يأتي احتفاء المملكة بيوم التأسيس في 22 فبراير من كل؛ تجديدا لدروس وعبر يستقيها المؤرخون من شخصيات استثنائية فريدة في التاريخ السعودي والعربي، وذلك في سياق النتائج التي تتحقق يوميا بناء على الدور السعودي الذي فرضت به المملكة معادلة نادرة في التاريخ الإنساني ليس فقط بإسهامها في استقرار الحضارة الإنسانية ولكن لكونها أصبحت ركنا أصيلا في استقرار تلك الحضارة.
تجدد الأدلة والشهادات التاريخية الموثقة بأيدي المؤرخين الأجانب قبل العرب، الأهمية الكبرى التي سجلها تأسيس المملكة بالنسبة لفريضة الحج، فقد وضعت الدولة السعودية منذ اللحظة الأولى لبزوغ شمسها تأمين الحج والحجاج أولوية أولى، فبتأسيس الدولة عملت على «تصفير جميع مشكلات الحجيج» والوصول بمستوى تأمين رحلات الحج إلى أرقى معدلات الأمان.
أصبح الحج وتأمينه والعمل على راحة ضيوف الرحمن بعد ذلك عهدا متجددا في جميع عهود الحكم في المملكة، فأصبحت رحلات الحج بعد وصولها الجزيرة العربية تتدفق بقوافلها وجمالها من جدة إلى مكة في أمان تام، وتنعم برعاية تامة تحت سمع وبصر رجال هذه البلاد؛ ومن ثمَّ فلا عجب أن يصل مستوى إدارة ملف الحج وما يتضمنه من رعاية صحية وإجراءات نوعية في إدارة الحشود إلى المستوى الحالي من الإنجاز المشهود له من أكبر دول العالم؛ فما كان ذلك النجاح أن يأتي مصادفة وإنما وضع المؤسسون الأوائل لبناته الأولى ليستكمل الأبناء مسيرة الأمانة الحضارية الكبرى جيلا بعد جيل.
كذلك طرح تأسيس ووحدة المملكة فصلا جديدا في التاريخ العربي على مستوى صناعة القوة؛ فلقد فرضت المملكة منذ بدايتها معادلة عملية لاستقرار منطقة الشرق الأوسط بوجود دولة قوية مؤثرة في موقع استراتيجي حيوي فرضته جغرافية المنطقة التي تقع وتربط بين ثلاث قارات، هي آسيا وأفريقيا وأوروبا، فضلا عن السواحل البحرية الممتدة في البحر الأحمر والخليج العربي.
استراتيجية الأمن التي تهيأت في المنطقة بقوة الدولة السعودية لم تقتصر نتائجها على منطقة الخليج العربي فحسب؛ بل إنها كانت بشرى خير للعالم فلقد ضمن استقرار الجزيرة العربية استقرار وضمان إنسيابية حركة الملاحة البحرية في البحر الأحمر، مما ضمن آلية مكتملة لاستمرار حركة التجارة العالمية وتدعيم أهم ركائز الاقتصاد العالمي بضمان استمرار تدفق سلاسل الإمداد في جميع مراحل تاريخها.
أيضا لا بنفصل إنطلاق الدولة السعودية، عن حماية ثروات البلاد وتأمين مصادر الطاقة بدءا من توقيع الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود، اتفاقية الامتياز للتنقيب عن النفط مع شركة ستاندرد أويل أوف كاليفورنيا (سوكال)، حتى العصر الحديث وما يحيط بذلك من قدرات نوعية ولوجستية حصلت عليها المملكة في مجال النفط لتكون ركنا أصيلا في تأمين احتياجات العالم من الطاقة بنا على معايير عادلة وأسس وضوابط فرضتها الرياض بما وصلت إليه من مستويات نوعية للقوة.