تقرير: مصير غامض ينتظر كوريا الشمالية بعد مخاوف بشأن صحة الزعيم

تقرير: مصير غامض ينتظر كوريا الشمالية بعد مخاوف بشأن صحة الزعيم

في ظل دلالات وشواهد غير معهودة يمكن استخلاصها من تحدّث زعيم كوريا الشمالية علنًا عن أن بلاده تواجه أزمة غذاء كبيرة، بالرغم أنه يتظاهر دائمًا بعدم وجود مشكلات في بلاده، تبرز علامات استفهام بشأن الأوضاع الداخلية التي تشهدها البلاد، لاسيما وسط الغموض بشأن صحة الزعيم الذي أثيرت تكهنات كثيرة مؤخرًا بشأنها.

ويقول الباحث تريفور فيسيث، المختص بقضايا الشؤون الدولية في تقرير نشرته مجلة "ناشيونال إنتريست"، إنه في خطابه الذي ألقاه في 27 يوليو بمناسبة الذكرى السنوية للهدنة التي أنهت الحرب الكورية في عام 1953، اعترف الزعيم الكوري الشمالي كيم جونج أون بأن جائحة فيروس كورونا تسببت في "أزمة معاناة" في البلاد.

وهذه هي المرة الثالثة منذ بداية العام الجاري التي يصف فيها الزعيم الكوري الشمالي الوضع السلبي للأوضاع داخل البلاد. وفي تصريحاته الأخيرة، قارن كيم الجائحة المستمرة بالمجاعة الكورية الشمالية في عام 1994، التي تصفها المصادر الرسمية تقليديا بأنها "مسيرة المعاناة" في البلاد، التي فقد فيها ملايين الكوريين الشماليين حياتهم.

إن تلميحات كيم على مشاكل بلاده "تشكل اعترافًا مروعًا" من جانب قيادة كوريا الشمالية، التي قللت تاريخيًا من شأن المشاكل داخل البلاد أو قمعت الأنباء ذات الصلة، بحسب تريفور فيسيث. ولم تذكر تصريحات زعيم البلاد بشأن أزمة البلاد على وجه التحديد حالات الإصابة بفيروس كورونا كسبب للقلق، بل أشار إلى الظروف الاقتصادية المتدهورة بشكل عام والمتزامنة مع الجائحة.

وقد أغلقت البلاد حدودها إلى حد كبير مع الصين، وانخفضت الأنشطة التجارية بين البلدين بشكل حاد في النصف الأول من عام 2021. وانخفضت الصادرات الصينية إلى بيونج يانج بنحو 85% عن مستوياتها قبل الجائحة، لتصل إلى 7ر56 مليون دولار، وفقًا لصحيفة ساوث تشاينا مورنينج بوست.

وذكرت وكالة الأنباء الكورية الشمالية أن الإمدادات الغذائية لكوريا الشمالية تأثرت بشدة أيضا بالأحوال الجوية الأخيرة. واعترف كيم بنقص الغذاء في يونيو الماضي، وفي الشهر الحالي أغسطس أعلن الجيش الكوري الشمالي أنه سيطرح مخزونه الطارئ من الأرز للاستخدام العام.

وفي يوليو، قدرت الأمم المتحدة أن كوريا الشمالية ستواجه نقصا في الغذاء بنحو 850 ألف طن في عام 2021، وأشار البنك المركزي الكوري الجنوبي (بنك كوريا)، إلى أن الناتج المحلي الإجمالي للبلاد انخفض بنسبة 5ر4% في عام 2020، على الرغم من صعوبة جمع إحصاءات عن اقتصاد كوريا الشمالية بسبب الطبيعة المنعزلة للبلاد. وقدر بنك كوريا أيضًا أن قيمة صادرات كوريا الشمالية قد انخفضت بمقدار الثلثين، لتصل إلى 90 مليون دولار.

كما قلصت العقوبات الدولية، بما في ذلك العديد من العقوبات المفروضة في ظل إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، من قدرة النظام على جمع الأموال.

وفي حين أصرت حكومة كوريا الشمالية بشكل غير معقول على أنها لم تشهد أي حالات إصابة بفيروس كورونا منذ ظهور الجائحة، ولم تبدأ برنامج تطعيم لمواطنيها، سلط المراقبون الخارجيون الضوء على أدلة غير رسمية بأن الفيروس ينتشر في البلاد. ومن الممكن أن يكون أي تفش للفيروس كارثيًا بشكل خاص في كوريا الشمالية، بسبب نظام الرعاية الصحية الضعيف أصلا في البلاد.

ويتزامن كل هذا الغموض المجتمعي في الدولة المنعزلة مع غموض آخر بشأن الأوضاع الصحية للزعيم كيم الذي أثارت صور له مؤخرا يبدو فيها أكثر نحافة من مظهره المعتاد، تساؤلات حول وضعه الصحي.

وتقول "ناشيونال إنتريست" في تقرير آخر لها للباحث" إيلي فوهرمان، إنه غالبًا ما يجد الزعيم الكوري الشمالي نفسه موضوعًا لعناوين الأخبار الدولية. وسواء تعلق الأمر بمشاركته في بعض الأنشطة المتعلقة ببرامج الأسلحة النووية والصواريخ الباليستية في كوريا الشمالية أو مشاركته في حدث محلي أو زيارة مشهدية، فإن عددا قليلا من القادة يجذبون نفس القدر من الاهتمام الذي يجذبه كيم، خاصة تجاه أوضاعه الصحية مؤخرًا. ويٌعتقد أن كيم يعاني من السمنة المفرطة سريريًا ويعتقد أنه يعيش نمط حياة ينطوي على كل من الشرب المتكرر للخمور والتدخين الكثيف. ونظرًا لضعف صحته وتاريخه العائلي المحتمل من مشاكل القلب وغيرها من المشاكل الصحية، فإن أي علامة أو مؤشر محتمل على تدهور صحة كيم جونج أون تثير اهتمامًا كبيرًا.

ويقول فوهرمان إن هذا الاهتمام بصحة كيم أمر مفهوم فهو زعيم بلد يمتلك أسلحة نووية ومخزونا كبيرا من الأسلحة الكيميائية، حيث يمكن أن يكون لأي عدم استقرار في رأس هرم السلطة، بما في ذلك الوفاة المفاجئة لزعيم يتمتع بالسلطة المطلقة، عواقب وخيمة. غير أن مقدار الاهتمام الذي يولى لصحة كيم جونج أون يمكن أن يثبت في بعض الأحيان أنه مفرط ويهدد بالانتقاص من تحليل الأحداث التي تشمل كيم والقيادة الكورية الشمالية والبلاد ككل.

ويقول فوهرمان، إن المخاوف بشأن صحة كيم جونج أون ليست في غير محلها، فمظاهر البدانة الواضحة على كيم دفعت الخبراء الطبيين إلى التكهن بمجموعة من المشكلات الطبية المزمنة التي قد تصيب كيم، بما في ذلك أمراض القلب والسكري الثانوي وانقطاع النفس الانسدادي أثناء النوم وارتفاع ضغط الدم وارتفاع الكوليسترول في الدم. وهذا، إلى جانب تاريخ من أمراض القلب في عائلة كيم وأسلوب حياته الذي يشمل الشرب المتكرر والتدخين الكثيف، وهو ما يعني أن كيم معرض على الأرجح لخطر التعرض لنوبة قلبية حاد أو سكتة دماغية في وقت ما في السنوات العشر المقبلة.

وهذا أمر مهم بالنظر إلى أن كوريا الشمالية تمتلك ترسانة متنامية من الأسلحة النووية فضلا عن مخزون كبير من الأسلحة الكيميائية. وفي حالة وفاة كيم مبكرا أو عجزه نتيجة لحالة طوارئ صحية كبرى، فإن عدم الاستقرار الناجم عن ذلك يمكن أن يؤدي إلى الاستخدام المتعمد أو العرضي لأسلحة الدمار الشامل حيث تتنافس الفصائل داخل كوريا الشمالية على السيطرة أو عندما يتم القيام بأعمال عدوانية خارجية كوسيلة لإظهار أو ترسيخ الاستقرار والقوة الداخليين.

ويضيف فوهرمان أنه لا عجب إذن إزاء الاهتمام الذي تثيره أي تطورات تتعلق بصحة كيم، سواء كانت إيجابية أو سلبية، حيث تجذب كثيرا من الاهتمام بما في ذلك اهتمام محللي الاستخبارات الكوريين الجنوبيين.

قد يعجبك أيضاً

No stories found.
logo
صحيفة عاجل
ajel.sa