أثارت العمليات العسكرية الروسية في أوكرانيا رد فعل عنيف وسريع من القوى الغربية والولايات المتحدة والمنظمات الدولية التي سارعت إلى التنديد بالعمليات العسكرية وفرض حزمة موسعة من العقوبات الاقتصادية الشديدة بحق موسكو، لكن في الشرق الأوسط أثارت الأزمة اتهامات متعددة للقوى الغربية بالنفاق والكيل بمكيالين في الأزمات الدولية.
فخلال أيام فقط من العمليات العسكرية الروسية في أوكرانيا، هرعت القوى الغربية لتفعيل القوانين الدولية واستقبال اللاجئين مع الاحتفاء بالمقاومة الأوكرانية، كما نقلت وكالة «أسوشيتد برس» في تقرير، اليوم الثلاثاء.
وفي دول الشرق الأوسط، تواجه القوى الغربية اتهامات شديدة بالتمييز مع الإشارة إلى معيار مزدوج صارخ في كيفية الاستجابة للأزمات الدولية.
وأعرب وزير الخارجية الفلسطيني، رياض المالكي، في منتدى أمني في تركيا عن هذا الاستياء، إذ قال: «لقد رأينا كل الوسائل التي قيل لنا إنه لا يمكن تفعيلها لأكثر من 70 عامًا تم تفعيلها واستخدامها في أقل من سبعة أيام»، واصفا الموقف الغربي بـ«النفاق المذهل».
وأشار التقرير إلى أن «الغزو الأمريكي للعراق بالعام 2003 كان غزوا غير قانونيا لدولة أخرى، ورغم ذلك وُصف العراقيون الذين قاتلوا القوات الأمريكية بالإرهابيين، وكثيرا ما يتم رفض طلبات لجوئهم إلى الدول الأوروبية باعتبارهم تهديدات أمنية محتملة».
وفيما أعلنت الولايات المتحدة، الأربعاء الماضي، أنها سجلت جرائم حرب محتملة ارتكبتها القوات الروسية في أوكرانيا، لكن حينما تدخلت روسيا في الحرب الأهلية السورية، منذ العام 2015 إلى جانب قوات النظام بشار الأسد، ساعدت القوات الروسية في قصف مئات المدن وتجويع مدن سورية بأكملها دون أن يثير ذلك الغضب الدولي أو العقوبات الغربية، حسب التقرير.
وفي هذا الشأن، قال بروس ريدل، الزميل في معهد «بروكينغز»، إنه من «المفهوم أن يرى الكثير في الشرق الأوسط معايير مزدوجة من قبل الغرب.. الولايات المتحدة وبريطانيا دعمتا حروبا استمرت سنوات في المنطقة تسببت في أزمات إنسانية هي الأسوأ في العالم».
ولم تقتصر ظاهرة «النفاق الغربي» على المواقف الرسمية الغربية فحسب، بل بدت ظاهرة بين رواد مواقع التواصل الاجتماعي، الذين تغنوا بالمقاومة الأوكرانية التي تستخدم الأسلحة ضد القوات الروسية «المحتلة»، فيما يوصف شعب العراق وفلسطين بـ«الإرهابيين»، كما نقل تقرير «أسوشيتد برس».
وقال عبدالأمير خالد من العراق: «لا يوجد فرق بين المقاومة العراقية الأوكرانية.المقاومة العراقية أمام الأمريكيين مبررة، فهم قطعوا آلاف الأميال لغزو العراق لكن روسيا استجابت إلى تهديد مباشر على أبوابها للأمن القومي».
وقال آرون ديفيد ميللر، الزميل في مؤسسة «كارنيغي»: «بشكل عام، صراعات الشرق الأوسط معقدة بشكل لا يصدق..إنها ليست مسرح للأخلاقيات»، وأقر بأن السياسات الخارجية الأمريكية «مليئة بالشذوذ والتناقضات والنفاق إلى حد كبير».
وأضاف تقرير «أسوشيتد برس»: «الصراع الإسرائيلي الفلسطيني يعود إلى أكثر من قرن، ويعتبر معظم العالم المناطق الأراضي الفلسطينية أراضي محتلة، ويعتبر استمرار إسرائيل في بناء المستوطنات انتهاكًا للقانون الدولي. وتصور إسرائيل الصراع على أنه نزاع إقليمي، وتتهم الفلسطينيين برفض قبول حقها في الوجود كدولة يهودية».
وعلى صعيد آخر، يرى الكثيرون في الشرق الأوسط المفارقة في التعامل الأوروبي والأمريكي مع اللاجئين الفارين من النزاعات في البلدان العربية وبين اللاجئين الفارين من أوكرانيا كدليل على التمييز الثقافي الغربي رغم القوانين والقيم الدولية.
ويشعر كثيرون في الشرق الأوسط بأن معاناتهم لا يتم أخذها على محمل الجد بسبب دوامة العنف والصراعات التي غرقت بها المنطقة منذ عقود، بغض النظر عن دور الغرب في خلق وإدامة عديد من صراعاته المستعصية.