عام يمر الآن على اندلاع عملية «طوفان الأقصى» التي انطلقت في السابع من أكتوبر العام الماضي، حيث بدأتها المقاومة الفلسطينية، لينتهي بنتائج لا زالت آثارها متواصلة على أطراف المواجهة كافة، بعد ردود هوجاء أدارها الاحتلال الإسرائيلي بدعم أمريكي سافر على المستويات كافة، بعمليات عسكرية غاشمة غابت خلالها السياسة عن قادة الاحتلال وسيطرت عليهم ردود القوة المفرطة وهي اللغة الوحيدة التي يجيد الكيان الصهيوني التعامل بها خصوصا ضد المدنيين العزل.
يستعيد الفلسطينيون، يوم السابع من أكتوبر الآثار المباشرة التي أحدثتها المقاومة في صفوف الاحتلال بعد أن أربكت حسابات إسرائيل وجيشها، حيث حقق الفلسطينيون في بداية المواجهات مكاسب معنوية تمثلت بإحداث تأثير مباشر على العمق الإسرائيلي لأول مرة منذ احتلال إسرائيل للأراضي الفلسطينية وإعلان الكيان الصهيوني دولته المزعومة، فيما حاولت إسرائيل تصدير صورة المقاومة المشروعة على أنها «إرهاب»، وبدأ رئيس الوزراء الإسرائيلي اتصالات مع الرئيس الأمريكي جو بايدن تم بث أحدها على الهواء، حيث تحدث خلالها عما وصفه بـ «الفظائع»، متجاهلا الخروقات الحقوقية التي تصدرها جيشه، ضد المدنيين الفلسطينيين.
كذلك أربكت المقاومة الداخل الإسرائيلي برشقات صاروخية متتابعة انطلقت من قطاع غزة وأصبحت مستوطنات إسرائيلية بالكامل تحت وطأة عمليات المقاومة التي أسرت مئات الإسرائليين وإدارت إجراءات الأسر في سياق إنساني بينما تجاهل الاحتلال برئاسة حكومته المتطرفة، أية إجراءات لاستعادة الأسرى، حيث عرقل العناد الإسرائيلي تقدما أوليا بدأ في ذلك الملف واضعا شروطا تعجيزية.
تعرَّض الداخل الإسرائيلي لضغوط من أهالي الأسرى على حكومة بنيامين نتنياهو، مطالبين إياه بضرورة إنجاز صفقات لاستعادة ذويهم، بينما واصلت الحكومة الإسرائيلية المماطلة أمام مواطنيها زاعمة أن جيش الاحتلال قادر على استعادة أسراه، وذلك بالمخالفة لواقع العمليات على الأرض حيث تسببت العمليات الإسرائيلية في مقتل أسرى الاحتلال أنفسهم بدلا من تحريرهم، ومرارا حاول نتنياهو تحقيق نصر (ولو إعلامي) أمام شعبه من دون جدوى أمام استمرار عمليات المقاومة.
الجيش الإسرائيلي نفسه يعترف - وفق إحصاءات صدرت عبر موقعه في إغسطس الماضي - بإصابة 4357 جنديا وضابطا على الأقل منهم 2232 إصابة خلال العملية البرية في قطاع غزة، ومقتل 695 جنديا وضابطا منذ بداية الحرب و332 منذ بداية العملية العسكرية في قطاع غزة، وذلك بعد إخفاقات متتالية أمام المقاومة الفلسطينية التي استخدمت شبكة أنفاق لم تنجح الاستخبارات الإسرائلية في كشف خرائطها، كذلك اعترف الجيش الإسرائيلي لاحقا، بأن عدد قتلى ما وصفه بـ «الحوادث التشغيلية» بلغ 53، بينهم 28 قتيلا بنيران صديقة، 20 قتيلا في حوادث مختلفة بينها دهس وحوادث طرق وأسلحة، 5 قتلى نتيجة «طلقات شاذة»، على حد توصيف جيش الاحتلال.
وفلسطينيا أظهرت إحصائية صادرة عن وزارة الصحة في أغسطس الماضي، ارتفاع أعداد الشهداء الفلسطينيين منذ السابع من أكتوبر 2023م إلى أكثر من 40435 قتيلا و93534 جريحا، كذلك بلغ عدد الشهداء في الضفة الغربية، بما فيها القدس المحتلة، 644 شهيدا، بينهم 147 طفلا، فيما تشير تقارير حقوقية أن تلك النسب المعلنة تتعلق بالأرقام التي تم إحصاؤها فقط، بينما تفوق الأعداد الحقيقية هذه ألأرقام بكثير.
سياسيا حاولت الأمم المتحدة الوصول إلى صيغة إنسانية لإيصال المساعدات إلى الفلسطينيين فيما استمرت الولايات المتحدة على موقفها بشأن تقديم الدعم المطلق إلى الاحتلال، ودعمت القوى العربية الفاعلة الموقف الفلسطيني في المنظمات الدولية والإقليمية بموقف إدانة واضح للعمليات العسكرية الإسرائيلية ضد المدنيين، وأمام العناد الإسرائيلي للوصول إلى حل سياسي ووقف إطلاق النار تم تغييب مبادئ القانون الإنساني الدولي أمام الإجراءات الإسرائلية الغاشمة.
حاولت إسرائيل الوصول إلى تقدم إعلامي باغتيال إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحركة حماس في إيران، وأتبعت تلك العملية بضربات قتلت خلالها حسن نصر الله الأمين العام لحزب الله في لبنان، ولا زالت التحذيرات قائمة من اندلاع حرب شاملة جراء إحتلال لم يعترف إلا بلغة القوة ودعم أمريكي سافر له، بينما أصبح القانون الدولي أمام الممارسات الإسرائلية «في خبر كان».