سلّطت اثنينية الحوار، الضوء على الدور الكبير الذي تضطلع به المرأة في تعزيز الهوية الوطنية لدى الأسرة ومدى انعكاس مشاركتها على العمل المجتمعي بجميع جوانبه.
كما تطرقت الاثنينية التي نظّمها مركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني، في مقره بالرياض يوم الاثنين 28 ذو القعدة 1443هـ الموافق 27 يونيو 2022م إلى أهمية إيجاد مرتكزات وطنية ثابتة يبنى عليها الحوار والنقاش والتعايش بين أفراد الأسرة الواحدة والمجتمع ككل، بما يحقق رؤية المملكة 2030.
واستضاف اللقاء الذي أداره كاتب الرأي صالح الخشيبان كلا من: الدكتورة الجوهرة بنت فهد الزامل، عضو مجلس هيئة حقوق الإنسان، وأكاديمية في مجال الخدمة الاجتماعية، والدكتورة أمل بنت عبد العزيز الهزاني، كاتبة رأي ومهتمة بشؤون المرأة، والدكتورة ميمونة الخليل، رئيسة مركز الأبحاث الواعدة للمرأة.
وناقش المشاركون في اللقاء أربعة محاور، استعرض الأول دور المرأة في تعزيز مفهوم شراكة الأبناء الاجتماعية والاقتصادية في بناء الوطن، فيما تناول الثاني دور المرأة في تعزيز إدراكات الأبناء نحو الروح الوطنية والانتماء الوطني، أما الثالث فاستعرض دور المرأة في إبراز أهمية توفر المناخ الآمن في الوطن، وضرورة قيمة التعايش المشترك بين أفراد المجتمع، في حين تطرق المحور الرابع لدور المرأة في ترسيخ مفاهيم التماسك والتضامن وتوحيد المشاعر الإيجابية بين أفراد المجتمع.
وفي بداية اللقاء، أكدت الدكتورة الجوهرة الزامل على مكانة المرأة ودورها المقدر، سواء على مستوى الأسرة أو المجتمع أو بيئة العمل، فهي جزء من كيان المجتمع الكلي، بل إنها الأهم بين كل المكونات، لأنها الأم قبل كل شيء، وللأم الدور الأساسي في نقل ثقافة المجتمع إلى أطفالها وتربيتهم وتنشئتهم على الأخلاق الحميدة والقيم السليمة.
وأضافت أنه وبما أن المرأة جزء من هذا الوطن، فعليها أن تعمل جاهدة في تثقيف أبنائها على الولاء والانتماء الوطني لبناء الهوية الوطنية الواحدة والجامعة لكافة مكونات المجتمع من أجل وطن متلاحم مزدهر وآمن ومستقر.
وتطرقت الزامل لتعريف الهوية الوطنية، مبينة أنها ذلك الوعاء الوطني الكبير الذي يعترف ويوثق ويستوعب كل أطياف ومكونات المجتمع، ويخلق منه وبه كيانا كبيرا وقويا يمثل الجميع ولا يقصي أو يلغي أحدا، بل يقويه وينميه داخل الإطار الوطني العام الذي يقوي كل مكوناته، مشيرة إلى أن الهوية الوطنية للمجتمع تتشكل من جزء صلب وهو اللغة والتراث التاريخي للمجتمع، وآخر مرن وهو القيم الحاكمة لهذا المجتمع بالإضافة إلى رؤيته وأهدافه المستقبلية.
من جانبها قالت الدكتورة أمل الهزاني إن المرأة السعودية كانت ولا زالت على رأس أولويات الرؤية بلادنا الطموحة 2030 التي أكدت على أهمية تمكين المرأة ووضعها في مكانها ومكانتها، بل إنها أقرَّت بأنّ المرأة هي أحد عناصر القوة وهي شـريكة فاعلة للرجـل في كل الميادين لدفع عجلة التنمية.
ولفتت إلى أن المرأة استطاعت بفضل الله ثم بتوجيهات القيادة الحكيمة أن تسجل نجاحات متتابعة على كل المستويات، وأن تقدم نموذجًا مميزًا على كافة الأصعدة، وهو ما نراه اليوم في اعتلائها للمناصب القيادية، مما أسهم في دعم حركة النهضة الشاملة التي تعيشها المملكة في مختلف المجالات، وهو دليل على أنّ التغيير لم يعد شعارًا، بل أصبح منهجًا وطنيًا للأخذ بيد المرأة لتنتقل في مجتمعها من الدور القديم المحدود إلى التمكين اللامحدود؛ وتحقيق الفاعلية في أي دورٍ تؤديه.
وأشارت الهزاني إلى أن من أولويات المرأة في الوقت الراهن هو القيام بكل ما من شأنه ترسيخ قيم ومبادئ الولاء والانتماء الوطني عبر القنوات الرسمية وغير الرسمية ومن خلال السلوكيات اليومية لكل أم في تربية أبنائها وبناتها على قيم الخير والفضائل والمودة والإخاء والتعاون، ونبذ كل دعوات العنف والتطرف والغلو.
وبينت أن المرأة في كل المراحل والمنعطفات التاريخية كانت وما زالت وستظل العطاء الدائم المتدفق في ترسيخ الهوية الوطنية والدفع بمسيرة التنمية ليحصل كل مواطن على فرصة العيش الرغيد، والفرصة في العمل والوظيفة في ظل وجود وطن آمن ومستقر ينعم بالأمن والاستقرار.
من جهتها، سلطت الدكتورة ميمونة الخليل الضوء على علاقة المرأة بتعزيز مفاهيم التضامن وتوحيد المشاعر الإيجابية بين أفراد الأسرة، كما تطرقت إلى العديد من الأفكار، منها دور المرأة في تشكُّل القيم الإنسانية، وأهمية التعرف إليها، وكذلك دورها الحالي في نقل وتعليم القيم والحفاظ عليها من خلال كونها أمًا، وأيضا دورها في سوق العمل، وأخيرًا مستقبل المنظومة القيمية، خصوصًا التعايش والتسامح والأخوة الإنسانية.
وأكدت أن الأم هي الركيزة الأساسية في تربية الأجيال وتقويم سلوكيات الأبناء على الالتزام بمبادئ وأهداف وقيم الدين الإسلامي الحنيف وحب الخير للجميع، وأن يكون الولاء لله أولًا ثم للوطن والحفاظ على وحدته المباركة.
وفي ختام اللقاء، أكد الأمين العام للمركز الدكتور عبد الله الفوزان على أهمية الهوية الوطنية ودور المرأة في ترسيخها لدى الأسرة بوصفها اللبنة الأولى في غرس منظومة القيم الإنسانية المتعارف عليها عالميا بالحرية والتسامح والإخاء الإنساني والعدل والمساواة والتراحم والتي تعزز احترام وحماية حقوق الإنسان والتعايش السلمي بما يضمن الأمن والاستقرار المجتمعي.