تعرّف على دور «المهلات» في تصحيح سلوك «الطفل المخرّب»

رغم تشكيك أحدث الأبحاث في فعاليتها..
تعرّف على دور «المهلات» في تصحيح سلوك «الطفل المخرّب»

بعض الآباء والأمهات يتخذون إجراءات معينة عندما يسيء أطفالهم التصرف، أو عندما لا يستجيب هؤلاء الأطفال للتحذيرات اللفظية؛ حيث يتم إرسال الطفل أحيانًا إلى غرفته أو يُطلب منه الجلوس بهدوء على كرسي لمدة خمس دقائق، وهو التصرف الذي كشف خبراء التربية مؤخرًا، أنه غير مناسب لأي طفل.

وكانت الأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال والأكاديمية الأمريكية لطب نفس الأطفال والمراهقين، يؤكدان تعزيز فترات الاستراحة أو المهلات؛ باعتبارها استراتيجية فعالة لتربية الأطفال، وبشكل خاص بين الأطفال الذين يعانون اضطراب التحدي المعارض، أو اضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط، وهما السببان الأكثر شيوعًا لتشخيص السلوك التخريبي لدى الأطفال؛ حيث هناك من الأبحاث ما يشير إلى أن المهلات يمكن أن تساعد في تصحيح سلوكيات المشكلة.

ولكن في الآونة الأخيرة، أثار بعض علماء نفس الطفل البارزين شكوكًا حول سلامة وفعالية المهلات، خاصة تلك التي تنطوي على إرسال الطفل إلى غرفته أو بطريقة أخرى منعه من الاتصال بأشخاص آخرين، وحسب هؤلاء فإن العقوبة الشديدة والعزلة الاجتماعية، التي تحدث عادة باسم المهلة (ضارة)، اعتمادًا على أبحاث تصوير الدماغ التي وجدت أن الاستبعاد الاجتماعي والألم الجسدي، يؤديان إلى أنماط مماثلة من نشاط الدماغ، فعزل الطفل في مهلة قد ينفي حاجة الطفل العميقة إلى الاتصال في أوقات الشدة.

وفي حين يرى البعض، أن بعض أنواع المهلة قد تبدو مناسبة مثل تلك التي تكون قصيرة ومتكررة، وتلك التي تنطوي على رعاية وطيبة، وتلك التي لا تعزل الطفل، إلا أن الخبراء يرون أنها غالبًا ما تُدار هذه الفترات بشكل غير لائق.

وقد نصح العلماء باستكشاف طريقة فى أداة الأبوة والأمومة تسمى التدخل القائم على الثقة، وذلك باستخدام الوقت الإضافي بدلًا من المهلات؛ كممارسة تأديبية مع الأطفال المعرضين للخطر، وعلى عكس المهلة التي تنطوي تقليديًا على إرسال طفل إلى غرفته أو إلى مكان انفرادي آخر، ينطوي وقت الانتظار أو الوقت الإضافي على جلوس طفل بهدوء في نفس الغرفة مع أحد الوالدين، فهذا يعد ممارسة شاملة؛ حيث تتواصل مع الطفل قائلًا: «أنا هنا لمساعدتك على التهدئة، ويمكننا حل هذه المشكلة».

ورغم ذلك لا يزال الجدل مستمرًا بين العلماء من مؤيد ومعارض لكلا المنهجين، فالبعض يرى أنه لا يوجد دليل على مدى فعالية الوقت الإضافي أو التخلي عن المهلات، في حين أن هناك قدرًا لا بأس به من المؤلفات البحثية، التي تظهر أن المهلات يمكن أن تكون فعالة في تغيير سلوك ما، كما قد تساعد في تجنب الصراخ أو غيره من أشكال العدوانية، وحسب هؤلاء من غير المشهور أن يوصي أي محترف بالتدخل الذي لا تدعمه الأدلة، بينما يحظر في الوقت نفسه أداة الأبوة والأمومة التي تدعمها الأبحاث جيدًا.

