كشفت صحيفة «ذا تلجراف» البريطانية كيف يساعد الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، الصين في قمع الأقلية المسلمة من الإيجور، وترحيل المنشقين والمعارضين منهم عبر إرسالهم إلى بلد ثالث خارج تركيا ومنها تتم إعادتهم إلى الصين قسرًا.
وذكرت، في تقرير تشرته اليوم الأحد (وترجمته عاجل)، أن مئات من الفارين من حملة الصين القمعية إلى تركيا وقعوا ضحية ممارسات الرئيس أردوغان، ويبدو أنهم ضحايا «مصالح» اقتصادية تتعارض مع حقوق الإنسان، وهم مجرد «تضحيات بشرية» للحفاظ على الاستثمارات الصينية في تركيا.
وسردت الصحيفة حادث ترحيل المسنة، أيموزي كاوانه، من منطقة شينجيانغ الصينية، والتي فرت من حملة القمع بحق الإيجور بالصين، وتوجهت إلى تركيا، حيث اعتقدت أنها وجدت ملاذًا آمنًا، لكن بعد فترة وجيزة جرى ترحيلها سرًا إلى الصين عبر طاجيكستان، وبعد عام كامل، لا تعرف أسرة كاوانه أي تفاصيل عنها.
ولا شك أن عددًا متزايدًا من الإيجور المقيمين في تركيا يعيشون حالة من القلق والفزع المتزايد، خوفًا من بطش الصين بمساعدة أردوغان. ويقول إسماعيل جنكيز، رئيس الوزراء الرمزي للإيغور: «هناك تهديدات ممنجهة. هم يريدون أن نعتقد أن بإمكانهم الوصول إلينا في أي مكان».
أكذوبة الحرية
ويقيم حوالي 50 ألفًا من مسلمي الإيجور في تركيا، اعتقدوا أن بإمكانهم العيش بحرية والتحدث علانية عن مأسأة مليون ونصف المليون من الإيجور المعتقلين في معسكرات شديدة الحراسة في الصين.
لكن محامين يؤكدون أنَّ بكين لجأت إلى وسيلة جديدة لإعادة المنشقين من الإيجور إلى معسكرات الاحتجاز من جديد، بمساعدة أنقرة، عبر الالتفاف على اتفاقات تبادل السجناء، مستغلة اعتماد تركيا الاقتصادي المتزايد على بكين لممارسة ضغوط متزايدة لترحيل هؤلاء.
وفيما ترفض تركيا ترحيل اللاجئين من الإيجور مباشرة إلى الصين، حتى لا تتناقض علانية مع ادعاء رئيسها أنه «حامي المسلمين في العالم»، تقول مصادر: إن أنقرة ترسلهم إلى دول ثالثة، مثل طاجيكستان، ومنها يمكن إعادتهم بسهولة إلى الصين.
الإجابة هي المال
وفيما قد يتساءل كثيرون لماذا تقدم تركيا على هذه الممارسات، أكدت «ذا تلجراف» أن الإجابة تكمن في كلمة واحدة: المال وضمان استمرار الاستثمار الصيني في تركيا.
وتقول الصحيفة: إن تركيا تعد جزءًا أساسيًا من مبادرة «الحزام والطريق» الصينية، واستثمر الصينيون مليارات الدولارات في تطوير البنية التحتية في تركيا، وتستهدف بكين مضاعفة استثماراتها هناك إلى أكثر من ستة مليارات دولار بنهاية العام المقبل.
لكن هذه العلاقة «الحميمة» واعتماد أنقرة المتزايد على الاستثمارات الصينية جاء على حساب الإيجور، كما يقول جينكز: «هناك كثير من الأموال تقف على المحك، قضيتنا أمر ثانوي هنا».
ورغم خطابها العلني الداعم لقضية الإيجور، إلا أن أنقرة «مقيدة»، حسب الصحيفة، باتفاقاتها المتعددة مع وزارة العدل الصينية، التي تلزم السلطات التركية بالتحقيق في أي شكاوى تثيرها الصين بحق أفراد.
المتهم: هوية الإيجور
كذلك، أرجعت الصحيفة أسباب تواطؤ تركيا في تسليم اللاجئين من الإيجور إلى رغبتها في تحسين صورتها الدولية بشأن تعاملها مع الإرهابيين، خصوصًا وأنه سبق وتم توجيه تهم متعددة لها بحماية الإرهابيين وتسهيل مرورهم إلى سوريا في بدايات الحرب الأهلية، وهو ما تستغله بكين لصالحها.
وفي هذا الصدد، اطلعت «ذا تلجراف» على وثائق مخابراتية أرفقتها وزارة الأمن العام الصينية في طلبات تسليم إلى أنقرة، تشير إلى المطلوبين بصفتهم «إرهابيين»، وتركز هذه الوثائق ببساطة على هوية الإيجور.
ونتيجة لطلبات وزارة العدل الصينية، قضى عشرات من الإيجور شهورًا طويلة في مراكز الاحتجاز والترحيل في مناطق مختلفة من تركيا بدون توجيه أي تهم رسمية.
ورغم سياسة أنقرة المعلنة بعدم تسليم الإيجور إلى الصين خوفًا من تعرضهم للاحتجاز، قالت «ذا تلجراف» إنها كشفت أدلة تفيد بنجاح الصين في إقناع تركيا بنقل الإيجور إلى دول ثالثة، ومنها يتم ترحيلهم إلى الصين.
الإيجور.. الخاسر الأكبر
وقال المحامي ابراهيم إرغين: «لا يتم ترحيل أي من الإيجور مباشرة إلى الصين... لهذا تحاول بكين تحويل حياتهم إلى كابوس ونقلهم إلى بلد ثالث كلما أمكن. ومع تحسن العلاقات التركية – الصينية، يكون الإيجور هم الخاسر الأكبر».
ويوضح أن طلبات التسليم المرفقة دائمًا ما تحتوي على شهادات مزورة، إحداها كانت تحتوي على خمس شهادات، ثلاثة من بينهم جرى إعدامهم في معسكرات الصين.
ويتابع: «هناك قائمة بـ200 أكاديمي من الإيجور في تركيا، بطريقة أو بأخرى، قدمت الصين طلبات ترحيل بشأنهم جميعًا».
اقرأ أيضًا: