خرجت حشود من القبارصة الأتراك في تظاهرات احتجاجية لاستقبال الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، لدى زيارته للمنطقة الشمالية من قبرص، تنديدًا بتدخله الصريح في الشؤون الداخلية للبلاد.
وفي لفتة نادرة من الاحتجاج، قالت صحيفة «ذا غارديان» البريطانية، إن الرئيس التركي «المعروف بعدم تسامحه مع المعارضة» قوبل بتظاهرات موسعة، مع زيارته إلى شمال قبرص للاحتفال بذكرى إعلان المنطقة أحادي الجانب لاستقلالها منذ 37 عامًا.
وعبر المتظاهرون عن الاستياء والغضب بسبب قرار أردوغان الاحتفال بهذه المناسبة وتناول الغذاء في منتجع شاطئ فيروشا، المعاد افتتاحه، والمثير للجدل، متجاهلين مساعي الشرطة لمنع التظاهرات، وحملوا لافتات تقول: «لا غذاء فوق آلامنا».
وقال سنر إلسيل، نقابي بارز في قبرص، لـ«ذا غارديان»: «إما الآن أو أبدًا. علينا إعلاء أصواتنا. سينقرض القبارصة الأتراك إذا لم تتوحد بلدنا».
وقوبلت زيارة أردوغان إلى الشاطئ حملة انتقادات موسعة لانتهاكها قرارات الأمم المتحدة الهادفة إلى إعادة توحيد الجزيرة التي مزقتها الحرب. وتسببت الزيارة في تصعيد التوترات بين أثينا وأنقرة ونيقوسيا؛ حيث اعتبرت الخارجية اليونانية الجولة «استفزازًا غير مسبوق».
وباللهجة نفسها، عبر الرئيس القبرصي، نيكوس أناستاسيادس، عن مخاوفه من أن تتسبب تصرفات أردوغان في «نسف أي مناخ مناسب لاستئناف المحادثات الجارية بوساطة الأمم المتحدة». كذلك، أعرب كبار مسؤولي الحكومة في نيقوسيا عن قلقهم من أن التلويح بتطوير منتجع فاروشا قد يكون بمثابة «ناقوس الموت للمفاوضات».
ويرى بعض المحللين أن فوز جو بايدن في الانتخابات الأمريكية قد يضخ بعض الحياة في المفاوضات العالقة بين الطرفين؛ حيث أن بايدن من بين السياسيين الأمريكيين القلائل الذين زاروا اليونان.
وقالت فيونا مولين، مديرة شركة «سابينتا» للاستشارات: «يمكن أن يغير هذا من حسابات تركيا فيما يتعلق بما يمكن أن تفلت به. من الواضح أن أنقرة ترغب في إنهاء الوضع، ومع وجود بايدن، يبدو أن الحل الفيدرالي لأزمة قبرص هو أسرع الطرق».
وشهدت قبرص، الشهر الماضي، انتخابات مثيرة للجدل، فاز بها إرسين تتار، القومي المدعوم من أنقرة، والذي تبنى بقوة حل الدولتين لحل النزاع بين المنطقة الشمالية من قبرص وجارتها الجنوبية، وهو نزاع حير الوسطاء الدوليين لعقود.
ومنذ إعلان استقلالها، بعد أن غزت تركيا المنطقة ردًا على محاولة انقلاب تهدف إلى إعادة توحيد قبرص مع اليونان، كانت أنقرة هي الوحيدة التي اعترفت بجمهورية قبرص الانفصالية في الشمال، المعلنة من جانب واحد، التي لم تحظَ إلى الآن باعتراف دولي.
ووسط مخاوف من سياسات أردوغان الإقليمية العدائية، مثل المواجهة مع قبرص بسبب احتياطات الطاقة في شرق المتوسط، يخشى القبارصة الأتراك أن يكون ضم شمال قبرص أحد الخيارات المطروحة أمام أردوغان.
وتتوق أنقرة لزيادة تواجدها في منطقة شرق المتوسط بعد اكتشاف احتياطات الغاز الهائلة هناك، ما أدخلها في نزاع مع قبرص واليونان والاتحاد الأوروبي.