الدوحة تواجه شح السيولة بـ«الاستدانة الناعمة».. ماذا يعني  لجوء قطر للسندات الدولارية؟

سدادها يتم وفقًا لمعدل وجدول زمني محدد مسبقًا
الدوحة تواجه شح السيولة بـ«الاستدانة الناعمة».. ماذا يعني  لجوء قطر للسندات الدولارية؟

أصدرت قطر، خلال الأسبوع الماضي، سندات دولارية بقيمة 12 مليار دولار، بهدف معالجة أزمة السيولة التي تعاني منها منذ قطعت الدول العربية علاقاتها معها في عام 2017.

وأدت المقاطعة التي أعلنتها كل من السعودية ومصر والإمارات والبحرين إلى تراجع حاد في الودائع العربية بالبنوك القطرية، ما أثر على النمو الاقتصادي، ومن ثم على السيولة المالية.

وحرصت قطر على إصدار السندات الدولارية بأسعار مُرتفعة عن مثيلاتها في جهات أخرى من العالم- كالولايات المتحدة الأمريكية- وذلك لجعلها أكثر جذبًا للمستثمرين الأجانب، في ظل الاحتياج الشديد للسيولة وتباطؤ الإيرادات. 

تعريف السندات

تمثل السندات التزامات ديونًا على الحكومات- وبالتالي فهي شكل من أشكال الاقتراض الواجب سداده بمرور الوقت. تمامًا مثل الرهن العقاري أو الدفع ببطاقات الائتمان، وبالتالي فإن مشتري السندات هم في الأساس مُقرِضون. وعلى سبيل المثال، إذا كنت قد اشتريت سندًا ادخاريًا حكوميًا، فقد أصبحت مُقرضًا للحكومة.

ويجب أن يدفع مُصدر السند ربحًا إضافيًا للمُقرضين للحصول على امتياز في تسويق سنداته، ويأتي هذا «الربح الإضافي» في صورة مدفوعات الفائدة، والتي يتم إجراؤها وفقًا لمعدل وجدول زمني محدد مسبقًا.

وعادةً ما تُسمى السندات بالدولارية عندما يتم تقييمها أو تسعيرها بالدولار بدلًا من العملة المحلية، وذلك إذا تم إصدارها خارج الولايات المتحدة، أو من قبل شركات أجنبية داخل الولايات المتحدة.

لماذا تلجأ إليها الحكومات؟

تلجأ الحكومات إلى السندات، بهدف جمع الأموال لتمويل مشروعات جديدة، أو الحفاظ على معدلات الإنفاق- الاستثمارية أو الاستهلاكية- الجارية، أو إعادة تمويل الديون القائمة، وذلك من خلال طرحها مباشرة للمستثمرين.

وهنا يُصدر المُقترض سندًا يتضمن شروط القرض ومدفوعات الفائدة التي سيتم إجراؤها، والوقت الذي يجب فيه سداد الأموال المقترضة (أصل السندات) وكذلك تاريخ الاستحقاق.

ويعتبر دفع الفائدة (أو الكوبون) جزءًا من العائد الذي يكسبه حاملو السندات لإعارة أموالهم إلى الجهة المصدرة. وعادة ما يتم تحديد السعر الأولي لمعظم السندات بالقيمة الإسمية، التي تكون في الغالب  ما بين 100 أو 1000 دولار لكل سند على حدة.

وترتفع أسعار عرض السندات؛ ما يزيد من قيمة الفوائد والمستحقات، بناءً على عدد من العوامل منها: جودة الائتمان للحكومة المُصدرة للسندات، والمدة المحددة حتى انتهاء الصلاحية، ومعدل الكوبون مقارنة ببيئة معدل الفائدة العام في وقت الطرح.

الحالة القطرية

وأصدرت قطر، رغم كونها من أكبر مُصدري الغاز الطبيعي على مستوى العالم، خلال الأسبوع الماضي، سندات دولارية بقيمة 12 مليار دولار موزعة على شرائح لأجل 5 و10 و30 عامًا.

