تفاصيل الخطة الأوروبية لتمديد حظر السلاح على إيران

قبل انتهائه في شهر أكتوبر المقبل
تفاصيل الخطة الأوروبية لتمديد حظر السلاح على إيران
تم النشر في

كشفت صحيفة "نويه تسوريش تسايتونج" السويسرية، اليوم السبت، عن خلافات أوروبية أمريكية حادة بشأن خطة التعامل الدولية مع ملف رفع حظر التسليح المفروض على طهران، والمقرر أن يدخل حيز التنفيذ الرسمي مطلع أكتوبر المقبل.

وتريد الولايات المتحدة تمديد حظر الأسلحة المفروض على طهران بأي ثمن قبل انطلاق جولة الانتخابات الرئاسية في نوفمبر من العام الجاري، ورغم أن الأوروبيين يشاطرون واشنطن "الشعور بالخطر من إعادة تسلح إيران"، إلا أنهم مصروَّن على الحفاظ على الاتفاق النووي الموقع مع طهران في العام 2015، باعتباره يضمن لهم حدًّا أدنى من الاستقرار والسلام في الشرق الأوسط.

وتوافقت دول أوروبية نافذة على "شبه خطة عمل موحدة" في هذا الشأن، تسعى في المقام الأول، وكخطوة أولى تنطوي على "حلول مؤقتة"، إلى تحجيم كل من الحدة الأمريكية تجاه إيران، وكذا طموحات الأخيرة في انتهاج سياسات ترويعية ملتوية وغير شرعية.

وانسحب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من الاتفاق بشكل أحادي في مايو من العام 2018، بيد أن الأوروبيين تدخلوا مرارًا لإثناء إيران عن الانسحاب بدورها، ومن ثم التخلي عن التزاماتها بشأنه، وأهمها التوقف عن السعي لامتلاك سلاح نووي. لكنهم وفي المقابل يشعرون بقلق كبير من فكرة إعادة تزويد طهران بالتسليح، وبخاصة في ظل مواصلتها لسياسة الأذرع الطويلة التي تتيح لها عبر وكلاء التدخل في شؤون دول مهمة بالمنطقة، كاليمن وسوريا والعراق ولبنان، عبر وكلاء مليشيا الحوثي وحزب الله.

وبموجب إنهاء فرض حظر التسلح المرتقب، سيتمكن النظام الحاكم في طهران من شراء طائرات مقاتلة ودبابات وأسلحة تقليدية أخرى من الخارج بشكل قانوني، وهو سيناريو مروّع بالنسبة إلى الولايات المتحدة استبقته بحملات في مجلس الأمن الدولي من أجل تمديد غير محدود للحظر. لكن روسيا والصين أعلنتا مرارًا استخدام حق النقض "الفيتو" ضد أي مشروع أمريكي في هذا الصدد، "ولما لا وصفقات الأسلحة المربحة مع إيران في انتظارهما"، حسب الصحيفة السويسرية واسعة الانتشار.

 وكان وزير الخارجية مايك بومبيو أعلن أن بلاده ستلجأ إلى ما يسمى بند الرد السريع في الاتفاق النووي مع إيران وسيتقدم بطلب لإعادة جميع عقوبات الأمم المتحدة ضد طهران. لكن نظرًا لأن الحق في تشغيل آلية الرد السريع هو حق أصيل فقط لأعضاء اتفاق إيران، والذي انسحب منه ترامب قبل العامين، فقد قوبل إعلان بومبيو برفض دولي واسع النطاق.

ولا تعتبر موسكو وبكين وحدهما هذا النهج غير قانوني فحسب، بل أعلن الموقعون الأوروبيون على الاتفاقية النووية أيضًا أنهم لن يسمحوا لواشنطن بالعبث فيه. 

غير أن "نويه تسوريش تسايتونج" تنقل عن مصادر دبلوماسية أوروبية رفيعة، أنه ليس للأوروبيين، ورغم معارضتهم للنهج الأمريكي العنيف والحاد في الأزمة، أي مصلحة في حصول النظام الإيراني وحلفائه على مزيد من الأسلحة، وبالتالي فحتى أولئك الذين يرفضون حرب واشنطن الاقتصادية ضد إيران "يجب أن يوافقوا على أنه في الوضع الحالي، فإن إعادة الترخيص بتصدير الأسلحة إلى طهران سيكون أمرًا خطيرًا".

