كيف يمكن لسماعات الأذن أن تدمر العلاقات الإنسانية؟

أصبحت تتسبب في إزعاج متزايد
كيف يمكن لسماعات الأذن أن تدمر العلاقات الإنسانية؟

مشهد اعتيادي تراه في شوارع نيويورك: هي تجلس أمام مقهى في ضوء الشمس، هو يصل، ويبدآن في الحديث. كلاهما يرتدي سماعات أذن صغيرة لاسلكية، ولكن لا يفكر أي منهما في نزع السماعات.

أصبحت السماعات صيحة تتسبب في إزعاج متزايد، ومعظمها يشمل سماعات إير بودز البيضاء التي تصنعها شركة آبل الأمريكية، بالإضافة إلى طرازات أخرى تصنعها شركات مثل سامسونج.

لفترة طويلة، كانت تعد سماعات الأذن اللاسلكية الصغيرة محل سخرية، ولكن الآن يبدو أنها أصبحت في كل مكان: على متن القطار، في المكتب، الآباء يرتدونها من أجل اصطحاب الأطفال من المدرسة، والأصدقاء يرتدونها عندما يلتقون في الحانات.

ويبدو أنه لا يمكن خلع هذه السماعات، بعكس السماعات ذات الأسلاك.

ويقول شخص ما في ميدان واشنطن في مانهاتن، إنه يرتدي السماعات طوال الوقت، ويضيف «السماعات مريحة للغاية لدرجة إنني في بعض الأحيان لا ألاحظ إنني ما زالت أضعها في أذني».

ولا يبدو أن صديقه الذي لا يرتدي السماعات سعيدًا للغاية بهذه الأداة،. ويقول «أقول له دائمًا هذه السماعات تضايقني» مضيفًا أنه لا يعلم أبدًا ما إذا كان صديقه قد أغلق السماعات أم لا .

يبدو أن بعض ممن يرتدون سماعات الأذن يعتقدون أنه لا يهم ما إذا كانوا يرتدون السماعات أم لا، لأنه ما زال يمكنهم سماع أصدقائهم.

ولكن يمكن استخدام سماعات الأذن في الكثير من الأشياء غير سماع الموسيقى، فقد أعلنت آبل مؤخرًا عن سمة جديدة تتيح لسماعات إير بودز بأن تقرأ آليًا الرسائل النصية التي يستقبلها مرتدي السماعة.

ويقول مايكل نيديجين، الأستاذ الألماني في مجال علم النفس وعلم النفسي العصبي، إنه يتفهم تحفظات بعض الأشخاص.

ويقول إن الأشخاص ليسوا مؤهلين من ناحية الدلالات لإدراك أمرين في وقت واحد، وأضاف «يمكنك السير والتحدث، أو الكتابة والاستماع للموسيقى»، وأوضح «لكن بمجرد أن تتلقى قطعتين من المعلومات الشفهية لا يفلح الأمر».

لذلك يمكن للسماعات أن تؤثر على التواصل عندما يجرى الشخص محادثة ويستمع لشيء ما في سماعة الأذن في وقت واحد.

ويضيف نيديجين «المحادثات تصبح أكثر سطحية لأننا لا نستوعب جميع المعلومات التي يخبرنا بها المتحدث».

وربما يتعين على الشخص الآخر البدء في تكرار المعلومات، أو اللجوء للتفصيلات من أجل الاستمرار في المحادثة، و بالطبع فإن جودة التواصل بين المتحدثين لا تكون على ما يرام. ببساطة؛ ارتداء سماعات الأذان سواء كانت مغلقة أم لا، يشير لشريكك في الحديث إلى أنك لا توليه كامل اهتمامك.

ويقول نيديجين: «بالطبع إنها تعطي رمزًا خاطئًا عندما يتعلق الأمر بتوضيح كيفية تقييمك للأشخاص» مثل الاستمرار في التحديق في هاتفك المحمول.

وتقول باتريشا فيتزباتريك، التي تقوم بالتدريس في مدرسة نيويورك للاتيكيت إنها مسألة سلوك أيضًا.

وتضيف «إذا كنت تحترم الشخص الذي أنت بصحبته، اخلع سماعات الأذن الخاصة بك».

وفي حقيقة الأمر، يمكن لسماعات الأذن أن تكون وسيلة جيدة لتجنب المحادثات غير المرغوب فيها، على متن الطائرات على سبيل المثال، ولكن إذا أردت أن تجري حوارًا، فهي ذات نتيجة عكسية, وتقول: «يجب أن يكون الحوار متوازنًا».

ولا يعلم الخبراء بوجود أي دراسات عن تأثير ارتداء سماعات الأذن على الأشخاص، ولكن علماء النفس يعتقدون أنه من الممكن أن تكون هناك تداعيات محتملة بالنسبة للأطفال.

ويشير بحث أجري مؤخرًا إلى أن الهواتف المحمولة لها تأثير سلبي على حساسية الآباء إزاء الإشارات التي يظهرها أطفالهم، وذلك بحسب ما قاله ماركوس باولوس، أستاذ علم النفس التنموي في ميونيخ.

لذلك يبدو منطقيًا أن الارتباك الذي تسببه سماعات الأذن يمكن أيضًا أن يدمر العلاقات بين الآباء والأطفال، مما يجعل الأطفال يشعرون أنه يتعين عليهم المنافسة بدرجة أكبر للفوز بانتباه آبائهم.

ويقول باولوس «الأطفال حينئذ سوف يظهرون سلوكًا خطرًا بصورة متزايدة من أجل جذب انتباه آبائهم».

قد يعجبك أيضاً

No stories found.
logo
صحيفة عاجل
ajel.sa