دفعت رئيسة الحكومة النيوزيلندية، جاسيندا أردرن، اليوم الجمعة، بمشروع قانون وصف بـ«الحازم» للبرلمان، يشدد من الأنظمة التى تقنن حمل السلاح ضمن تعديل بعيد المدى، تجريه البلاد على نظام التراخيص -تشير التقديرات إلى أن هناك حوالي مليون و500 ألف سلاح ناري- وذلك في أعقاب الهجوم الدموي الذي وقع على مسجدين في مدينة كرايستشيرش في مارس الماضي.
وقالت أردرن: «امتلاك سلاح ناري هو امتياز وليس حقًّا.. هذا يعني إننا نحتاج إلى القيام بكل ما بوسعنا لضمان أن المواطنين المخلصين فقط الملتزمين بالقانون قادرون على الحصول على تراخيص حمل الأسلحة النارية واستخدام الأسلحة النارية.. ستحسن بعض التغييرات قدرتنا على مراقبة الأسلحة التي تدخل بشكل قانوني، وتعزز قدرتنا على مواجهة الجريمة المنظمة...».
مشروع القانون، الذي سيكون أول قراءة له الأسبوع المقبل، يشمل بحسب وكالة الأنباء الألمانية «وضع سجل للأسلحة النارية بالإضافة إلى جرائم وعقوبات جديدة، يمكن تطبيقها بالنسبة للتصنيع غير القانوني للأسلحة والإتجار بها وتزوير وإزالة أو تغيير العلامات»، خاصة أن هناك حوالي 250 ألف مواطن نيوزيلندي، من عدد سكان يبلغ حوالي 8ر4 مليون يحملون ترخيصًا لحمل سلاح ناري.
وتعدّ هذه الخطوة «ثاني شريحة من التغييرات على قوانين الأسلحة في نيوزيلندا»، منذ أن قتل مسلح 51 شخصًا وأصاب عدد مضاعف من المصلين في مسجدين في مارس الماضي، حيث بادرت «أردرن» بعد أقل من شهر على الجريمة بحظر معظم الأسلحة النارية شبه الآلية، وبعض بنادق الصيد وعددًا معينًا من خزن البنادق ذات السعة الكبيرة.
وفي ذكرى مرور ستة أشهر على جريمة المسجدين بمدينة كرايستشيرش، تحركت «أردرن»، بحسب وكالة رويترز، بعدما أشير إلى ضعف قوانين السلاح كأحد الأسباب الرئيسية وراء تمكن المهاجم الذي يؤمن بتميز العرق الأبيض من حيازة أسلحة نصف آلية استخدمها في قتل المصلين، الجمعة 15 مارس، حيث تم توجيه الاتهام للأسترالي، برينتون تارانت، بتنفيذ الهجوم.
ونالت الحكومة تأييدًا شبه جماعي في البرلمان عند طرح قانون يحظر حيازة الأسلحة الآلية الشبيهة بتلك التي يستخدمها الجيش، في أول إصلاحات حدثت بعد أسابيع من الهجوم الذي كان أسوأ إطلاق نار عشوائي في نيوزيلندا وقت السلم. وأوضحت «أردرن»، اليوم، أن «الهجوم كشف نقاط ضعف في التشريعات، ولدينا سلطة إصلاحها. لن نكون حكومة مسؤولة ما لم نعالج الأمر».
وتم بالفعل إعلان تفاصيل مشروع القانون الجديد وتتضمن إرساء عملية تسجيل وتوثيق لتتبع وتعقب كل قطعة سلاح مرخصة في نيوزيلندا، ويشدد مشروع القانون أيضًا القواعد بالنسبة لتجار السلاح والأفراد فيما يتعلق بالحصول أو الاحتفاظ بترخيص سلاح، وهو يقلص الفترة اللازمة لتجديد الترخيص بالنسبة للأفراد من تسع سنين إلى خمس.
ولقيت خطوات نيوزيلندا في مجال تشديد قوانين السلاح إشادة عالمية وبخاصة في الولايات المتحدة حيث يسعى نشطاء وأعضاء بالكونجرس مؤيدون لتشديد قوانين السلاح لمعالجة مسألة استخدام الأسلحة النارية في أحداث عنف، وتزور «أردرن»، مدينة كرايستشيرش لإحياء ذكرى مرور ستة أشهر على الهجوم، وأعلنت أيضًا عن زيادة التمويل لتلبية الاحتياجات المتعلقة بالصحة العقلية للمتضررين من الواقعة.
