كشفت دراسة علمية حديثة عن مدى توظيف ممارسي العلاقات العامة في المستشفيات الحكومية والخاصة بمدينة الرياض لمواقع التواصل الاجتماعي في إدارة أزمة فيروس كورونا المستجد كوفيد 19، مبينة أهمية وسائل التواصل الاجتماعي لجمع المعلومات حول هذه الجائحة على وجه التحديد، حيث احتلت مواقع الشبكات الاجتماعية المرتبة الأولى في الدراسة كمصدر مهمّ للمعلومات حول الأزمة.
وأكّدت الدراسة التي أجرتها الدكتورة صفية بنت إبراهيم العبدالكريم، أستاذة العلاقات العامة بقسم الإعلام بجامعة الملك سعود بالرياض، على عينة من مسؤولي العلاقات العامة والإعلام بعددٍ من المستشفيات بمدينة الرياض أنّ القنوات الإخبارية العربية احتلت المرتبة الثانية من حيث اعتمادهم عليها كمصدر للمعلومات والمعرفة حول المرض مما يشير إلى أن القنوات الإخبارية العربية تحظى بمصداقية عالية خاصة خلال الأزمات وتحديدا خلال أزمة كورونا، مشيرة إلى أنَّ وسائل الإعلام العالمية جاءت في المرتبة الثالثة حسب وجهة نظر المبحوثين.
وأوضحت الدراسة أن وسيلة التواصل الاجتماعي «تويتر» تصدرت قائمة المواقع التي اعتمد عليها ممارسي العلاقات العامة والإعلام في الحصول على معلومات أكثر حول فيروس كورونا حيث جاءت بنسبة 25,2 % وهذا يتسق مع الصدارة التي يحظى بها موقع تويتر بين الجمهور السعودي بشكل عام يليه موقع اليوتيوب بنسبة 22,4 % ثم موقع انستجرام بنسبة 18,6 % بينما جاء موقع الفيس بوك في الترتيب الرابع بنسبة 14,1 % ثم سناب شات بنسبة 9,8 %، يليه الواتس آب في الترتيب السادس بنسبة 2,8%، بينما جاءت المدونات في الترتيب الأخير.
وأشارت الدكتورة صفية العبدالكريم المهتمة بالعلاقات العامة وإدارة الأزمات أن مسؤولي العلاقات العامة والإعلام يتفقون على أهمية توفر فريق مدرب خاص بإدارة الأزمات في جميع القطاعات مشيدة بدور وزارة الصحة في هذا الخصوص من خلال تأسيس جهة متكاملة لإدارة الأزمة في الوزارة مما ساهم في تحقيق نجاح وتميز في التعامل مع جائحة كورونا استحق تقدير وثناء الكثير من المنظمات والجهات الصحية العالمية التي امتدحت الدور السعودي في التعامل مع أزمة كورونا.
وأشارت الدراسة إلى أن المبحوثين أكدوا أن الخطوات التي يتم اتخاذها من خلال العلاقات العامة في أي قطاع يحتمل أن يتعرض لأزمة ما، يتمثل أبرزها في وجود فريق مدرّب خاص بإدارة الأزمة إضافة إلى اختيار متحدث رسمي لإدارة الأزمة ضمانا لتوحيد التواصل الإعلامي وتحديد الإستراتيجية الإعلامية للتعامل مع الحدث يلي ذلك أهمية التواصل مع الجهات المسؤولة المرتبطة بموضوع الأزمة للحصول على المعلومات الدقيقة الواضحة والموثقة حول الأزمة، ثم العمل على إعداد خطط بديلة للتعامل مع الأزمة محل المعالجة وتحديد الخسائر المتوقعة في وقت مبكر من حدوث الأزمة أو قبل حدوثها في حال إمكانية ذلك.
واقترحت د. العبدالكريم ضرورة تعزيز الاهتمام بتأسيس إدارات او أقسام أو لجان دائمة في جميع القطاعات الحكومية والخاصة تختص بإدارة الأزمات ترتبط برأس الهرم الوظيفي.
وعن الإجراءات التي يتم اتخاذها من خلال مواقع التواصل الاجتماعي لإدارة الأزمة في بداية حدوثها لخصتها الدِّراسة، بوضع الخطط السريعة لمواجهة الأزمة يليها وضع إستراتيجية محددة تفسر للجمهور المستهدف أسباب الأزمة ثم استخدام الاتصال الشخصي للوصول إلى الأفراد المتضررين، يليه التواصل مع المتضررين من الأزمة لتقديم الحقائق والمعلومات المهمة حولها ثم اختيار الاستجابة الاتصالية الملائمة للأزمة.
