«تهديدات أمريكية» تدفع رئيس إيران للتلطيف على هامش قمة «الدول الضامنة» بأنقرة

أردوغان يحاول الخروج من ورطته في المنطقة منزوعة السلاح..
«تهديدات أمريكية» تدفع رئيس إيران للتلطيف على هامش قمة «الدول الضامنة» بأنقرة

لجأ الرئيس الإيراني حسن روحاني، اليوم الإثنين، إلى تبني خطاب تلطيفي بعد التهديدات الأمريكية المباشرة، على خلفية الاعتداء الإرهابي على منشآت نفطية سعودية، والتي تسببت في صعود أسعار النفط بنحو 19.5%- تعادل 71.95 دولارًا للبرميل-؛ حيث سجَّل خام برنت أكبر مكاسب مئوية منذ بداية حرب الخليج في عام 1991.

وأعرب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، مساء أمس الأحد، عن اعتقاده بأن «واشنطن ربما تعرف الفاعل المسؤول عن الهجمات الإرهابية على منشآت أرامكو في بقيق وخريص، السبت الماضي، وأنها جاهزة للرد حال أمدتها المملكة العربية بتفاصيل الهجوم.. نحن جاهزون للرد على الاعتداء اعتمادًا على التحقق أولًا».

وفيما أدى الهجوم على منشأتي نفط سعوديتين إلى توقف إنتاج يعادل 5% من الإمدادات العالمية، وسط اتهامات غير رسمية بوقوف النظام الإيراني عبر وكلائه وراء الهجوم، فقد قال روحاني: «إن المشاكل التي تعصف بالمنطقة، ينبغي أن يتم حلها من قبل الدول الإقليمية، عبر قنوات الحوار والحلول السياسية...».

وفيما يشارك روحاني في الاجتماع الثلاثي الإيراني- الروسي- التركي، في أنقرة اليوم الإثنين؛ للتباحث حول سوريا ومستقبلها، فقد قال روحاني: «مستعدون لكي تكون لدينا علاقات ودية مع جميع الدول المجاورة»، ما يعني تراجع لهجة استعراض القوة، التي تبنَّاها المسؤولون الإيرانيون خلال الفترة الأخيرة.

وتنعقد، اليوم، القمة الخامسة لإيران وروسيا وتركيا حول تطورات الشأن السوري، فيما يُعرف باجتماع «الدول الضامنة» لعملية السلام في أستانا، التي أطلقت في كازاخستان في يناير 2017؛ لإنهاء الحرب السورية، وتركز القمة حول ما يحدث في محافظة إدلب، وسط تقدُّم واضح للجيش السوري على حساب الميليشيات، والفصائل المسلحة الموالية للرئيس التركي رجب أردوغان.

ويوافق، غدًا الثلاثاء، ذكرى مرور عام على اتفاق تركيا وروسيا على إنشاء منطقة منزوعة السلاح حول إدلب، بما في ذلك أيضًا المحافظات المجاورة اللاذقية وحماة وحلب، فيما بدأ الجيش السوري في أبريل الماضي، حملة عسكرية موسّعة لتحرير إدلب من المتمردين والتنظيمات الإرهابية، التي يقول مراقبون إنها مدعومة مباشرة من النظام التركي، الراغب في احتلال شمال سوريا.

وتأكيدًا، لما أوردته «عاجل»، في أغسطس الماضي، حول تصدي الإدارة الأمريكية لأطماع أردوغان في الشمال السوري، ورفضها مشروع «المنطقة الآمنة»، فقد اعترف وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو، علنًا، قبل أيام، بحقيقة الأزمة بين أنقرة وواشنطن، موضحًا أن واشنطن تحاول تعطيل تنفيذ اتفاق لإنشاء المنطقة آمنة في شمال سوريا.

وأكَّد وزير خارجة أردوغان، أن واشنطن لم تتخذ حتى الآن أي إجراءات، مشيرًا، خلال مؤتمر صحفي عقده في أنقرة، إلى أن نهج الولايات المتحدة بخصوص تنفيذ اتفاق المنطقة الآمنة لم يكن مرضيًّا لتركيا، وأن الخطوات التي اتخذتها واشنطن شكلية.