وقالت وثيقة صادرة عن أحد البنوك التي تقود الصفقة، إن السندات لأجل خمس سنوات ستُعرض بسعر استرشادي مبدئي يبلغ نحو 110 نقاط أساس فوق سندات الخزانة الأمريكية، في حين أن سندات العشر سنوات وسندات الـ30 عامًا ستقدم بنحو 160 نقطة أساس و200 نقطة أساس فوق نفس المستوى القياسي.

وأوضحت الوثيقة أن بنك باركليز وكريدي أجريكول وكريدي سويس وبنك دويتشة وبنك قطر الوطني كابيتال وستاندرد تشارترد قد تم التعاقد معها لترتيب السندات التي تبلغ مدتها خمس وعشر سنوات.

وستكون الفروع التايوانية لكل من كريدي أجريكول ودويتشة بنك وستاندرد تشارترد، مساهمين مشتركين لشريحة الـ30 عامًا- وهي عبارة عن سند فورموزا- وهو نوع من سندات الدين التي تباع في تايوان من قبل جهات إصدار أجنبية ويتم تسعيرها بعملات أخرى غير الدولار التايواني.

وقال سيرغي ديرغاشيف، كبير مديري المحافظ في شركة الاتحاد للاستثمار التي تتخذ من ألمانيا مقرًا لها: «يمكنني أن أتخيل أنهم قد يصدرون ما بين 7.5 و 12.5 مليار دولار».

وفي العام الماضي جمعت قطر نحو 12 مليار دولار من خلال صفقة سندات ذات هيكل مشابه، وكان ذلك أحد أكبر الديون السيادية من قبل سوق ناشئة خلال العام 2018.

وبدأت البنوك القطرية توسيع مصادر تمويلها بالاعتماد على الديون الدولية- في صورة سندات- منذ أن قررت الدول العربية مقاطعتها في يونيو 2017 بين قطر.

وفي 16 يناير الماضي، أعلن بنك قطر المركزي عن إصدار سندات مدتها خمس سنوات بقيمة خمسة مليارات ريال (1.38 مليار دولار).

وتدخل السندات ضمن أدوات الاستدانة القطرية لتوفير السيولة، إلى جانب الصكوك، وسندات الخزانة والاقتراض المباشر، وجميعها يصدرها مصرف قطر المركزي نيابة عن الحكومة.

تصاعد الاستحقاقات

ولدى قطر سندات دولارية أمريكية مُستحقة الدفع في الربع الثاني من يونيو من العام الجاري، لذا لجأت لإصدار بديل لتوفير السيولة اللازمة قبل تاريخ استحقاق السندات.

وأيضًا، من المقرر أن تصل الديون المستحقة على قطر إلى أكثر من 10 مليارات دولار في العام المقبل، لذا لجأت الحكومة القطرية إلى بيع هذه الديون الكبيرة لتمويل هذه الاستحقاقات.

وارتفعت قيمة سندات الدين المستحقة في قطر بشكل ملحوظ مع تزايد حاجة الدوحة للسيولة المالية من أجل مواجهة إنفاقها الحالي، وسط تباطؤ العائدات كإحدى نتائج المقاطعة العربية.

ووفقًا للبيانات الصادرة عن مصرف قطر المركزي، تبلغ القيمة الإجمالية للسندات المستحقة نحو 70.3 مليار ريال (19.32 مليار دولار أمريكي).

وكانت البيانات الرسمية أظهرت تراجع ودائع القطاع العام في قطر بنحو 26.8 مليار ريال (7.366 مليار دولار) في يناير الماضي، مقارنةً بنفس الشهر من عام 2018. وبلغت الودائع 269.8 مليار ريال (74.16 مليار دولار) بنهاية يناير 2019، وفقًا لتقرير أصدره مصرف قطر المركزي الأسبوع الماضي.

قد يعجبك أيضاً

No stories found.
logo
صحيفة عاجل
ajel.sa