في خطوة مفاجئة، أمر الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، سلطات بلاده بعدم إزعاج وعرقلة التونسيين الوافدين والمغادرين على الحدود بين البلدين.
جاء الأمر الرئاسي، وسط بوادر أزمة مع تونس أثيرت على خلفية تهريب ناشطة جزائرية بشكل سري إلى فرنسا عبر تونس، بوساطة من عقيد في المخابرات التونسية، في واقعة وصفتها وسائل إعلام بـ"المهينة".
توجيهات الرئيس الجزائري علق عليها وزير الشؤون الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج نبيل عمّار، وسفير الجزائر لدى تونس عزوز باعلال، قائلين إنها تأتي لتأكيد عمق ومتانة الأخوة والتعاون القائم بين البلدين، وضرورة العمل على تجسيد إرادة قيادة البلدين باتجاه تحقيق نقلة نوعية في مستوى التعاون الثنائي، بما يُفضي إلى بلوغ مرتبة الشراكة الاستراتيجية الشاملة والمستدامة.
كانت إذاعة "موزاييك" التونسية، أذاعت خبرًا مفاده أن التونسيين العائدين من الجزائر بدأوا يتعرضون إلى "إجراءات تفتيش دقيقة ومفاجئة" يقوم بها الديوان الجزائري منذ مساء الخميس، مشيرة إلى أن هذا الإجراء "تسبب في توقف حركة المرور والسفر وتشكل عدد كبير من طوابير السيارات، وفي قضاء عديد العائلات ليلتها وسط سياراتها في وضع مناخي اتسم بالبرودة الشديدة".
الإذاعة نوهت لأن الناشطة الجزائرية أميرة بوراوي، مثلت الإثنين الماضي أمام القاضية بمحكمة تونسية، لتقرّر إخلاء سبيلها شريطة حضورها خلال جلسة بتاريخ 23 فبراير الجاري، فيما قال محامي الناشطة إن اثنين من رجال الأمن تدخلا واقتادا أميرة البوراوي في سيارة إلى المطار دون تقديم أيّ توضيحات.
بحسب “موزاييك” انتقدت الصحافة الجزائرية تعامل السلطات الفرنسية، وتدخّلها في ما اعتبرته "تهريب الناشطة أميرة بوراوي من تونس إلى ليون، بتدخل من عقيد في جهاز المخابرات التونسية، بينما توقعت أن يؤثر ما حدث على العلاقات الجزائرية الفرنسية، قبيل الزيارة المرتقبة للرئيس الجزائري عبد المجيد تبون إلى باريس.
كانت الجزائر استدعت الأربعاء، سفيرها لدى فرنسا للتشاور عقب ما وصفه بـ "عمليّة الإجلاء السرية" للناشطة والصحفية أميرة بوراوي إلى فرنسا عبر تونس، وهي قضيّة تهدّد بإحياء التوتّر بين البلدين بعد الانفراجة الأخيرة في العلاقات، وفق فرانس برس.
بعد هذه الواقعة شن الإعلام الرسمي الجزائري هجومًا حادًا على فرنسا، إذ اتهمت وكالة الأنباء الجزائرية، أوساطًا في فرنسا بالعمل على تقويض علاقات الجزائر مع باريس، باستخدام عملاء سريين ومستشارين من أصل جزائري على صلة بالمملكة المغربية، وذلك على خلفية إجلاء سري لناشطة جزائرية مطلوبة لبلادها إلى فرنسا.
وبلهجة حادة “قد تعبر عن الموقف الرسمي للجزائر” قالت الوكالة الحكومية إنه "يوجد على مستوى المديرية العامة للأمن الخارجي الفرنسي، خطة تقضي بتقويض العلاقات الجزائرية-الفرنسية، يجري تنفيذها من قبل عملاء سريين و”خبارجية” وبعض المسؤولين على مستوى المديرية العامة للأمن الخارجي الفرنسي ووزارة الخارجية الفرنسية، وكذا بعض المستشارين الفرنسيين من أصل جزائري، لا يخفون ولعهم وتبجيلهم للمخزن".
"الخبارجية" كلمة يتداولها الجزائريون لوصف عملاء المخابرات، بينما تشير كلمة "المخزن" إلى رجال السلطة في المغرب.
مقال الوكالة الذي يترجم الغضب الرسمي من إجلاء الناشطة الجزائرية أميرة بوراوي، من تونس إلى فرنسا رغم أنها ممنوعة من مغادرة التراب الجزائري، جاء بعنوان "المصالح الفرنسية (البربوز) تسعى إلى القطيعة النهائية مع الجزائر"، وهي القضية التي تهدد بإحياء التوتر بين البلدين بعد انفراجة في العلاقات مؤخرًا.
وسائل إعلام أعلنت مساء أمس الجمعة، أنه في سياق الجفاء السائد منذ عدة أشهر بين المغرب وفرنسا، أنهت الرباط مهام سفيرها في فرنسا، محمد بنشعبون، وفق فرانس برس، حيث تتهم المملكة المغربية، باريس، بالوقوف وراء توصية البرلمان الأوروبي المنتقدة لأوضاع حرية الصحافة في المغرب.
وكان البرلمان الأوروبي تبنى في يناير توصية غير ملزمة تطالب السلطات المغربية بـ"احترام حرية التعبير وحرية الإعلام"، و"ضمان محاكمات عادلة لصحفيين معتقلين"، وفق وسائل إعلام أمريكية.
ويرى مراقبون أن العلاقات بين المغرب وفرنسا تدهورت خلال الأشهر الأخيرة لصالح عودة قوية للجزائر على الصعيد الثنائي، بينما شهدت العلاقات بين فرنسا والجزائر خلال الفترة الأخيرة تطورات إيجابية، ترجمتها الزيارات الرسمية بين مسؤولي البلدين، في الوقت الذي يتحدث فيه متابعون عن فتور بين باريس والمغرب، لصالح تقارب غير مسبوق مع إسرائيل، بموجب اتفاقات إبراهيم التي وقعتها الرباط بوساطة أمريكية.
وبينما شهدت علاقات باريس تحسنا ملحوظا خلال الأشهر الأخيرة، أكدتها زيارة الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، إلى الجزائر، وزيارة رئيس هيئة الأركان الجزائري، سعيد شنقريحة، إلى باريس، لم يتحدث قصر الإليزيه عن أي جدولة لزيارة رئاسية قريبًا.
في نوفمبر 2021، قُتل ثلاثة جزائريين في قصف نُسب إلى المغرب واستهدف شاحنات تقوم برحلات بين موريتانيا والجزائر، وأفاد بيان للرئاسة الجزائرية وقتها بأن "عدة عناصر تشير إلى ضلوع قوات الاحتلال المغربية بالصحراء الغربية في ارتكاب هذا الاغتيال الجبان بواسطة سلاح متطور"، وقبل ذلك اتهمت الجزائر عناصر من حركة ماك التي تدعو لانفصال منطقة القبائل بالعمل رفقة المخابرات المغربية على إشعال الحرائق في تيزي وزو وبويرة وبجاية (شرق) بينما نفى المغرب ذلك.