وضعت احتجاجات نظمها عمال آسيويون يشاركون في إنشاء مشروعات كأس العالم المقررة في قطر 2022، نظام الحمدين في مواجهة جديدة مع المنظمات الحقوقية الدولية، بعدما أظهرت مقاطع مصورة مشاهد مروِّعة لتعامل الشرطة المحلية خلال الأحداث.
ويعزز تعامل الشرطة القطرية العنيف مع احتجاج العمال على عدم تسلم رواتبهم وتردي أوضاعهم المعيشية، المطالب المتكررة بسحب تنظيم البطولة من قطر، التي تبين مؤخرًا أنها تلاعبت بالأصوات المؤثرة داخل الاتحاد الدولي لكرة القدم «فيفا»، من أجل الفوز بالتنظيم على حساب دول كبرى، من بينها الولايات المتحدة.
وكانت مصادر قريبة من الجدل الدائر داخل مقر «فيفا» في مدينة زيورخ بسويسرا حول استضافة الدوحة للبطولة، ذكرت أن مصالح الشركات الكبرى العاملة في الانشاءات القطرية، تحول دون التسريع باتخاذ قرار سحب التنظيم، مضيفة أن الأمر قد يعود إلى «طاولة النقاش »، خلال الفترة المقبلة.
ورجحت مصادر حقوقية عربية تحدثت لـ«عاجل» أن يوفر العنف الأمني في التعامل مع الاحتجاجات العمالية الأخيرة دافعًا جديدًا لعدد من المنظمات الحقوقية، لاسيما التي ينتمي إليها هؤلاء العمال، خاصة الهند ونيبال وبنجلاديش، كي تثير القضية مجددًا، بما يعجِّل بخطوة سحب التنظيم.
وقالت المصادر إن تحالفًا يضم عددًا من هذه المنظمات بدأ، مساء أمس الإثنين، تحركًا جديدًا للضغط باتجاه سحب تنظيم البطولة من قطر، بعدما أخلت بالتزامات قطعتها الصيف الماضي بإعادة النظر في أوضاع العمال المشاركين في بناء الملاعب والفنادق والمنشآت الخاصة بالمونديال.
ووفق المصادر، فإن منظمات حقوقية تلقت العام الماضي تأكيدات بأن سحب تنظيم البطولة من قطر بات الاحتمال الأقرب، غير أن ضغوطًا من جانب الشركات المتعاقدة على تنفيذ الإنشاءات تدفع باتجاه تأجيله، حتى بداية عام 2021، علمًا بأن دولة آسيوية كبرى، لها خبرة سابقة في استضافة أحداث مماثلة، هي المرشح الأوفر حظًا لاستقبال البطولة.
من جانبه، قال موقع «tn24» الناطق بالفرنسية إن قطر «التي لا تتوقف عن تفاخرها بتنظيم نهائيات كأس العالم لكرة القدم»، تحاول «إخفاء العبودية التي يتعرض لها العمال الأجانب الذين تستغلهم لتشييد الملاعب، فهؤلاء العمال يحصلون على رواتب قليلة، وسكن سيئ، وكذلك الوضع بالنسبة للطعام.. الأمر الذي دفع بعضهم إلى التمرد».
وأضاف الموقع: «شهدت البلاد نهاية الأسبوع، احتجاجات عنيفة؛ حيث شكا العمال من عدم الحصول على رواتبهم، منذ عدة أشهر، وقاموا بتحطيم واجهات مواقع البناء والإدارات والحافلات والسيارات للشركات التي تشرف على إقامة هذه الملاعب».
وعلى الرغم من التعتيم الذي فرضته السلطات القطرية حول هذه الأحداث نجح بعض العمال في تسريب مقاطع فيديو تظهر العنف الأمني، والأضرار التي لحقت ببعض المنشآت التي يعملون بها.
وذكر العمال أنهم نظموا اعتصامًا سلميًا للاحتجاج على سياسات الحكومة القطرية التعسفية ضدهم، وعدم الحصول على رواتبهم وانتهاك حقوقهم الآدمية وسوء أحوالهم المعيشية وغياب التأمين الصحي المناسب، فيما أظهرت صور ومقاطع متداولة سيارات محطمة جراء العنف الأمني مع المشاركين.
وحظيت قناة «الجزيرة»، التي تجاهلت الأحداث تمامًا بنصيب وافر من انتقادات النشطاء العرب على مواقع التواصل الاجتماعي، بعدما أثبتت أنها «مجرد بوق لنظام الحمدين» و«أداة للتحريض على دول عربية بعينها»، دون اعتبار للشعارات التي ترفعها عن الحياد والموضوعية.
وقبل أيام، دعت ثلاثة منظمات حقوقية هي «العربية لحقوق الإنسان» والمنظمة الإفريقية لثقافة حقوق الإنسان والرابطة الخليجية للحقوق والحريات، إلى فتح تحقيق شفاف ومحايد حول الإساءة إلى العمال المهاجرين في قطر.
ورفعت المنظمات الثلاث شكوى حقوقية دولية إلى رئيس ومجلس إدارة التحالف الدولي للمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان والمفوض السامي لحقوق الإنسان ولجنة حقوق الانسان في البرلمان الأوروبي ورئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم» تتهم فيه الجانب القطري بالتغطية على مقتل أكثر من 1200 عامل أجنبي في بناء المنشآت الرياضية لكأس العالم .
كما استعرض تقرير لمنظمة العفو الدولية نشر في 5 فبراير الماضي سجل قطر في انتهاك حقوق العمال المهاجرين، موضحة أن هؤلاء العمال مازالوا عرضة للانتهاكات الجسيمة التي أدت لوفاة أكثر من 1200 عامل، وهو نفس الرقم الذي أورده الاتحاد الدولي لنقابات العمال (ITUC)، متوقعًا أن يصل العدد، إلى نحو 4000 حالة بحلول عام 2022.
ومثل عدد الضحايا صدمة للمتابعين، كونه يتجاوز بـ20 ضعفًا أكبر حصيلة لوفيات حدثت في مثل هذه المناسبات، وكانت قبل أولمبياد سوتشي الشتوية لعام 2014 حيث توفي 60 شخصًا .
وإزاء ذلك، دعا ممثلو عائلات الضحايا الذين قُتلوا وأصيبوا بالفعل في مواقع بناء في الدوحة إلى نقل البطولة إلى دولة أخرى، ما لم تتمكن قيادة قطر من ضمان سلامة أبنائهم.
وفي وقت سابق، جددت الحكومة البريطانية الضغط على قطر لوقف ما يتعرض له العمال المهاجرون. وقال وزير الرياضة البريطاني هيو روبرتسون، لصحيفة «جارديان» إنه يجب أن يكون «شرطًا أساسيًا لتوصيل كل حدث رياضي كبير بأن يتم تطبيق أعلى معايير الصحة والسلامة».