لا تزال الحركات الاحتجاجية مستمرة في ولاية قابس «جنوبي تونس»، رافعة شعار «قابس منكوبة: جريمة دولة»، بعد التفجير الذي وقع داخل مصنع للإسفلت، السبت الماضي، وأودى بحياة 5 أشخاص.
وتجدد دعوات ناشطي منظمات المجتمع المدني إلى محاسبة المسؤولين وكشف ملابسات الحادثة، متخوفين من انفجار كالذي حصل في مرفأ بيروت، أغسطس الماضي، بحسب قناة الحرة الأمريكية.
ويتجمّع عدد من المواطنين ونشطاء المجتمع المدني، منذ يوم الانفجار، أمام مقر ولاية قابس رافعين شعارات تندد بالتلوث البيئي في الولاية، داعين السلطات المعنية إلى اتخاذ قرارات عاجلة لإيقاف نزف الموت، بحسب وصفهم.
وحذّرت منظمات محلية عدّة من تكرار سيناريو تفجير مرفأ بيروت في مدينتهم، لاسيما أنّ الانفجار، الذي لم تعرف أسبابه بعد، سبقه حوادث أخرى أبرزها حريقان في مارس وأبريل 2020، وذلك في مصنع للأمونياك وآخر للأمونيتر والغاز الطبيعي.
وتضم الولاية منطقة صناعية ضخمة، تعرف محليًا باسم «التجمع الصناعي»، وهي تقع على بعد حوالى 2 كم من وسط مدينة قابس، وعلى مقربة من الميناء التجاري. وفي المنطقة أيضًا عدد كبير من المصانع ومعامل النفط، ما يمثل هاجسا بيئيا كبيرا بالنسبة لقاطنيها.
وأكد الناشط المدني من الولاية، سعد بن لعمار، أنّ «أهالي المدينة يعانون من أمراض عدة أبرزها السرطان وهشاشة العظام، فضلًا عن أنّ التجمع الصناعي يضم مجموعة من المواد الكيميائية، الممنوع وضعها بالقرب من مدينة سكنية وفقاً للقانون الدولي».
وشدد بن لعمار أنّ «التلوث وخطر وقوع تفجيرات أخرى في الولاية تتحمله الحكومة والوالي مجتمعين؛ لأنه من غير المنطقي وجود كل هذه الكمية من المواد الخطرة في مدينة سكنية لا يفصلها عن المنطقة الصناعية إلا البحر».
وقالت الناشطة المدنية في الولاية، سلوى رجب قنونو: «قضية قابس ليست جديدة، ونحاول رفع الصوت منذ سنوات لكي نزيل الخطر، ولكن بعد تفجير مرفأ بيروت، ومن ثم الحريقين في التجمع الصناعي لدينا، وبعدهما الانفجار، لم يعد بإمكاننا السكوت».
وأضافت: «بالقرب من مكان وقوع التفجير في معمل الإسمنت، يوجد مصنع للأمونياك وآخر لتخزين الأمونيتر، وانفجارهما أخطر بـ50 مرة من تفجير مرفأ بيروت، علمًا أن المنطقة تحتوي على مادة نترات الأمونيوم أيضًا».
وتابعت: «حجم المواد الكيميائية مرعب في المدينة، ولا يمكن ترك الأمور بهذا الشكل من سوء التخزين وعدم الإدارة السليمة، نحن نعيش في رعب حقيقي»، محملة المسؤولية للحكومة والولاية لـ«عدم التحرك جديّا في هذا الملف من أجل دول أجنبية، مستفيدة من تخزين هذه المواد في جنوب تونس».
في المقابل، نفى والي قابس، منجي سامر، أنّ «يكون هناك أي دول مستفيدة من وضع مواد كيميائية خطرة في قابس»، مشددًا على أنّ «الولاية تضم منطقة صناعية مسؤولة عن التصدير إلى الخارج لا أكثر».
وكشف سامر ملابسات ما حصل في يوم الانفجار، قائلًا: «أثناء أعمال صيانة والتلحيم في التجمع الصناعة، خالف معمل الإسفلت التعليمات بعدم العمل وإيقاف كل شيء إلى حين الانتهاء من الأعمال، ما أدى إلى وقوع هذا الانفجار الضخم».
وشدد الوالي على أنه لا يستطيع كشف جميع التفاصيل لكي يأخذ التحقيق مجراه، مشيرًا إلى أنّ «فريقًا من الفنيين والإداريين، وتحديدًا من قبل إدارة المحروقات وإدارة الحماية المدنية، وتجمع النقابات العمالية، يتابع التحقيقات التي ستحدد المسؤولية».
وطمأن سامر بالقول: «لا نريد استباق التحقيقات، ولكن لا وجه للمقارنة بين ما حصل في مرفأ بيروت وقابس»، لافتًا إلى أن «التجمع الصناعي يضم مواد عادية غير كيميائية كتلك الموجودة في العاصمة اللبنانية، وقد جرى السيطرة على التفجير بأقل من ساعة و35 دقيقة فقط».
وفي شهر أغسطس الماضي، شهدت العاصمة اللبنانية، بيروت، انفجارًا هائلًا في مينائها البحري، تسبب بقتل المئات وإصابة وتشريد الآلاف من سكان المدينة؛ بسبب سوء تخزين مواد كيميائية خطرة أبرزها مادة نترات الأمونيوم، بحسب التحقيقات الأولية.