نجحت مجموعة من علماء الفيروسات في الصين في وضع صور واضحة ومفصلة لتركيب فيروس «كورونا» المستجد، كما توصَّلوا إلى آلية مبتكرة لرسم خريطة للفيروس وسلوكه؛ ما يعيد حسابات العلماء في التعامل مع الفيروس وإنتاج لقاح فعال له.
ونجح ساي لي عالم الأحياء الإنشائية بجامعة تشينخوا في بكين، في وضع صور ورسم مفصل لتركيب جزيئات الفيروس، والوقوف على كيفية استخدامه للبروتينات بدقة لدخول الخلايا البشرية، وكيف تسيطر جيناته على كيمياء الجسم البشري.
ووجد أن جينات الفيروس تصطف على خيط جزيئي يسمى «آر إن إيه»، لها تسلسل مكون من 30 ألف حرف، مهمتها تخزين المعلومات المطلوبة من أجل تصنيع بروتينات الفيروس.
وينثني الخيط الجزيئي «آر إن إيه» بشكل متشابك ومعقد للغاية. وهذا التعقيد أمر حيوي بالنسبة للفيروس من أجل اختراق خلايا الجسم، كما وجد الباحثون أن جزئيات «كورونا» بإمكانها إقناع الخلايا البشرية بتشكيل غرف جديدة لإيواء مادتها الجينية.
الدكتور لي انضم إلى علماء الفيروسات، فعملوا على تربية الفيروس داخل معمل للسلامة الحيوية في مدينة هانجتشو الصينية، ثم حقنه بمواد تثبطه وبعدها يتم إرساله إلى الدكتور لي لدراسته.
وبعدها، قام دكتور لي وزملاؤه بتركيز السائل المحمل بالفيروس ليكون قطرة واحدة فقط، ليتم بعدها تجميدها والعمل عليها.
واتبع السيد لي وزملاؤه الحد الأقصى من الحذر في التعامل مع العينة، حتى لا تؤثر بلورات الجليد على جزيئات الفيروس فتدمرها.
وقال لي لصحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية: «في هذا الوقت، لم نكن ندري ماذا بداخل هذه القطرة. فقط كانت مجرد سائل».
وبعدها، وُضعت شريحة من قطرة الجليد تحت مجهر إلكتروني أطلق حزمًا من الإلكترونات. وحينما ارتدت الذرات بالداخل، أعاد الدكتور لي بناء ما رآه المجهر، وحينها أصيب بالصدمة؛ حيث قال: «رأيت شاشة مليئة بالفيروسات».
وقال الدكتور لي إنه رأي آلاف من فيروسات كورونا مكدسة في حبة الجليد مثلما تتكدس «حبات الهلام داخل برطمان»، وذكر أن الشريحة كانت سليمة؛ ما سمح لهم بفحص كافة تفاصيل العينة التي بلغت أقل من جزء من المليون من البوصة.
وخلال الأسابيع التي تلت، فحص الدكتور لي وزملاؤه البروتينات الموجودة على سطح الفيروس، وفحصوا النواة؛ حيث تلتف جينات الفيروس بالبروتينات.
وفي هذا الشأن، قال الدكتور رومي أمارو عالِم الأحياء الحسابية بجامعة كاليفورنيا: «هذه الأوقات ليست كما اختبرناه جميعًا من قبل فيما يتعلق بتدفق البيانات». وكان الدكتور أمارو ركز أبحاثه على بروتينات الفيروس، ووجد أنها تلتصق بخلايا المجرى الهوائي لدى الإنسان، حتى يتمكن الفيروس من الدخول.
كذلك، استخدم جيرهارد هامر عالم الفيزياء الحيوية الحاسوبية في معهد «ماكس بلانك» للفيزياء الحيوية، وزملاؤه طريقة الفحص المجهري المجمد لالتقاط صور لبروتينات غشاء الفيروس. ثم قاموا بحساب كيفية دفع ذرات البروتينات، واكتشفوا أن البروتينات الشائكة تدور حول ثلاثة مفصلات.
واكتشف دكتور هامر أن مرونة البروتينات تحمل أهمية كبيرة لنجاح الفيروس وربطه بسطح خلايا المجرى التنفسي.
وقالت سيلفي روسكين عالمة الأحياء البنيوية في معهد «وايتهيد»، التي ساهمت في وضع خريطة لشكل الفيروس: «لدينا كثير من المعلومات مخزنة».
وقامت روسكين وفريقها في مختبر بجامعة بوسطن بحقن فيروس داخل خلية بشرية، ومنحها وقتًا كافيًا لإنتاج آلاف من خيوط «آر إن إيه»، مع وسم الحروف الجينية على الخيوط بمواد كيميائية.
ووجد الفريق أنه في بعض المناطق، كانت تشكل فقط حلقات جانبية قصيرة، وفي أخرى، تضخمت المئات من رسائل الحمض النووي «آر إن إيه» في شكل حلقات كبيرة. وبمقارنة الملايين من الجينوم الفيروسي، اكتشفت الدكتورة روسكين وزملاؤها الأماكن التي ينتقل فيها الفيروس من شكل إلى آخر.