بجانب الصعيدين السياسي والاقتصادي، تسبب تفشي فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19) في تغييرات واسعة على العادات والتقاليد المجتمعية للشعوب في كثير من البلدان حول العالم.
وكان من اللافت أن الوباء الفتاك الذي أصاب أكثر من 1,599,580 وأودى بحياة 95,527 آخرين حتى صباح الجمعة، ترك بصماته على كثير من المجتمعات حول العالم ودفعها لتغيير سلوكها اليومي وتمثل ذلك في الوقت الحالي على سبيل المثال باعتزال المقاهي ووقف الأنشطة الرياضية والترفيهية.. وغيرها.
ويعتقد أن ما يشهده العالم اليوم من تغيرات في السلوك اليومي للشعوب بالتزامن مع توصيات العزل الاجتماعي وأوامر البقاء في المنازل، وغيرها من الإجراءات الاستثنائية التي شملت أكثر من نصف سكان العالم تقريبًا، ستؤدي إلى حدوث تغيرات جوهرية وربما دراماتيكية في المستقبل وفقًا لنظرية «تأثير الفراشة» (Butterfly Effect).
وتشير النظرية السابقة إلى أن حدثًا ما قد يكون متناهي الصغر، ربما يكون ذا تأثيرات كبيرة بل وتراكمية عبر الزمن، وخير دليل على ذلك ما ذكره عالم الأرصاد «إدوارد لورنز» - الذي صاغ النظرية السابقة – بقوله إن «رفرفة جناح الفراشة في الصين ستتسبب في حدوث إعصار مدمر في أمريكا وأوروبا والشرق الأوسط».
وربما يأتي تجنب المصافحة بين الأفراد وتفكير الشركات في استخدام إجراء آخر غير البصمة لضبط عملية الحضور والانصراف من أبرز الأشياء التي يمكن أن تتغير مستقبلا بعد أن تم منعهما كإجراء احترازي للحد من تفشي فيروس كورونا المستجد.
ولم يقف الأمر عند هذا الحد بل لجأت الغالبية العظمي من المؤسسات والشركات إلى أن ينجز موظفوها أعمالهم عن بُعد باستخدام شبكات الاتصال والانترنت.
وفى هذا الصدد نقلت صحيفة «وول ستريت جورنال»، الأمريكية، عن مدير المعهد الوطني الأمريكي للحساسية والأمراض المعدية، أنطوني فاوتشي، قوله إنه يعتقد أن من بين هذه السلوكيات التي قد تتغير للأبد، المصافحة بالأيدي.
وأشار فاوتشي إلى أنه يرى ضرورة ألا يتصافح البشر مرة أخرى؛ حيث سيتسبب فيروس كورونا الجديد في أن يكون سببا في نهاية المصافحة كما نعرفها.
وأوضح فاوتشي، متحدثا عن كيف ستبدو عليه الحياة بعد عهد كورونا الجديد: «عندما تبدأ الحياة بالعودة إلى طبيعتها تدريجيا، فإنك لن تقفز على قدميك. بل تتساءل عن الأشياء التي ما زال بإمكانك القيام بها بشكل طبيعي، ومن بين هذه الأشياء الضرورية بالتأكيد غسل اليدين بالإضافة إلى عدم مصافحة أحد أبدًا بيديك».
وأجبر انتشار فيروس كورونا المستجد على نطاق عالمي، دولًا عديدة على إغلاق حدودها ووقف الرحلات الجوية وإلغاء فعاليات عدة، ومنع التجمعات بما فيها الصلوات الجماعية.
كما حول الفيروس سريع الانتشار، أكبر مدن العالم والشوارع الضخمة التي تمتاز بصخبها إلى مناطق أشباح؛ حيث بدت منذ أيام خالية من المترجلين والمارة.
ففي معظم الدول العربية، اضطرت الحكومات في مواجهة انتشار فيروس كورونا المستجد لاتخاذ عدد من الإجراءات الوقائية والاحترازسة الاستثنائية كغلق دور المناسبات المختلفة والأندية الرياضية والمقاهي وصولًا إلى إلغاء الصلوات في المساجد حتى في شهر رمضان المبارك الذي تكون فيه المساجد عامرة بالعباد إلا أنه من الواضح أن جائحة كورونا ستفرض واقعًا جديدًا لم نعهده خلال رمضان المقبل.
وفي الدول الأوروبية التي تفاقمت فيها الأعداد بوتيرة متسارعة، لجأت بعض الشركات الجنائزية فيها لرفع شعار «الجنازات عن بعد»؛ حيث سيضطر المشيعون توديع مفقوديهم عن طريق شاشات التلفاز والحاسب الآلي والهواتف الذكية وذلك للحد من أي تجمعات يمكن أن تشهد إصابات جديدة بالمرض.
اقرأ أيضًا: