أصاب اغتيال العالم النووي الإيراني، محسن فخري زادة، البرنامج النووي لطهران في مقتل، وكشف نقاط الضعف الخطيرة داخل الأجهزة الإيرانية، التي فشلت في حماية أحد أهم أصولها، كما أثار مخاوف من اندفاع طهران لتنفيذ أعمال انتقامية وزيادة حدة المواجهة بينها وبين واشنطن.
ومن غير المعروف إلى الآن من يقف وراء عملية الاغتيال؛ لكن البعض يرون أن العملية ستضع عراقيل محتملة أمام رغبة الرئيس الأمريكي المنتخب، جو بايدن، العودة إلى الاتفاق النووي لعام 2015 والتفاوض من جديد على شروطه.
ويرى آخرون، حسب تقرير لـ«المجلس الأطلسي»، أن اغتيال فخري زادة ربما كان أحد الخيارات المطروحة أمام الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته، دونالد ترامب؛ لفرض مزيد من الضغط على طهران قبل مغادرته البيت الأبيض، والرد على إصرار الأخيرة على زيادة أنشطتها النووية ومخزونها من اليورانيوم المخصب.
ومع اقتراب خروج ترامب من البيت الأبيض، قد يكون خيار الاغتيال «ملاذ اللحظة الأخيرة» لإدارة ترامب لدفع إيران إلى الانتقام وإفساد أي آفاق للعمل الدبلوماسي المستقبلي بين واشنطن وطهران.
وداخل إيران، يعتقد كثيرون أن القنابل المستخدمة في العملية تشير بوضوح إلى تورط جهاز المخابرات الإسرائيلي «الموساد»، لاسيما وأنه نفذ عمليات سابقة لاغتيال علماء إيرانيين خلال السنوات الماضية.
ونقلت صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية عن ثلاث مصادر مخابراتية، لم تسمها، أن «إسرائيل هي من تقف خلف اغتيال فخري زادة». ولم تؤكد إسرائيل تلك التقارير.
وقُتل فخري زادة يوم الجمعة الماضية، شرق العاصمة طهران؛ حيث هاجم مسلحون سيارته المصفحة، رغم الحراسة الشديدة التي ترافقه على مدار الساعة، فيما أفادت تقرير إعلامية عن استخدام متفجرات في العملية.
ومن غير الواضح نوع المعلومات التي تملكها الولايات المتحدة بشأن العملية قبل تنفيذها، كما رفض البيت الأبيض ووكالة المخابرات المركزية «سي آي إيه» التعليق على الأمر.
التداعيات الداخلية
يرى تقرير المجلس الأطلسي أن الانتقام الإيراني «سيكون وشيكًا»، مشيرًا إلى قرار طهران إطلاق سراح أكاديمي بريطاني - أسترالي مقابل ثلاثة إيرانيين متورطين في مؤامرة لاغتيال دبلوماسيين إسرائيليين في تايلاند بالعام 2012، وهي عملية تم التخطيط لها ردًا على الاغتيالات الإسرائيلية لعلماء نوويين إيرانيين.
ومع اغتيال أشهر عالم نووي إيراني، يترقب المسؤولون في الولايات المتحدة وإسرائيل عمليات انتقام مشابهة.
ولطالما كان فخري زادة هدفا محتملا، وهو ما دفع طهران لإحاطته بحراسة مشددة على مدار الساعة. وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو ذكر اسمه بشكل مباشر، خلال خطاب متلفز بالعام 2018، وأخبر الجميع أن عليهم «تذكر هذا الاسم جيدًا».
ويظل من غير الواضح كيف سترد إيران على مقتل أحد أبرز شخصيات برنامجها النووي. ربما تلجأ طهران أولًا لحشد «التعاطف الدولي لما يدعونه قتلا ظالما»، وهو ما ظهر بالفعل في تصريحات وزير الخارجية الإيراني، جواد ظريف، دعا فيها المجتمع الدولي لإدانة هذا الفعل باعتباره «إرهاب برعاية الدولة».
وتردد هذا الصدى في تصريحات المدير السابق لوكالة المخابرات المركزية الأمريكية، جون برينان، التي وصف فيها القتل بـ«إجرامي ومتهور»، مضيفًا أنه «من غير الواضح ما إذا نفذت حكومة أجنبية عملية الاغتيال أم صرحت به، إلا أن العملية انتهاك صارخ للقانون الدولي، وتشجع مزيد من الحكومات على تنفيذ هجمات قاتلة ضد مسؤولين أجانب».