«غير مرتاح للمسار الذي أخذته البلاد منذ مدة، وبخاصة عدد من القرارات الكبرى لحزب النهضة -الواجهة السياسية لجماعة الإخوان- في الفترة الأخيرة...»، هكذا أعلن الأمين العامّ لحركة «النهضة» الإخوانية، زياد العذاري، استقالته، موجّهًا ضربة جديدة لجماعة الإخوان، التي تشهد موجة استقالات منذ انتهاء الانتخابات التشريعية والرئاسية الأخيرة بالبلاد.
ويعدّ «العذاري»، من أبرز الوجوه الصاعدة في الحركة، تولّى عدّة مناصب عليا في الدولة، حيث التحق بالحكومة منذ 6 فبراير وتقلّد خطة وزير التكوين المهني والتشغيل قبل تسميته -في أغسطس 2016- وزيرًا للصناعة والتجارة ثم وزيرًا للتنمية والاستثمار والتعاون الدولي في سبتمبر 2017، إلى أن استقال من هذا المنصب مطلع هذا الشهر، بعد انتخابه عضوًا في البرلمان.
وهذه ثاني استقالة تشهدها حركة «النهضة»، منذ الانتخابات البرلمانية والرئاسية الأخيرة التي جرت شهري سبتمبر وأكتوبر، حيث قدّم القيادي في الحركة ومدير مكتب رئيس الحركة راشد الغنوشي، زبير الشهودي، استقالته من الحزب، احتجاجًا على دكتاتورية الغنوشي واختياراته الخاطئة داخل الحزب، ودعاه الشهودي إلى الاستقالة وملازمة بيته.
وزادت استقالات إخوان تونس منذ شهر يونيو الماضي، حيث انشقّ منها المكلّف بالعلاقات الخارجية لحركة النهضة محمد غراد والمستشار الخاص لراشد الغنوشي لطفي زيتون.
وبرر «العذاري» استقالته في رسالة نشرها على صفحته بموقع التواصل الاجتماعي (فيسبوك)، أكد فيها رفضه المسار الحالي الذي تتبعه حركة النهضة الإخوانية، منذ الانتخابات التشريعية والرئاسية.
وقال القيادي المنشق عن إخوان تونس، في رسالته: إنه «لم يستطع إقناع مؤسسات الإخوان بأخذ قرارات في قضايا مصيرية، وفي لحظة مصيرية لتفادي خيارات خطيرة، آخرها ملف تشكيل الحكومة المقبلة».
وكشف استطلاع رأي حديث، في 17 نوفمبر عن أن 67.1% من التونسيين لا يثقون برئيس حركة النهضة الإخوانية راشد الغنوشي.
واعتبر محللون تونسيون أن هذه الاستقالة «ضربة قاصمة» في صفوف الإخوان، وتحديدًا في ظل عجز الحركة عن إيجاد تحالفات سياسية لتشكيل الحكومة.
وتعكس الاستقالتان حجم الخلافات داخل هذا الحزب والصراع بين جناحين أحدهما متشدّد والآخر معتدل.
هذا ووصلت مشاورات ومفاوضات تشكيل الحكومة التونسية الجديدة، التي يقودها الحبيب الجملي، المكلّف من طرف حركة «النهضة» إلى أسبوعها الثاني، دون أن تنكشف ملامح التحالفات والائتلافات الحزبية.
ولا يزال «الجملي» عاجزًا عن إقناع القوى الفائزة في الانتخابات التشريعية بالمشاركة في حكومة قريبة من جماعة الإخوان.