وتنتهج إيران سياسة إقليمية عدوانية وتسعى بعنف لتوسيع نفوذها في العراق وسوريا واليمن. وقد لعب الحرس الثوري الإيراني دوراً فعالاً في إبقاء نظام بشار الأسد في دمشق في السلطة. وفي العراق، قاموا بتحديث شبكة من الميليشيات التي تقوض احتكار الدولة للسلطة الأمنية وتتدخل بعنف في السياسة.

وتدعم إيران المتمردين الحوثيين في اليمن وميليشيات حزب الله في لبنان. وفي دولة الملالي نفسها، يشارك الحرس الثوري مرارًا وتكرارًا في قمع الاحتجاجات، وكان آخرها ما جرى في نوفمبر 2019، عندما تم إطلاق النار على المئات عمدا.

وأمام هذه المعضلة، يعتقد الأوروبيين، وفق الصحيفة، إن تمديد الحظر غير المحدود على الأسلحة الذي تطالب الولايات المتحدة بفرضه مجددًا ليس خيارًا ناجعًا في ضوء تهديد موسكو وبكين بحق النقض. كما ستتعامل طهران أيضًا على أن هذا يعد انتهاكًا للاتفاقية النووية وسترد من خلال توسيع تخصيب اليورانيوم أو تقييد الضوابط النووية الدولية. 

وعليه، قد يكون الحل الوسط "الأوروبي" (خطة المواجهة الجديدة)، هو تمديد الحظر لبعض أنواع الأسلحة لمدة عام واحد. وهو الاقتراح الذي تتبناه كل من برلين وباريس ولندن. على أن يتم بعد الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة مناقشة حل طويل الأمد بعيدًا عن ضغوط الحملة الانتخابية في واشنطن. 

الأوروبيون يراهنون كذلك في خططهم على أن بكين وموسكو غير مهتمتين بشكل أساسي بتحديث إيران، وبالتالي يمكن أن تتوافقا على مثل هذا القيد المؤقت لصادرات الأسلحة.

وتعتقد دوائر السياسة والأمن الغربية، أن صادرات الأسلحة ليست مشكلة لإيران وحدها. حتى لو كان بومبيو وغيره من الصقور في واشنطن يرغبون في قول هذا، إذ تتصاعد المخاوف بشدة من محاولات بعض دول الشرق الأوسط والمنطقة مثل قطر وتركيا السير على خطى إيران، في استخدام العنف لتوسيع نفوذهما في الخارج، وخاصة في ظل اشتعال صراعات كبيرة متشابكة الأطراف والأهداف بل ومتعددة الوكلاء بالمنطقة كما هو الحال في ليبيا على سبيل المثال.

وكانت دول مثل تركيا وقطر قد دعمت المعارضة المسلحة في بداية الانتفاضة ضد بشار الأسد في 2011. لكن وفي السنوات التالية، لم تخجل قطر على وجه الخصوص من إمداد الميليشيات المتطرفة بالمال والسلاح.

وبينما لا تزال تركيا موطنًا للحكومة السورية في المنفى وتدخلت مباشرة في فبراير في الصراع في محافظة إدلب بطائرات مقاتلة. لكن وفي الوقت نفسه، تريد أنقرة منع منطقة الحكم الذاتي الكردية في سوريا.

وتحركت تركيا ثلاث مرات ضد الأكراد السوريين منذ عام 2016 وتحتل مناطق كبيرة في شمال سوريا. أما في شمال العراق، فتشن أنقرة بانتظام غارات جوية ضد مواقع حزب العمال الكردستاني.

وعلى هذا النحو، ووفق معطيات سابقة أيضًا، فليس من المستبعد ألا تنتهج طهران نفس الاستراتيجية القطرية والتركية إذا ما كان رفع الحظر على تسليحها خارجيًا غير مشروط أو مقيد.

اقرأ أيضًا

قد يعجبك أيضاً

No stories found.
logo
صحيفة عاجل
ajel.sa