أطلقت هيئة تطوير محمية الإمام تركي بن عبدالله الملكية، بالشراكة مع المركز الوطني لتنمية الغطاء النباتي ومكافحة التصحر، مبادرة نثر البذور واستعادة المراعي المتدهورة في السهول الرملية والفياض خلال الفترة من (2) إلى (5) ديسمبر 2025، في خطوة تُجسّد التزام المملكة برفع الغطاء النباتي وتحسين جودة الحياة وحماية الأنظمة البيئية.
وتركّز المبادرة على إعادة النباتات المعمرة الرعوية إلى موائلها الطبيعية، بعد أن انخفض الغطاء النباتي في بعض المناطق إلى أقل من 1٪ نتيجة الرعي الجائر وتدهور التربة.
وتمثّل هذه الجهود عملية استعادة بيئية شاملة، إذ تبدأ بمعاينة الأنظمة البيئية وتحليل احتياجاتها، ثم تهيئة التربة بطرق علمية دقيقة، قبل توزيع البذور المختارة وفق خصوصية كل موقع، بما في ذلك الأرطى والرمث والنباتات الرعوية وأنواع أخرى تُعد الأساس في إعادة بناء المراعي وتُعد هذه العملية أشبه بإعادة تأهيل جهاز حيوي كامل يعيد للتربة خصوبتها، وللنظام البيني قدرته على تجديد ذاته واستعادة توازنه الطبيعي.
ويشارك في هذه المرحلة فريق مشترك من الهيئة والمركز الوطني، إلى جانب الشركات المتخصّصة في التأهيل البيئي، إضافة إلى المتطوعين من أبناء المجتمع المحلي الذين تجاوز عددهم التراكمي أكثر من ثلاثة آلاف متطوّع خلال السنوات الماضية؛ مما يجعل المبادرة واحدة من أكبر برامج المشاركة المجتمعية في مجال تنمية الغطاء النباتي.
وتُعد مشاركة المتطوعين عنصرًا محوريًّا في نجاح المبادرة، حيث يسهم وجودهم في تعزيز الانتماء البيئي، ودعم الاستدامة.
وتشمل المبادرة تنفيذ تجربتين ميدانيتين: الأولى في السهول الرملية جنوب تربة على مساحة تتجاوز (39) كيلومترًا مربعًا، والثانية في فيضة أم عمارة بمنطقة أعيوج لينة، حيث تُستخدم معدات مخصصة لتهيئة التربة، مع نثر آلاف الكيلوغرامات من البذور، وإعادة زراعة عقل الأرطى، وتوثيق العمليات عبر فريق متخصص من الحماية والتصوير الجوي لضمان متابعة مراحل النمو على المدى الطويل.
وتأتي مبادرة نثر البذور ضمن مسار وطني واسع يتسق مع مستهدفات السعودية الخضراء، ويعكس دور المحمية رافدًا رئيسًا في مكافحة التصحر، وتحسين قابلية الأنظمة البيئية للتعافي، وتعزيز قدرة البيئات الطبيعية على دعم الحياة الفطرية وحماية التنوع الحيوي وتقليل الظواهر المناخية السلبية مثل العواصف الغبارية وتآكل التربة.
وأكدت الهيئة أن هذه الجهود تُعد إحدى مبادراتها لإعادة بناء المراعي وفق منهجيات علمية حديثة تجمع بين المعرفة البيئية والتقنيات التشغيلية والشراكات المجتمعية، بما يعزّز مكانة المحمية كأحد النماذج الوطنية الرائدة في استعادة الأنظمة الطبيعية وتحويلها إلى بيئات قادرة على دعم الحياة وتعزيز جودة الحياة في المناطق المحيطة.