انتهاء معاهدة الصواريخ المتوسطة وقصيرة المدى.. وموسكو: بـ«مبادرة أمريكية»

روسيا اعترضت سابقًا على «انتهاك واشنطن التزاماتها»..
انتهاء معاهدة الصواريخ المتوسطة وقصيرة المدى.. وموسكو: بـ«مبادرة أمريكية»

كشفت وزارة الخارجية الروسية، اليوم الجمعة، عن مبادرة الإدارة الأمريكية بإنهاء العمل بـ«معاهدة الصواريخ المتوسطة وقصيرة المدى الموقّعة بين روسيا والولايات المتحدة». يأتي هذا فيما وقَّع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (4 مارس 2019)، مرسومًا بتعليق تنفيذ المعاهدة، وأعلن الكرملين، حينها، أن بوتين «وقَّع مرسومًا بشأن تعليق روسيا تنفيذ المعاهدة بين اتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفيتية، والولايات المتحدة الأمريكية؛ بشأن القضاء على الصواريخ المتوسطة وقصيرة المدى».

وأضاف البيان الصادر، آنذاك، أن روسيا «تعلِّق تنفيذ معاهدة الصواريخ إلى حين تتوقف الولايات المتحدة عن انتهاك التزاماتها بموجب المعاهدة»، فيما أعلنت الولايات المتحدة، في فبراير الماضي، على لسان وزير الخارجية مايك بومبيو، «تعليق واشنطن العمل بمعاهدة الصواريخ النووية المتوسطة المدى، اعتبارًا من الثاني من فبراير 2019».

وطالب الوزير الأمريكي، بالرد على الانتهاكات الروسية للمعاهدة النووية، مشيرًا، حينها، إلى أن بلاده ستقدم لروسيا إخطارًا رسميًّا بانسحابها من المعاهدة النووية خلال ستة أشهر، وحذَّر بومبيو، من أنه إذا لم تعد روسيا للالتزام بالمعاهدة النووية، سينتهي العمل بها نهائيًا، كما حذَّر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، من أن بلاده سترد بالمثل على الولايات المتحدة، التي أعلنت رسميًّا نيتها الانسحاب من معاهدة القوى النووية المتوسطة المدى؛ إن لم تمتثل موسكو لها.

وأوضح بوتين- في مؤتمر صحفي بموسكو- أن بلدانًا أخرى لا تزال تمتلك الأسلحة التي تحظرها المعاهدة، مشيرًا إلى أن 12 دولة أخرى قد تكون تصنع هذه الأسلحة، فيما امتثلت روسيا والولايات المتحدة، ويرى بوتين أن واشنطن تؤمن بتغير الموقف عما كان عليه قبل سنوات، وهو الأمر الذي استدعى حصولها على الأسلحة، وتابع قائلًا، إن روسيا ستفعل الشيء ذاته.

وأشار بوتين، آنذاك، إلى أن «ما تفعله الولايات المتحدة حاليًا، يُشبه إلى حد كبير ما قام به الرئيس الأسبق بوش الابن؛ عندما ألغى معاهدة الصواريخ المضادة الباليستية، إلا أن الإدارة الأمريكية تفكِّر فيمن ستضع عليه اللوم في هذه الخطة»، فيما أعرب العديد من وزراء الخارجية الأوروبيين عن قلقهم؛ بشأن انسحاب الولايات المتحدة من معاهدة القوى النووية المتوسطة المدى، التي ترجع لعقود مع روسيا.

وتحظر معاهدة القوى النووية المتوسطة المدى، التي وقَّعتها واشنطن وموسكو عام 1987 الصواريخ النووية، والتي يتراوح مداها بين 500 و5500 كيلومتر، وأرست المعاهدة أساس الهيكل الأمني لأوروبا، ورغم ذلك، تتهم الولايات المتحدة، روسيا، بخرق المعاهدة؛ بتطويرها صواريخ «9 إم 729»، وهو ما تنفيه روسيا بشدة.

وكانت إدارة ترامب، قد حذَّرت (في ديسمبر 2018)، من أنها ستنسحب من المعاهدة الثنائية مع روسيا؛ إذا لم تمتثل في غضون 60 يومًا، وحدَّدت الثاني من فبراير الماضي موعدًا لذلك، فيما قالت المسؤولة العليا للشؤون الخارجية بالاتحاد الأوروبي فيديركا موجيريني، عقب اجتماع لوزراء خارجية التكتل في بوخارست، آنذاك،: «ندعو إلى الحفاظ على هذه المعاهدة، في ظل إذعان كامل من الطرفين»، مشيرة إلى أن أوروبا لا تريد أن تتحول إلى «قاعة معركة؛ حيث تواجه القوى الكبرى بعضها».

وقال وزير الخارجية الألماني: «دون معاهدة القوى النووية المتوسطة المدى، سيكون هناك أمن أقل». وأشار إلى أن الخروقات الروسية ألغت المعاهدة»، وحث وزير الخارجية المجري، الجانبين، على التعاون، مشيرًا إلى أن بلاده تعلمت درسًا واضحًا من التاريخ، مفاده: «عندما يكون هناك صراع بين الشرق والغرب، دائمًا ما نخسر نحن الواقعين بوسط أوروبا»، وقال وزير خارجية لوكسمبورج: «جغرافيًا نحن من سيعاني في حال عودة التسلح على الأجندة»؛ حيث حث واشنطن وموسكو على استخدام الشهور الستة المقبلة للحوار.

وأكد الأمين العام لحلف شمال الأطلسي «ناتو» (7 فبراير  2019)، أن الحلف يعتزم مواصلة جهوده للحفاظ على معاهدة القضاء على الصواريخ المتوسطة والقصيرة المدى، وذلك بعد إعلان واشنطن وموسكو الانسحاب منها»، وأن «الناتو سيواصل العمل للحفاظ على المعاهدة وتعزيز المراقبة على الأسلحة، وسننظر في مبادرات بشأن هذه القضية».

وأضاف: «لقد أعربت روسيا مرارًا عن عدم ارتياحها لمعاهدة الصواريخ المتوسطة والقصيرة المدى؛ حيث إنها تحظر الأسلحة التي طوّرتها ونشرتها دول مثل الصين والهند وباكستان وإيران؛ لكن هذا ليس عذرًا لخرق المعاهدة، بل على العكس ينبغي أن تكون هذه مناسبة لتعزيزها وجذب المزيد من الشركاء.. الناتو سينظر في خيارات مختلفة ضمانًا لأن تكون لديه تدابير ردع ودفاع ذات مصداقية»، وأشار إلى أنّه لا يرى حاجةً لإعادة النظر في الوثيقة التأسيسية لمجلس روسيا- الناتو».

ووقَّعت هذه المعاهدة في 8 ديسمبر 1987 في زمن الحرب الباردة، بين الولايات المتحدة واتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفييتية، من أجل القضاء على الصواريخ المتوسطة والقصيرة المدى، وتمّ إبرامها في واشنطن من قبل الرئيس رونالد ريجان، والأمين العام ميخائيل جورباتشوف، وصادق عليها مجلس الشيوخ في الولايات المتحدة في 27 مايو 1988، ودخلت حيز النفاذ في أول يونيو من ذلك العام.

قد يعجبك أيضاً

No stories found.
logo
صحيفة عاجل
ajel.sa