أصغر شاعرة وسفيرة إنسانية.. حكاية بيادر العتيبي «الملهمة»

أصغر شاعرة وسفيرة إنسانية.. حكاية بيادر العتيبي «الملهمة»
تم النشر في

في قلب القصيم، حيث يعانق نخيلها السماء وتروي رياحها حكايات الأجداد، وُلد صوت صغير يطرق أبواب الكبار بثقة وإحساس نادر.

إنها «بيادر العتيبي»، التي خطفت الأضواء وأعادت للأذهان صورة الموهبة الفطرية التي تتجاوز حدود العمر، حتى إن البعض لقبها بـ«أصغر شاعرة في القصيم»، فيما رآها آخرون سفيرةً للبر والإبداع، ووجهًا مضيئًا يجسد براءة الطفولة وعظمة الكلمة.

النشأة

ولدت بيادر في بيئة عامرة بالقيم والموروث، ففي أحضان القصيم التي أنجبت شعراء وفنانين ومثقفين، وجدت كلمات "بيادر" الأولى طريقها إلى المنابر وهي لم تتجاوز الخامسة من عمرها.

من مسرح الروضة ببريدة أنطلقت "بيادر" من أول منصة تعرفت عليها أصوات الجمهور، وهناك نطقت أبياتها الأولى، واثقة الخطى، رغم خطواتها الأولى في دروب الحياة.

لم يكن الشعر عند "بيادر" مجرد هواية طفولية عابرة، بل بدأ منذ اللحظة الأولى شغفًا أصيلًا؛ فقصائدها تحمل إحساسًا صادقًا، وعباراتها، تنبض بعمق التجربة الشعورية.

«قالوا لي اكتبي في غلا أمك أبيات، قلت أمي أكبر من قصيدة جديدة»، كان هذا جزءاً من أحد مقاطعها التي لاقت انتشارًا واسعًا، في جملة اختصرت مدرسة في التعبير عن الحب، وكشفت كيف أن الموهبة لا تقاس بعدد السنوات، بل بصدق الإحساس.

مرحلة الانطلاق

من نطاق الفعاليات المدرسية إلى فضاء أوسع، حلقت العتيبي بقصائدها وكلماتها، فشاركت في المهرجانات والأنشطة الثقافية، وحظيت بتكريم من شخصيات بارزة، في مقدمتهم -أمير منطقة القصيم الأمير فيصل بن مشعل-،  الذي أطلق عليها لقب «شاعرة القصيم» وكذلك في مهرجان الكليجا بنسخته الرابعة عشرة أطلق عليها عدداً من المسؤولين وزوار المهرجان لقب «ملكة مهرجان الكليجا»، في تكريم كان بمثابة تأكيد على مكانتها كموهبة واعدة ووجه مشرف للمنطقة.

ولم تكتف بيادر بدور الشاعرة الصغيرة، بل خطّت أسمها في سجلات العمل الإنساني؛ فمنذ سنواتها الأولى، انخرطت في المبادرات التطوعية، حتى حصلت على لقب «سفيرة التطوع» وهي لم تتجاوز السابعة من عمرها.

وتوّجت العتيبي مسيرتها الإنسانية بأوسمة عدة؛ منها: «الوسام الذهبي لسفيرة بر الوالدين وكبار السن»، من جمعية «بركم» بمكة المكرمة، كما حصلت خلال مشاركتها بمهرجان الصقور بالرياض، على «وسام سفيرة التراث».

وفي كل ظهور إعلامي، تؤكد "بيادر" أن الشعر بالنسبة لها ليس غاية فردية، بل رسالة، تحاول من خلالها أن تغرس في قلوب أقرانها قيم الوفاء والانتماء، وحب الوطن، والاعتزاز بالهوية.

التفاعل

ولعل تفاعل عشرات الآلاف معها على منصات التواصل الاجتماعي، مثل: «إنستغرام» و«تيك توك» دليلاً على نجاحها في أن تكون صوتًا ملهمًا لجيلها.

ولأن وسائل التواصل الاجتماعي باتت منصات عرض رئيسية للمواهب، فقد عرفت بيادر كيف توظف هذه الأدوات لصالحها، بنشر مقاطع قصيرة لقصائدها أو مشاركاتها في الفعاليات.

بعض هذه المقاطع، خاصة التي تتناول موضوعات الأم، التراث، والوفاء، حظيت بانتشار واسع وتفاعل كبير، ربما لأن الجمهور يجد فيها مزيجًا من براءة الطفولة وصدق الرسالة.

ورغم ضحكتها العفوية وملابسها البسيطة، لكنها حين تمسك الميكروفون، تتحول إلى شاعرة متمكنة، تعرف أين تضع الكلمة، وأين تصمت، وكيف تخاطب الوجدان مباشرة؛ فهي تلقي الشعر كما لو كانت وُلدت على إيقاعه.

ما يميز تجربة بيادر

سنها الصغيرة ليس فقط ما يميز تجربة بيادر، بل قدرتها على الجمع بين الموهبة الفنية والعمل الإنساني؛ فهي حاضرة في الأمسيات الثقافية، وفاعلة في المبادرات الاجتماعية، فضلاً عن كونها نموذجاً لفتاة صغيرة تحمل في قلبها طموحًا كبيرًا، وتدرك أن الكلمة يمكن أن تكون بذرة تغيير، وأن الشعر يمكن أن يكون جسرًا نحو القلوب.

تقول بيادر في أحد لقاءاتها إن حلمها هو أن تترك بصمة واضحة بين الموهوبات في المملكة، وأن تشجع الفتيات في عمرها على التميز، مؤكدة أن الطموح لا يرتبط بالعمر، وأن الإبداع يمكن أن يزهر في أي وقت إذا وجد بيئة داعمة.

جيل جديد من المبدعات

ربما لا يزال الوقت مبكرًا للحكم على حجم الأثر الذي ستتركه بيادر العتيبي في المشهد الشعري، لكنّ هذه الطفلة قد استطاعت، خلال سنوات قليلة، أن تكتب أسمها بحروف لامعة، وأن تحظى بمكانة في قلوب الناس، لا بفضل كلماتها وحدها، بل بروحها النقية ورسالتها الصادقة.

فهي ليست مجرد شاعرة طفلة من القصيم، بل هي رمز لجيل جديد من المبدعات الصغيرات اللواتي يحملن في صدورهن قلوبًا كبيرة، وفي عيونهن أحلامًا بلا حدود.

بهذه الملامح، تمضي بيادر في مسيرتها، تحمل معها قصائدها وأوسمتها وابتسامتها، لتثبت أن الكلمة، مهما كانت صغيرة، يمكن أن تترك أثرًا كبيرًا، وأن الشعر، حين يخرج من قلب صادق، يصل إلى كل القلوب، بلا استئذان.

قد يعجبك أيضاً

No stories found.
logo
صحيفة عاجل
ajel.sa