خطيب عرفة .. عَلمٌ يفرض اسمه على الألسن والأقلام

خطيب عرفة .. عَلمٌ يفرض اسمه على الألسن والأقلام
تم النشر في

ما إن تهلّ بشائر عشر ذي الحجة ، ويرتسم هلالها خيطًا رفيعًا في سماء الكرة الأرضية؛ حتى تبدأ حوارات المجالس الخاصة والعامة ووسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي، تطرح الأسئلة حول اسم العالم الشرعي، الذي سيتشرف بإلقاء خطبة يوم الحج الأكبر «يوم عرفة» بناء على تكليف رسمي من ولي الأمر.

فلماذا يحظى هذا الخطيب بتلك المكانة في قلوب المسلمين؟

الجواب واضح ..

منبر عرفة، أبرز رسالة دينية سنوية تُوجّه من أقدس بقاع الأرض إلى العالم.. هو منبر رسالة السلام والمحبة والتسامح، التي تنطلق من منبع الرسالة المحمدية إلى جميع دول وشعوب العالم.

منبر عرفة، هو الاقتداء الشرعي بخطبة الوداع التي ألقاها رسول الله محمد- صلى الله عليه وسلم- في الموضع المشيّد عليه مسجد «نمرة»، وهو المسجد الذي يعرف كذلك باسم «مسجد إبراهيم».

ينتظر العالم الإسلامي خطبة عرفة كل عام بصفتها استعراضًا لهموم وتطلعات المسلمين، وإرشادات ربانية للتوادّ والتراحم والتكاتف فيما بينهم، والحثّ على الترابط العائلي والتحلي بالقيم الإسلامية الرفيعة في جميع المعاملات اليومية، والإحسان إلى المحتاجين .

خلال 43 عامًا اعتلى منبر مسجد «نمرة» ثمانية من المشايخ وعلماء الدين، ففي عام 1399هـ ألقى الخطبة الشيخ صالح بن محمد اللحيدان ، ومن عام 1402 هـ حتى عام 1436هـ ألقاها الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن محمد آل الشيخ ثم الشيخ عبدالرحمن بن عبدالعزيز السديس في عام 1437 هـ وفي عام 1438 هـ القى الخطبة الشيخ سعد بن ناصر الشثري، تلاه في عام 1439 الشيخ حسين بن عبدالعزيز آل الشيخ ثم الشيخ محمد بن حسن آل الشيخ في عام 1440 هـ ، وفي العام الماضي 1441 ألقى عضو هيئة كبار العلماء المستشار بالديوان الملكي الشيخ عبدالله بن سليمان المنيع الخطبة، ثم الشيخ الدكتور بندر بن عبدالعزيز بليلة خطبة هذا العام.

يعتبر مسجد «نمرة» من أبرز المواقع الدينية والتاريخية عند الحديث عن مناسك الحج، بحكم وقوعه في مشعر عرفات .

وتشير العديد من المصادر التاريخية إلى أن اسم المسجد أخذ من اسم قرية تقع خارج «مشعر عرفات»، أقام فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم سار منها إلى بطن الوادي وخطب على حدوده، فأصبح ذلك الموضع فيما بعد هو مسجد نمرة، ويرى بعض المؤرخين أن تشييده لأول مرة تم في عهد الدولة العباسية.

وشهد المسجد في عهد الدولة السعودية أضخم توسعاته ليصبح بذلك ثاني أكبر مسجد مساحةً بمنطقة مكة المكرمة بعد المسجد الحرام، بتكلفة بلغت 237 مليون ريال، على طولٍ بلغ 340 مترًا من الشرق إلى الغرب، وعرضٍ يقدر بـ 240 مترًا من الشمال إلى الجنوب، ومساحة تجاوزت 110 آلاف متر مربع، إلى جانب ساحة مظللة خلف المسجد تقدَّر مساحتها بـ 8000 متر مربع، ليستوعب بعد هذه التوسعة نحو 400 ألف مصلٍ، ويظهر بست مآذن، ارتفاع كل مئذنة منها 60 مترًا، وله ثلاث قباب وعشرة مداخل رئيسية تحتوي على 64 باباً، وفيه غرفة للإذاعة الخارجية، مجهزة لنقل الخطبة وصلاتي الظهر والعصر ليوم عرفة مباشرة بواسطة الأقمار الصناعية.

كما شهد مسجد نمرة أكبر مشروع لمعالجة وتطوير وتحديث أنظمة التكييف وتنقية الهواء، حيث تم تركيب 60 وحدة تكييف مركزية تنتج هواءً نقياً 100 في المائة، و122 مروحة لطرد الهواء غير النقي.

ولأن خطبة عرفة رسالة إسلامية للعالم فإنها تبثّ حاليًا بعشر لغات غبر اللغة العربية هي الإنجليزية والفرنسية والإندونيسية والأوردو والفارسية والصينية والتركية والبنغالية والهاوسا والملاوية، بواسطة أكثر من عشرات الموظفين المؤهلين بين مترجمين وفنيين.

قد يعجبك أيضاً

No stories found.
logo
صحيفة عاجل
ajel.sa