لماذا يبدو قطاع غزة ضبابيًا وغير واضح في خرائط جوجل؟

باحثون واجهوا صعوبات في توثيق الدمار..
لماذا يبدو قطاع غزة ضبابيًا وغير واضح في خرائط جوجل؟
تم النشر في

لليوم التاسع على التوالي، يتصدر قطاع غزة المشهد الإعلامي والسياسي، بالتزامن مع الحملة الإسرائيلية التي أوقعت عشرات القتلى والجرحى، في وقت واجه فيه باحثون صعوبات في توثيق الدمار وتحديد موقع الهجمات عبر خدمة خرائط جوجل، ما طرح عددًا من التساؤلات.

لكن لماذا تبدو صور قطاع غزة - أحد أكثر الأماكن اكتظاظًا بالسكان في العالم - غير واضحة ومضببة على خرائط جوجل؟.

إنها قضية أثارها باحثون ممن يستخدمون معلومات من مصادر مفتوحة ومتاحة للجميع، بعد ظهور الكثير من صور إسرائيل والأراضي الفلسطينية الملتقطة عبر الأقمار الاصطناعية على تطبيق «جوجل إيرث» ذات دقة استبانة منخفضة، رغم توفر صور عالية الجودة لدى شركات الأقمار الاصطناعية.

وبالكاد يمكنك رؤية السيارات في مدينة غزة. ولكن عند المقارنة مع بيونغ يانغ، عاصمة كوريا الشمالية ذات الإجراءات الأمنية العالية والمحاطة بالسرية، ستجد أنك قادر على رؤية السيارات فيها بكل وضوح ومن المحتمل أن تتمكن من تَبين حتى الأشخاص، بحسب تقرير نشرته «بي بي سي».

وفي المواجهات الأخيرة الجارية في الشرق الأوسط  يتطلع المحققون إلى التحقق من مواقع إطلاق الصواريخ والمباني المستهدفة في غزة وإسرائيل، عن طريق استخدام الأقمار الاصطناعية.

ويقول سمير، وهو يعمل في إطار التحقق باستخدام المصادر المفتوحة: إن حقيقة أننا لا نستطيع الحصول على صور ذات دقة استبانة عالية من الأقمار الاصطناعية لإسرائيل والأراضي الفلسطينية أضرت وأخرت عملنا.

لكن، تبدو معظم صور غزة التي التقطت مؤخرًا على غوغل إيرث، منصة الصور الأوسع استخدامًا، منخفضة الوضوح «ذات دقة استبانة منخفضة»؛ لذا تظهر مضببة وغير واضحة.

من جانبه، قال إيريك تولر وهو صحفي يعمل لصالح موقع «بيلينغ كات» البريطاني للصحافة الاستقصائية: «إن أحدث صورة في منصة غوغل إيرث تعود لعام 2016 وهي تبدو كسقط متاع. وقد قمتُ بتكبير بعض المناطق الريفية في سوريا اخترتها عشوائيا، فتبيّن لي أنه تم التقاط أكثر من 20 صورة منذ ذلك الحين بدقة استبانة عالية جداً».

جوجل ترد

وتقول شركة جوجل إن هدفها هو «تحديث الأماكن المكتظة بالسكان بشكل منتظم» ولكن الوضع مختلف في غزة.

وبحسب «بي بي سي»، فإنه حتى العام الماضي، ظلت الحكومة الأمريكية تفرض قيوداً على مدى جودة صور الأقمار الاصطناعية الملتقطة لكل من إسرائيل والأراضي الفلسطينية، التي كان يُسمح للشركات الأمريكية بتقديمها على أساس تجاري.

وقد قُدم التشريع المعروف باسم تعديل كيل-بينغامَن، في عام 1997، للتعامل مع المخاوف الأمنية الإسرائيلية.

وعلى الرغم من أن هذا الحكم القانوني يُشير إلى إسرائيل، إلا أن التقييدات المفروضة على الصور طُبقت على الأراضي الفلسطينية أيضًا.