وأكَّدت «عاجل»، في نهاية أغسطس الماضي، أن الرئيس التركي رجب أردوغان، لجأ إلى «الكذب» مجددًا، بعدما زعم، حسب قناة «سي إن إن ترك»، أن الاتفاق الموقَّع مع الولايات المتحدة لإقامة منطقة آمنة بشمال شرق سوريا هو التحرُّك الصائب، وأنَّ أنقرة لن تسمح بتأجيله».

ويؤكِّد الواقع أنَّ فكرة «المنطقة الآمنة»، التي يطرحها أردوغان في شمال شرق سوريا لمسافة 460 كم وبعمق قد يصل إلى 40 كم، تواجه رفضًا أمريكيًّا صريحًا، رغم أن أردوغان قدَّم كل التنازلات والمبررات للإيحاء بأن «المنطقة الآمنة»، هدفها تأمين حدودها.

إلا أن قناعة الإدارة الأمريكية أن تركيا تخطِّط لطرد الأكراد من كامل المنطقة، لاحقًا، فقد شدَّدت وزارة الدفاع الأمريكية على أنّه «تمّ فقط الاتفاق مع أردوغان على مجرد آلية للعمليات المشتركة، ولا يتضمن أبدًا منطقة آمنة».

وعلمت «عاجل»، أنَّ نقاط الخلاف بين واشنطن وأنقرة كثيرة؛ حيث يريد أردوغان إنشاءها بعمق يتراوح بين 30 و40 كيلومترًا في الشمال السوري، بينما كانت ترى واشنطن، قبل فشل الفكرة، إنشاء منطقة بـ«عرض خمسة كيلومترات خالية من أي مسلح كردي، وأنها ستكون وفق وجهة نظر واشنطن كافية؛ لتهدئة بواعث القلق التركي، مع التعهد، غير محدَّد الوقت، بسحب الأسلحة الثقيلة من القوات الكردية».

وترفض واشنطن- حسب مصادر عاجل- رغبة أردوغان في فرض سيطرة أمنية كاملة على ما يُسمى بالمنطقة الآمنة، التي يرغب فيها، ويستهدف أردوغان من وراء خطة المنطقة الآمنة إعادة نحو ثلاثة ملايين لاجئ سوري يقيمون في تركيا إلى هذه المنطقة، وأن تكون قيادتهم مسؤولية عناصر تم تدريبها عسكريًّا وأمنيًّا بمعرفة المخابرات التركية، ومن ثمَّ سيصبح هؤلاء مانعًا طبيعيًّا تابعًا لتركيا داخل الأراضي السورية، بالتزامن مع ضغوط داخلية تركية بإنهاء الملف السوري وإخراج السوريين من البلاد.

ألاعيب أردوغان حكمت بالفشل المسبق على فكرة «المنطقة الآمنة»، وكذلك العمليات المشتركة لمركز التنسيق التركي- الأمريكي في سوريا، كوْن واشنطن على قناعة بأنَّ التعاون سيكون على أنشطة منفصلة، وأن الفائدة الوحيدة لهذا المركز من وجهة نظر واشنطن، أنه يضمن عدم إطلاق القوات التركية النار على القوات الأمريكية؛ أثناء عملياتها في الأراضي السورية.

وتعرف أنقرة جيدًا أن سقوطًا عسكريًّا أمريكيًّا بنيران تركية، سيقضي على العلاقات بين البلدين بشكل نهائي، ومن ثمَّ كانت التعليمات المباشرة من أردوغان لوزارة الدفاع والاستخبارات التركية؛ بتجنب هذه العواقب الوخيمة وعدم القيام بأي تحرُّك غير محسوب تقوم به القوات العسكرية التركية، أو الفصائل الموالية لها في مناطق التوتر العديدة شمال سوريا.

وذكرت وكالة الأناضول، لسان حال النظام التركي، في وقت سابق، أنَّ أردوغان تحدَّث هاتفيًّا مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حول ما يحدث في منطقة إدلب السورية»؛ لكنها لم تقل إنّ الوضع الصعب الذي يعيشه النظام التركي في الملف السوري، هو الذى دفع أردوغان ومساعديه إلى المبادرة بتلطيف الأجواء مع الإدارة الأمريكية، لا سيما في ظل اتجاه قوات الجيش السوري إلى تمشيط مدينة خان شيخون جنوب إدلب، ومعها بلدتا اللطامنة وكفزيتا شمال حماة، بعد فرار الميليشيات وعناصر المرتزقة الموالين لأردوغان.

