الركود يهاجم الاقتصاد الروسي.. و«تدني الدخول» يهدد بتفاقم الأزمة

صندوق النقد الدولي يواصل المطالبة بمزيد من الإصلاحات..
الركود يهاجم الاقتصاد الروسي.. و«تدني الدخول» يهدد بتفاقم الأزمة

يتوسع الاقتصاد الروسي بمعدل نمو منخفض، مع عدم كفاية أسعار النفط لزيادة عائدات الدولة، وهو ما يُرشح الاقتصاد الروسي للدخول في ركود في العام المقبل؛ بسبب انخفاض حاد في الإقراض الشخصي، بعد أن تباطأ التوسع الاقتصادي إلى أضعف مستوياته في الربع الأول منذ أواخر عام 2017، متأثرًا أيضًا بتقلب أسعار النفط ومخاطر فرض عقوبات جديدة تؤدي إلى توتر مناخ الاستثمار.

وفرض بنك روسيا المركزي سلسلة من الحدود القصوى الجديدة على مقدار المقرضين، الذين يمكنهم فرض رسوم على المقترضين الأفراد، كما أعلن في الأول من يوليو الجاري. وجاءت خطوة البنك المركزي في الوقت الذي عبر فيه عن قلقه بشأن الارتفاع الأخير في إقراض التجزئة.

واتخذ البنك المركزي الروسي خطوات لتهدئة طفرة الإقراض الاستهلاكي في الداخل، لكن النقاش بين صناع السياسة في موسكو يزداد حدة حول ما إذا كانت الإجراءات كافية. حذر صندوق النقد الدولي من أنه قد تكون هناك حاجة إلى مزيد من الخطوات إذا كان نمو الإقراض غير معتدل.

كما أكد صندوق النقد الدولي أهمية وجود استراتيجية ذات مصداقية؛ لإعادة البنوك التي أعيد تأهيلها إلى القطاع الخاص بطريقة تتسق مع زيادة المنافسة بين البنوك.

وصرح وزير التنمية الاقتصادية، مكسيم أوريشكين، بأن الاقتصاد الروسي سوف يقع في ركود عام 2021 إذا لم يتم اتباع سياسات إصلاح هيكلية. وتنبأ أوريشكين بأن ينكمش الاقتصاد بما يصل إلى 3٪ من الناتج المحلي الإجمالي؛ بسبب الانخفاض الحاد في الإقراض لإعادة تمويل القروض السابقة والزيادة في التخلف عن السداد.

تدني

وكان الروس يثقلون الديون بسبب انخفاض أو ركود الدخول الحقيقية القابلة للتصرف، وهي مسألة قال الرئيس فلاديمير بوتين إنها تخاطر بإحداث فقاعة اقتصادية. في الوقت نفسه، يتوقع الاقتصاديون نموًا ضعيفًا في الإنفاق الاستهلاكي هذا العام ويرجع ذلك جزئيًّا إلى تباطؤ الإقراض بالتجزئة.

وأظهرت بيانات حكومية، الأسبوع الماضي، انخفاض دخل روسيا القابل للتصرف بشكل أكبر في الربع الثاني من العام الجاري؛ حيث تفاقمت تكاليف التضخم والديون؛ ما زاد من المخاوف بشأن استمرار النمو الاقتصادي الهش.

وقالت دائرة الإحصاءات الفيدرالية روستات إن صافي دخل الأسر المعدلة حسب التضخم انخفض بنسبة 0.2٪ على أساس سنوي بين شهري أبريل ويونيو بعد انخفاض قدره 2.5٪ في الربع الأول.

وقال روستات إن الدخول الحقيقية انخفضت بسبب تضخم المستهلكين وارتفاع تكاليف خدمة الديون. وقال كيريل تريماسوف، رئيس البحوث في Loko-Invest ورئيس قسم الأبحاث السابق في وزارة الاقتصاد إنه من المحتمل حدوث مزيد من الانخفاضات هذا العام.

كذلك أظهرت بيانات روستات أن الأجور الحقيقية - المعدلة حسب التضخم - قد ارتفعت بنسبة 2.3٪ في يونيو الماضي، أقل من توقعات المحللين عند 2.8٪. وأظهر تقريرها الاقتصادي الشهري أن مبيعات التجزئة، وهي مقياس للطلب على السلع الاستهلاكية، ارتفعت بنسبة 1.4% في يونيو الماضي، أعلى من توقعات المحللين.

وبشكل عام، تشير بيانات نشاط يونيو إلى أن نمو الناتج المحلي الإجمالي الروسي تباطأ في الربع الثاني، ولا تزال الصورة العامة تكمن في النمو البطيء؛ حيث تستمر تأثيرات ضعف نمو الأجور الحقيقي في بداية هذا العام في التأثير على الإنفاق.