وفي دراسة نشرت في عدد سبتمبر 2019 من مجلة طب الأطفال التنموي والسلوكي، ودرست ما يقرب من 1400 عائلة مع تحليل البيانات التنموية عن الأطفال الذين تتراوح أعمارهم من نحو 3 سنوات حتى سن 11 أو 12 عامًا، الذين أبلغوا عن استخدام المهلة كشكل من أشكال الانضباط، لم يكن الأطفال أكثر عرضة لخطر القلق والاكتئاب والعدوان والسلوكيات التي تنتهك القواعد أو مشكلات ضبط النفس؛ مقارنة بأولئك الذين ينتمون إلى أسر تتجنب المهلات.

وفي حين أن هناك الكثير من الأبحاث، التي توضح أن المهلات يمكن أن تصحح سلوكيات المشكلة، فإن هذه الدراسة الجديدة هي واحدة من أولى الدراسات، التي تدرس آثارها التنموية طويلة الأجل، وعلى عكس الكثير من الأبحاث الحالية، فإن هذه الدراسة لم تحدد بدقة ما الذي لا يشكل مهلة، وبدلًا من ذلك اعتمدت على إجابات الوالدين على الأسئلة المتعلقة باستخدام أوقات الراحة، وحسب الباحثين فإنه عندما يبلغ الآباء عن استخدام المهلة، فإن تعريفهم لها يختلف كثيرًا من أسرة لأخرى، على سبيل المثال قد تتضمن المهلة المحددة لعائلة ما إرسال طفل إلى غرفته لمدة 20 دقيقة، بينما قد تعني لعائلة أخرى الطلب من الطفل الجلوس في زاوية لمدة ثلاث دقائق.

وقد حاول الباحثون تحديد ذلك؛ لأن بعض منتقدي المهلة جادلوا بأن البحث يستند إلى تدخلات يتم التحكم فيها بعناية؛ بواسطة طبيب نفساني ولا تشبه الطريقة، التي يتم بها استخدام المهلات في العالم الواقعي، بينما يؤكّد فريق الباحثين المشارك في الدراسة، أن بعض ممارسات المهلة أكثر فاعلية من غيرها، عندما يتعلق الأمر بتصحيح سوء سلوك الطفل، وحسب هؤلاء فإن الطريقة المثلى لإعطاء مهلة هي تقديم تحذير واحد، وهذا يعني إذا لم يتعاون الطفل في غضون خمس ثوانٍ، فسوف يدخل في مهلة، ولكن إذا اعتاد الأطفال التحذيرات المتكررة -المزعجة الكلاسيكية- فلن يكون ذلك فعالًا.

ومن المهم أيضًا أن تكون مساحة المهلة- سواء كانت غرفة نوم أو كرسي- عبارة عن موقع ممل جدًا بدون ألعاب، أو وسائط، أو أي أشكال أخرى من الترفيه أو الإلهاء، وأن تكون فترات قصيرة كبضع دقائق فقط، ومن الأفضل أن يقرر الشخص البالغ موعد انتهاء المهلة وليس الطفل، وأيضًا عندما تنتهي المهلة يكون من المفيد أن يتابع الوالد الموضوع، الذي أدى لهذا الوقت، لذا إذا غضب طفلك لأنك طلبت منه أن يلتقط ألعابه، فعليك إخباره مرة أخرى بالتقاطها بعد انتهاء المهلة، وأخيرًا من المهم أن يكون الوالدان متفقين على هذه المهلة، ومن المهم أيضًا أن يوفر الآباء بيئة محبة ودافئة بشكل عام ومكافأة للسلوك الجيد، من خلال العناق والابتسامات والاعتراف اللفظي، فالأبوة والأمومة هما أصعب وظيفة على وجه الأرض، وتحتاج إلى جميع الأدوات الفعالة لديك.

قد يعجبك أيضاً

No stories found.
logo
صحيفة عاجل
ajel.sa