علاقات تاريخية واستراتيجية تربط المملكة وجمهورية مصر العربية، تعززها زيارة صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، إلى القاهرة اليوم، والتي تأتي في توقيت حاسم، حيث تشهد المنطقة تصعيداً خطيراً على عدة أصعدة، خاصةً في قطاع غزة ولبنان، بالإضافة إلى توتر العلاقات بين إسرائيل وإيران.
وبناء على توجيه خادم الحرمين الشريفين، غادر سمو ولي العهد، متوجهاً - بحفظ الله ورعايته - إلى جمهورية مصر العربية الشقيقة، حيث سيلتقي بالرئيس المصري عبدالفتاح السيسي؛ لبحث سبل تعزيز العلاقات الثنائية الأخوية، والقضايا ذات الاهتمام المشترك، في زيارة تعكس عمق العلاقات التاريخية والاستراتيجية بين المملكة وجمهورية مصر العربية.
وعلى مر العقود ربطت المملكة العربية السعودية ومصر علاقات وثيقة، وسط حرص مشترك من قيادة البلدين على تعزيز أوجه التعاون والتنسيق المشترك حيال الأحداث والقضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك، ومن بينها الأوضاع في غزة ولبنان، في ظل تصاعد العدوان الإسرائيلي خلال الفترة الماضية.
وأكدت قيادتا المملكة ومصر، موقفهما الثابت حيال المطالبة بوقف فوري للعمليات العسكرية في غزة ولبنان وحماية المدنيين، وإيصال المساعدات الإنسانية للمتضررين.
ويتفق قادة البلدين الشقيقين على عدد من الثوابت المشتركة فيما يخص القضية الفلسطينية، ومنها ضرورة التوصل إلى حل سلمي ونهائي للقضية الفلسطينية، وفقاً لمبدأ حل الدولتين، وقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة ومبادرة السلام العربية، ودعم الشعب الفلسطيني لنيل حقوقه المشروعة وتحقيق آماله وطموحاته.
وفي مباحثات هاتفية بين سمو ولي العهد – حفظه الله – والرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، في مطلع سبتمبر الماضي، أكد الزعيمان توافقهما على ضرورة التوصل إلى وقف فوري لإطلاق النار بقطاع غزة ووقف التصعيد في الضفة الغربية، بما يسهم في عدم توسع دائرة الصراع، ويعيد الاستقرار إلى المنطقة.
ومنذ تصاعد الأحداث في لبنان، عبر البلدان الشقيقان عن قلقهما من التصعيد الإسرائيلي في لبنان، وتضامنهما الكامل مع الشعب اللبناني الشقيق في الأزمة الراهنة، فأكدت المملكة في بيان أصدرته وزارة الخارجية بعد تصاعد الأحداث في لبنان ضرورة المحافظة على سيادة لبنان وسلامته الإقليمية، مؤكدة وقوفها إلى جانب الشعب اللبناني الشقيق في مواجهة تداعيات تلك الأحداث، وضرورة الحد من تبعاتها الإنسانية.
واتفق موقف مصر مع موقف المملكة، في ذلك، حيث أكدت وزارة الخارجية المصرية أهمية الحفاظ على استقرار لبنان وسيادته وتجنيبه مخاطر انزلاق المنطقة إلى حالة عدم استقرار شاملة.
كما تتفق رؤية البلدين في ضرورة تمكين الدولة اللبنانية بكافة مؤسساتها من القيام بواجباتها وبسط سيادتها على كامل الأراضي اللبنانية، وأكدا على أهمية اضطلاع المجتمع الدولي، وخاصةً مجلس الأمن، بمسؤولياته ووقف إطلاق النار الفوري والدائم في كل من لبنان وقطاع غزة.
وبدعم وتوجيه من قيادتي البلدين الشقيقين، تطورت العلاقات الثنائية بين المملكة وجمهورية مصر العربية إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية، ففي عام 2015م تأسس مجلس التنسيق السعودي المصري، كذلك تم إبرام نحو 70 اتفاقية ومذكرة تفاهم بين مختلف الجهات الحكومية والخاصة في البلدين.
ودائما ما تحرص حكومتا البلدين الشقيقين على التواصل الدائم من خلال الزيارات المتبادلة واللقاءات الثنائية، وكانت آخر تلك الزيارات المشتركة بين البلدين، زيارة رئيس مجلس الوزراء المصري الدكتور مصطفى مدبولي للمملكة، فى 15 سبتمبر الماضي، والتي استقبله خلالها سمو الأمير محمد بن سلمان، ولى العهد – حفظه الله – ، لبحث عدد من الملفات ذات الاهتمام المشترك.
أكد رئيس الوزراء المصري الدور البارز الذي يلعبه سمو ولي العهد – حفظه الله – في تحقيق تنمية حقيقية لصالح الشعب السعودي، فضلًا عن دوره المهم في خدمة قضايا الأمة العربية.
كذلك تحرص البلدان على عقد اجتماعات اللجان وفرق العمل المشتركة والاتصالات المستمرة على جميع المستويات، للتنسيق والتشاور المستمر حول سبل تطوير وتنمية العلاقات في جميع المجالات، بما يعزز ويحقق مصالح البلدين والشعبين الشقيقين.
ويعمل البلدان الشقيقان على تعزيز شراكتهما الاقتصادية، ونقلها إلى آفاق أوسع لترقى إلى مستوى العلاقات التاريخية والاستراتيجية بينهما، عبر تحقيق التكامل بين الفرص المتاحة من خلال رؤية المملكة 2030 ورؤية جمهورية مصر العربية 2030، وزيادة وتيرة التعاون الاستثماري والتبادل التجاري وتحفيز الشراكات بين القطاع الخاص في البلدين، وتضافر الجهود لخلق بيئة استثمارية خصبة ومحفزة.
فخلال زيارة رئيس الوزراء المصري للمملكة، أعلن سمو ولي العهد عن توجيه "صندوق الاستثمارات العامة" للقيام بضخ استثمارات في مصر بإجمالي 5 مليارات دولار كمرحلة أولى، معربا عن تطلعه لعقد الاجتماع الأول للمجلس التنسيقي بين الجانبين، خلال شهر أكتوبر بعد التنسيق بين الجانبين.