وسبق أن أدى الركود في نمو الأجور الحقيقية إلى إحباط قطاع التجزئة؛ حيث نمت الأجور بنسبة 1.4% على أساس سنوي في مايو الماضي، بارتفاع طفيف عن 1.2% على أساس سنوي في الشهر السابق.

ويعكس النمو الضعيف نمو الدخل المتاح بنسبة 2.3٪ على أساس سنوي في الربع الأول من عام 2019. ومن المحتمل أن يستمر نمو الطلب الهزيل على مدار العام، ما دامت التأثيرات الأساسية لعام 2018 قيد التشغيل (وهي ارتفاع التضخم، عدم وجود مؤشرات للأجور خارج القطاع العام وما إلى ذلك).

وأدى الركود في الدخل الحقيقي المتاح إلى تدهور بطيء في نوعية الحياة للروس العاديين، وهو ما يغذي الميل المتزايد نحو الاضطرابات الاجتماعية؛ حيث يحصل نصف العمال الروس على رواتب تقل عن 35 ألف روبل (550 دولارًا) شهريًّا، على الرغم من الزيادة الطفيفة في متوسط الدخل الشهري على مدار العام الماضي، وفقًا للبيانات الرسمية الصادرة حديثًا.

تدهور

ويشهد الاقتصاد الروسي حالة من الجمود منذ عدة سنوات؛ حيث بلغ متوسط نمو الناتج المحلي الإجمالي 0.4% فقط في الفترة من عام 2014 إلى عام 2018. وخلال نفس الفترة، تقلصت الدخول الحقيقية المُتاحة بنسبة 10.7٪، وهو ما ترك 13٪ من الروس يعيشون في فقر. وفي عام 2018 وحده، أغلقت 600 ألف شركة روسية عملياتها إثر تدهور أوضاعها المالية.

وإلى حد ما، هذه التطورات ليست مفاجئة، بالنظر إلى العقوبات المفروضة على روسيا من قبل الدول الغربية بعد ضم روسيا لشبه جزيرة القرم في عام 2014. وقد ساهمت تلك العقوبات في فرار رؤوس الأموال الضخمة - التي تجاوزت 317 مليار دولار- في الفترة من 2014 حتى 2018، كذلك انخفضت معدلات الاستثمار في الأشهر التسعة الأولى من عام 2018، وكان حجم الاستثمار الأجنبي المباشر في الاقتصاد الروسي أقل 11 مرة عن نفس الفترة من عام 2017.

وتوقع صندوق النقد الدولي، الأسبوع الماضي، أن يؤدي انخفاض أسعار النفط والضرائب المرتفعة إلى إبطاء النمو الاقتصادي الروسي في عام 2019، وقال إن توقعات النمو على المدى المتوسط لموسكو ستظل متواضعة ما لم يتم التعامل مع الإصلاحات الهيكلية العميقة.

وأشار الصندوق إلى أن نمو الناتج المحلي الإجمالي في روسيا سوف يتباطأ إلى 1.2٪ في عام 2019 من 2.3٪ في عام 2018، متأثرًا بتراجع أضعف في الربع الأول من العام الجاري، وانخفاض أسعار النفط وتأثير ارتفاع معدل ضريبة القيمة المضافة على الاستهلاك الخاص.

وحث الصندوق روسيا على العمل على تسريع النمو المحتمل، ومعالجة نقاط الضعف المؤسسية والتحديات الهيكلية، وتعزيز القطاع المالي وزيادة الاستثمار والإنتاجية، قائلًا: «إن الإصلاحات الهيكلية الطموحة ستكون مهمة لرفع النمو»، مؤكدًا ضرورة إعطاء موسكو الأولوية لإنشاء قطاع خاص أكثر حيوية وتقليص هيمنة الدولة على الاقتصاد.

كما دعا الصندوق روسيا إلى اتخاذ خطوات لتبسيط فرض الضرائب على قطاع النفط والتخلص التدريجي من الإعانات على الوقود المحلي كوسيلة لتحفيز عرض العمالة وجذب استثمارات جديدة.

وفي تقريره عن الاقتصاد الروسي، قال صندوق النقد الدولي إنه يتعين على السلطات الروسية الامتناع عن الأنشطة شبه المالية من خلال الصندوق الوطني للرعاية، وأنه يتعين عليها مواصلة استثمار أموال الصندوق في أصول أجنبية عالية الجودة.

قد يعجبك أيضاً

No stories found.
logo
صحيفة عاجل
ajel.sa