وشددت الدكتورة صفية على أهمية تواصل الجهات ذات العلاقة بموضوع الأزمة أيًا كانت مع الجمهور المرتبط بها لأهمية ذلك في التخفيف من آثار الأزمة وتسهيل آليات معالجتها، مشيرة إلى أنّ الرسالة الإعلامية التي يتم من خلالها التواصل مع الجمهور المستهدف تعد أمرًا محوريًا مهمًا، حيث يجب أن تتناسب مع جنسه ومستواه الثقافي والمعرفي ووضعه الاجتماعي وغيرها من الخصائص التي ينبغي التعرف عليها قبل إعداد الرسائل الإعلامية وغيرها من فنون التعامل الإعلامي مع الأزمات، مشيرة إلى أنَّ الدراسة كشفت عن اهتمام مسئولي العلاقات العامة والإعلام في المستشفيات بمصلحة الجمهور المتضرر من الأزمة والجرأة في التناول الإعلامي ثم المصداقية في طرح المعلومات ثم المكاشفة والشفافية مع الجمهور يليه معالجة مخاطر الأزمة على مرأى ومسمع من الجميع، مشيرين إلى أنَّ تلك المواصفات تعتبر أحد أهم أركان المعالجة الإعلامية للأزمات ومؤكدين على أهمية أن تتسم بها الرسالة الإعلامية في معالجة أزمة كورونا.
وأوضحت الدراسة أنَّ الاستماع لاستفسارات الجمهور حول الأزمة يعتبر ضمن من أهم الطرق لإتاحة الفرصة للتواصل مع الجمهور والتعرف على آرائهم حول الأزمة ومقترحاتهم لاحتوائها يلي ذلك في الأهمية الاستماع جيدًا لشكاوى المتضررين من الأزمة بينما جاء تمكين الجمهور من نشر صور ومقاطع فيديو حول الأزمة في الترتيب الأخير من بين آراء المبحوثين، ويعتبر ذلك مبررًا نظرًا لأنَّ نشر الصور أو مقاطع الفيديو وغيرها قد تتسبَّب أحيانًا في زيادة حدة الأزمة وصعوبة معالجتها أو خروج أجزاء منها عن السيطرة .
وحول الإجراءات التي تتخذها الجهات لإدارة الأزمات كأزمة كورونا على سبيل المثال من خلال مواقع التواصل الاجتماعي، أشارت الدراسة إلى أهمية التنسيق بين المنشأة ذات العلاقة والجهات الأخرى المرتبطة بموضوع الأزمة لاحتواء الأزمة كأهم الإجراءات التي تتخذها الجهة يلي ذلك التفاعل السريع مع الجمهور والردود السريعة حول تساؤلات الجمهور المتعلقة بالأزمة ونشر التقارير المهمة حول الأزمة من أجل استفادة الجمهور المتضرر منها ثم التواصل السريع مع الجمهور حال تفاقم الأزمة وإصدار التعليمات المهمة لكيفية التعامل معها.
وبينت الدراسة أن آراء المبحوثين حول تفاعل الجهات مع الجمهور وقت الأزمات- وأزمة فيروس كورونا تعتبر أحد أبرز أمثلتها- من خلال مواقع الشبكات الاجتماعية تركزت حول أهمية أن يتمّ التواصل مع الجمهور للتعرف على احتياجاته بسبب الأزمة، يلي ذلك الاستجابة السريعة لمتطلبات الجمهور المتضرر من الأزمة ومعالجة تلك المتطلبات، ثم استطلاع آراء الجمهور للتعرف عن مدى رضاهم عن الخدمات المقدمة بشأن الأزمة .
أمّا عن أشكال التواصل مع الجمهور للتوعية من مخاطر الأزمات فقد أشارت الدراسة إلى أن المبحوثين يرون مناسبة إعداد مقاطع الفيديو التي توضح حقيقة الأزمة وتطورها ويعتبرون ذلك في مقدمة أشكال التواصل مع الجمهور ثم يأتي بعد ذلك نشر المعلومات التوعوية الضرورية، يليها تخصيص فريق مدرب يتولى الرد على استفسارات الجمهور ثم العمل على تحسين صورة الجهة .
وتمنَّت الدكتورة صفية العبدالكريم أن يكون في أزمة فبروس كورونا المستجد كوفيد 19 الذي ضرب الكرة الأرضية بأسرها دروسًا إيجابية لأهمية الاستعداد للأزمات وبناء الخطط الأساسية والبديلة لاحتوائها وتقليل آثارها السلبية رافعة أسمى آيات الشكر والتقدير لمقام خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وسمو ولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز حفظهما الله لما تفضلا به من توجيهات سديدة ودعم لا محدود لجميع القطاعات المعنية ضمن جهود حكومة المملكة العربية السعودية في التعامل مع الأزمة وإدارة أسلوب معالجتها سواء داخل المملكة أو خارجها.