا لمحيطه الدولي والإقليمي بعد أن كان مصنفًا كدولة راعية للإرهاب.