وكان نيوزيلنديون سلموا أكثر من 12 ألفًا و183 قطعة سلاح ناري، ولا يزال أمام مالكي الأسلحة مهلة حتى 20 ديسمبر المقبل لتسليمها، لكونها أصبحت غير قانونية الآن، وذلك بموجب اتفاق عفو، بعد أن حظرت نيوزيلندا معظم الأسلحة نصف الآلية، كما دفعت الحكومة حتى الآن 4.22 مليون دولار نيوزيلندي (43.14 مليون دولار أمريكي) من إجمالي 168 مليون دولار خصصتها الحكومة ضمن برنامج إعادة شراء الأسلحة.
إلى ذلك، أعلن قاضٍ في نيوزيلندا، أمس الخميس، تأجيل محاكمة المتهم بقتل 51 شخصًا في هجوم المسجدين لكي لا تتزامن المحاكمة مع شهر رمضان، وأعرب كثير من ضحايا الهجومين في نيوزيلندا عن مخاوفهم إزاء تحديد يوم الرابع من مايو المقبل لبدء المحاكمة التي تستمر لستة أسابيع؛ حيث يتزامن الموعد مع شهر رمضان.
وقال القاضي كامرون مانيرز، في بيان، إنه «تقرر أن تبدأ محاكمة برنتون تارانت بالمحكمة العليا في كرايستشيرش في الثاني من يونيو المقبل»، فيما ينفي تارانت (28 عامًا) الذي يحاكم، حاليًّا، بموجب قانون مكافحة الإرهاب، ارتكاب التهم الموجهة إليه، والتي تشمل الإرهاب و51 اتهامًا بالقتل و40 محاولة قتل.
ووجهت الشرطة لـ«برينتون تارانت»، تهمة ارتكاب عمل إرهابي، بعد استخدامه سلاحًا نصف آلي في استهداف المصلين أثناء صلاة الجمعة، منتصف مارس الماضي؛ ما أسفر عن مقتل 50 شخصًا، وإصابة عشرات، فضلًا عن بث هجومه عبر فيسبوك. وقال مفوض الشرطة، مايك بوش (في بيان، أوردت رويترز مقتطفات منه): «ستنطوي التهمة على ارتكاب عمل إرهابي في كرايستشيرش يوم 15 مارس 2019، فيما يواجه تارانت 51 اتهامًا بالقتل، و40 اتهامًا بالشروع فيه.
وأعلنت رئيسة الحكومة النيوزيلندية في إبريل الماضي موعد الكشف عن التقرير النهائي للجنة التحقيق في الهجوم الإرهابي على المسجدين، وقالت رئيسة الحكومة جاسيندا أرديرن: اللجنة الملكية سترفع تقريرها إلى الحكومة بحلول العاشر من ديسمبر المقبل، وأوضحت أنَّ التحقيق سيبحث في أنشطة المسلح الذي قام بالهجومين، واستخدام وسائل التواصل الاجتماعي والاتصالات الدولية، بالإضافة إلى ما إذا كان هناك تحديد «غير ملائم» للأولويات في موارد الدولة لمكافحة الإرهاب.
وأقرت رئيسة حكومة نيوزيلندا، في مارس الماضي، إجراء تحقيق عالي المستوى؛ لبحث الملابسات المحيطة بحادث الهجوم الإرهابي على المسجدين في كرايستشيرش، وكيف أمكن تنفيذ مثل هذا الهجوم، وكيف حصل المسلح على أسلحته ودور الأمن ووكالات الاستخبارات.
وتتضمن الوكالات المشاركة في التحقيق جهاز الاستخبارات الأمنية النيوزيلندية ومكتب أمن الاتصالات الحكومي والشرطة والجمارك والهجرة، فيما ألمح خبراء إلى أن السلطات فشلت؛ بسبب التركيز على الإرهاب الجهادي بدلًا من حركات تفوق العرق الأبيض المتنامية.