وذكر أردوغان، مؤخرًا، أنّ القوات البرية التركية ستدخل المنطقة الآمنة المزمعة قريبًا جدًا»، بعدما قالت مصادر مطلعة على لقاء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، والتركي رجب أردوغان، مؤخرًا إن بوتين ألزم أردوغان بخارطة طريق واضحة، فيما يتعلق بالتصدي للميليشيات الإرهابية والفصائل المسلحة في شمال غرب سوريا، دون اهتمام كافٍ من موسكو بمزاعم أردوغان حول التهديدات، التي تتعرّض لها حدود تركيا مع سوريا، ومشروع المنطقة الآمنة التي يرغب في اقتطاعها من الحدود السورية.

وشدّد بوتين، بعد محادثات مع أردوغان في موسكو، على أنَّ «موسكو وأنقرة اتفقتا على خطوات إضافية مشتركة لتحييد أوكار الإرهابيين في إدلب وإعادة الوضع لطبيعته في سوريا بأكملها»، دون أن يتطرق لدعوة أردوغان إلى وقف هجوم القوات الحكومية السورية، التي تشن هجومًا بدعم من القوات الجوية الروسية في منطقة إدلب، آخر معقل متبقٍّ للمعارضة في سوريا.

وتحاصر القوات السورية ميليشيات مدعومة من أردوغان، كما تحاصر موقعًا عسكريًّا تركيًّا، موقع المراقبة العسكري قرب بلدة مورك، واحد من 12 موقعًا أقامتها أنقرة في شمال غرب سوريا، فيما صدم بوتين أردوغان عندما لم يتطرق إلى ورطة تركيا في شمال سوريا، رغم أن مسؤولًا تركيًّا كبيرًا قال قبيل المحادثات: «إن أنقرة تتوقع من روسيا بصفتها داعمًا قويًّا للأسد، أن تتخذ خطوات لتخفيف حدة المشكلة».

ويواصل الجيش السوري توغله في مناطق عمليات الميليشيات التركية في محافظة إدلب وحماة؛ حيث بسطت قوات الجيش سيطرتها الكاملة على العديد من المناطق الاستراتيجية، لا سيما مدينة كفرزيتا- كبرى بلدان ريف حماة الشمالي- دون أي مقاومة أو اشتباكات، بالإضافة إلى سيطرتها على تلال شرق النقطة التركية العسكرية في بلدة مورك.

وارتفعت حصيلة المناطق التي سيطر عليها الجيش السوري، مؤخرًا، إلى 23 منطقة، تحديدًا منذ انهيار اتفاق وقف إطلاق النار في الخامس من أغسطس الماضي، مع سقوط مزيد من الخسائر البشرية، معظمهم في صفوف الميليشيات الإرهابية؛ حيث ارتفع العدد إلى 3761 شخصًا، منذُ بدء العلميات في منطقة «خفض التصعيد» في الفترة من 30 أبريل حتى الآن.

وعبرت مركبات عسكرية تركية مسلحة إلى داخل الحدود السورية، أمس الأحد، في حماية المركبات العسكرية الأمريكية، وذلك لبدء «الدوريات المشتركة»، بالقرب من تل أبيض، بعد فشل الطرح التركي المتعلق بإقامة «منطقة آمنة»، على عمق 40 كيلومترًا داخل الحدود السورية.

وفي المقابل، نددت سوريا رسميًّا، بهذه الخطوة قائلة إنها «انتهاك سافر» لسيادتها، وجاء في بيان لوزارة الخارجية السورية، أن «الخطوة انتهاك لسيادة ووحدة أراضي الجمهورية العربية السورية»، في المناطق الواقعة تحت سيطرة وحدات حماية الشعب الكردية.

قد يعجبك أيضاً

No stories found.
logo
صحيفة عاجل
ajel.sa