وحدد هذا التعديل نوعية وضوح الصور، بحيث أن شيئًا بحجم سيارة سيبدو مرئيًا تقريبًا، لكن أي شيء أصغر من ذلك سيصبح من الصعب تبينه في الصور المضببة وغير الواضحة.

ونقلت وكالة رويترز عن أمنون هراري، رئيس برامج الفضاء في وزارة الدفاع الإسرائيلية، قوله في العام الماضي: «نفضل دائماً أن يتم التقاط صور فوتوغرافية بأدنى دقة استبانة ممكنة. ومن المفضل دائماً أن تُرى مضببة على أن تُرى تفاصيلها بدقة».

وليس من غير المألوف أن تشوش «تُضبب» صور مواقع كالقواعد العسكرية، لكن قانون تعديل كيل-بينغامَن كان بمثابة الحالة الوحيدة لخضوع مساحة كبيرة وبمثل هذه السعة لمثل هذا التقييد.

بيد أنه، بمجرد أن تمكن مزودو الخدمات غير الأمريكيين، مثل شركة إيرباص الفرنسية، من توفير هذه الصور بدقة استبانة أعلى، تعرضت الولايات المتحدة لضغوط متزايدة لإنهاء تقييداتها.

وفي يوليو 2020 ، ألغي العمل بتعديل كيل- بينغامَن، وتسمح حكومة الولايات المتحدة الآن للشركات الأمريكية بتقديم صور عالية الجودة للمنطقة، «بحيث يمكن التقاط وتبين الأشياء التي تكون بحجم الشخص الواحد بسهولة».

وقالت شركتا جوجل وأبل «اللتان تعرضُ تطبيقات الخرائط الخاصة بهما صور الأقمار الاصطناعية أيضًا»، إنهما يعملان على تحديث خرائطها لتقدم دقة استبانة أعلى.

وأكدت شركة جوجل، أن صورها تأتي من مجموعة من مجهزي هذه الخدمات، وهي تنظر في «فرص تحديث صور الأقمار الاصطناعية الخاصة بها بما يوفر صورا ذات دقة استبانة أعلى»، لكنها أضافت أنه «ليست لديها خطط لمشاركة هذه الصور في الوقت الراهن».

وقال نيك ووترز، وهو محقق يعمل على المصادر المفتوحة لموقع بيلينغ كات في تغريدة على تويتر: «بالنظر إلى أهمية الأحداث الجارية، لا أرى مبررا لاستمرار تخفيض جودة الصور التجارية لهذه المنطقة عن عمد».

مَن يلتقط هذه الصور فعلياً؟

تعتمد منصات تقديم خدمة الخرائط العامة، مثل «غوغل إيرث» و«أبل مابز» على الشركات التي تمتلك أقماراً اصطناعية لتوفير الصور.

وتوفر شركتا «ماكسار تكنولوجيز» و«بلانيت لابز»، وهما من أضخم الشركات في هذا المجال، صوراً ذات دقة استبانة عالية لكل من إسرائيل وغزة.

ويمكن أن تكشف هذه الصور ذات الجودة العالية عن تفاصيل تصل حتى نصف متر أو أقل.

وقالت شركة ماكسار في بيان لها: «نتيجة للتغييرات الأخيرة في القوانين الأمريكية، تُقدم صور لإسرائيل وغزة بدقة استبانة 40 سنتيمتراً». وأكدت شركة بلانيت لابز، لبي بي سي أنها توفر صوراً بدقة استبانة 50 سنتيمتراً.

ولكن، يعتمد المحققون في المصادر المفتوحة للاستخدام العام بشكل كبير على برمجيات الخرائط المجانية ولا يمتلكون مدخلًا مباشرًا، في العادة، للحصول على تلك الصور ذات دقة الاستبانة العالية.

قد يعجبك أيضاً

No stories found.
logo
صحيفة عاجل
ajel.sa