اعتبرت ستيفاني سيجال الخبيرة الاقتصادية في مركز الدراسات الاستراتيجية الأمريكي، أن رسم مسار للعلاقات الأمريكية الصينية، هو التحدي الأكثر إلحاحًا الذي يواجه إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن.
وتأتي تصريحات ستيفاني بينما لا تزال العلاقات بين الولايات المتحدة والصين، أكبر كتلتين اقتصاديتين في العالم، تشغل صناع القرار في البلدين وسط التنافس بينهما على الساحة العالمية ومع وصول إدارة جديدة إلى البيت الأبيض لم يتكشف كثير عن سياساتها تجاه بكين بعد.
وقالت الخبيرة الاقتصادية، إن رسم مسار للعلاقات الأمريكية الصينية، التي توصف حاليًا بأنها في "أدنى نقطة" منذ تطبيع العلاقات عام 1979، هو التحدي الأكثر إلحاحًا الذي يواجه إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن.
وذكرت ستيفاني سيجال في تقرير نشره المركز، أن عرض البيت الأبيض لمكالمة الشهر الماضي بين بايدن والرئيس الصيني شي جين بينج إلى "ممارسات بكين الاقتصادية القسرية وغير العادلة، والقمع في هونج كونج، وانتهاكات حقوق الإنسان في شينجيانج، والإجراءات المتزايدة لتأكيد الذات في المنطقة، بما في ذلك تجاه تايوان"، ما يوضح أن التغيير في الإدارة لم يخفف التوترات الأكثر حدة في العلاقة.
غير أن العرض أشار أيضًا إلى "التحديات المشتركة الخاصة بالأمن الصحي العالمي، وتغير المناخ، ومنع انتشار الأسلحة"، ما يشير إلى خروج عن نهج (الكل أو لا شيء) الذي ميز أيام إدارة ترامب الأخيرة.
ومن الواضح أن التقدم في عديد من التحديات الكبرى التي تواجه الولايات المتحدة والعالم سيتطلب مشاركة بناءة بين الولايات المتحدة والصين، حتى في الوقت الذي تواجه فيه واشنطن بكين في عدد من الجوانب الأخرى.
وبحسب وكالة الأنباء الألمانية، ترى سيجال أن التحدي العملياتي الذي يواجه صانعي السياسة في الولايات المتحدة هو تحديد أين يمكن تعزيز أهداف الولايات المتحدة من خلال المشاركة، وبالمقابل، أين يكون فك الارتباط هو الطريقة الأكثر فعالية (أو ربما الطريقة الوحيدة) لتعزيز المصلحة الوطنية وحمايتها.
وتوضح أن برنامج الاقتصاد في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية يعمل على تطوير إطار عمل لوضع مثل هذه المحددات، بدءًا من تحديد وترتيب أولويات الأهداف الأمريكية، والأخذ في الاعتبار تصرفات الحلفاء والشركاء في معايرة نهج الولايات المتحدة تجاه الصين.
وأثار تسارع التباين الملحوظ بين المصالح الأمريكية والصينية في عهد الرئيس شي نقاشًا مستمرًا حول مزايا المشاركة المستمرة مقابل الانفصال عن الصين. وبغض النظر عن الخطاب الصارم والتكتيكات القاسية، فإن المرحلة الأولى من الاتفاقية الاقتصادية والتجارية بين الولايات المتحدة والصين -التي تم توقيعها بعد ثلاث سنوات من إدارة ترامب- هي في جوهرها مؤيدة للمشاركة. كما تُلزم الصين "باستيراد ما لا يقل عن 200 مليار دولار من السلع والخدمات الأمريكية، بالإضافة إلى المبالغ التي استوردتها في عام 2017" و"توسيع الفرص" لمقدمي الخدمات المالية الأمريكيين في الصين.
وتعمل هذه الجوانب من الاتفاقية على تعميق العلاقات بين الولايات المتحدة والصين، ما يجعلها سوقًا أكثر أهمية لصادرات الولايات المتحدة وتعزز فرص الاستثمار في اقتصاد يوفر، في الوقت الحالي على الأقل، نموًّا وعائدات محتملة أعلى من الولايات المتحدة والاقتصادات المتقدمة الأخرى.
لكن مجموعة من الإجراءات الأخرى، التي جرى تبني الكثير منها في الأشهر الأخيرة من إدارة ترامب، تهدف إلى فصل النشاط الاقتصادي والمالي. وتشمل إضافة الشركات الصينية إلى قائمة الكيانات، وهي أداة وزارة التجارة لتقييد تصدير بعض المواد الحساسة وحظر التعامل في الأوراق المالية العامة للشركات العسكرية الصينية، بالإضافة إلى حظر التعامل مع بعض "تطبيقات البرامج الصينية المتصلة" مثل أليباي و ووي تشات باي.
ويبدو أن إدارة ترامب كانت تفضل فك الارتباط، ولكن في ظل غياب استراتيجية متماسكة لتوجيه السياسة.
ولكن إدارة بايدن تدرك أن هناك حاجة إلى تحقيق تماسك في سياسة الولايات المتحدة تجاه الصين. واستحدثت منصب "منسق المحيطين الهندي والهادئ" في مجلس الأمن القومي، حيث عينت الدبلوماسي الكبير كورت كامبل في منصب يكون مسؤولًا مباشرة أمام مستشار الأمن القومي جيك سوليفان.
ويشير هذا الموقف إلى نهج تجاه المنطقة يعكس مجموعة واسعة من القضايا التي تشكل العلاقة بين الولايات المتحدة والصين بالإضافة إلى حقيقة أن نهج الولايات المتحدة تجاه الصين سوف يوجه إجراءات الدول الأخرى في المنطقة ويتأثر بها، بما في ذلك بعض أقرب حلفاء الولايات المتحدة.
اقرأ أيضًا: