شكل التصريح الصادر عن مسؤول أمريكي رفيع المستوي، اليوم الاثنين، بعد الإعلان عن الأحكام الصادرة في قضية جمال خاشقجي، وتأكيداته بأن «واشنطن تراها خطوة مهمة للمحاسبة، وتشجع على مواصلة العملية القضائية التي تتسم بالنزاهة والشفافية»، سوى رد دولي جديد على المزاعم ومحاولات التسييس التركية لمحاكمة المتهمين في القضية، بهدف تشويه صورة المملكة.
ونبهت السعودية منذ تفجر قضية جمال خاشقجي، قبل نحو عام، إلى أن الدولة، أي دولة، لا تتحمل مسؤولية أخطاء المواطنين، وفق المبدأ القانون الدولي المعروف، كما أظهرت القرارات الملكية اللاحقة للحادثة أظهرت (وفق شهادات صادرة عن زعماء ومسؤولين دوليين) أن ما اتخذته المملكة من خطوات يؤكد أنه لا يمكن لأي شخص مهما كان مركزه أن يستخدم صلاحياته للتعدي على المواطنين...».
وترد الشهادات الدولية بطريق غير مباشر على المزاعم ومحاولات الكيد السياسي القطري- التركي، وتوظيفهما لوسائل الإعلام مرتبطة بمنظومة المال والسلطة في كلا البلدين، للنيل من المملكة في قِضية خاشقجي، استنادًا إلى «مصادر ومعلومات مجهلة»، قبل أن تؤكد قيادة المملكة بحسم أنها لن تقبل بأن تملي عليها أي دولة ما يجب القيام به.
وكان وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو، قد نفى الادعاءات حول المسؤولية الرسمية السعودية عن مقتل جمال خاشقجي، قائلًا: «لقد قرأت كل المعلومات الاستخباراتية الموجودة في حوزة حكومة الولايات المتحدة، ولا يوجد دليل يربط يشير إلى قرار رسمي بقتل خاشقجي...»، متابعًا -خلال مقابلة مع شبكة CNN- أنه ما يقوله «بيان دقيق، ومهم.. لا علاقة لولي العهد الأمير محمد بن سلمان بحادثة خاشقجي...».
وكان «بومبيو» قد تخلى عن دبلوماسيته، قائلًا: حينها، ردًا على مزاعم إعلامية: «لم أسمع أي تسجيل حول خاشقجي.. على شبكة -ABC News - حذف عناوينها الكاذبة»، بعدما روجت الشبكة أن «بومبيو» اطلع خلال جولته المكوكية في الشرق الأوسط على «تسجيلات تتعلق بقضية جمال خاشقجي».
وأكد بومبيو بحسم: «عليهم حذف العناوين الصحفية الكاذبة.. هذه قضية بالغة الخطورة.. لم أسمع أي تسجيل، ولم أرَ أي نصوص...»، وتابع، وفقًا لما نقلته وكالة الأناضول، لسان حال النظام الحاكم في تركيا، وشبكة CNN الأمريكية، أنه «يتعين على شبكة -ABC News- التي زعمت ذلك اطلاعي على تسجيلات ونصوص حذف عنوانها...».
وكانت شبكة «ABC News»، التليفزيونية الأمريكية، زعمت أن تركيا قدمت للخارجية الأمريكية تسجيلات حول مقتل خاشقجي، وأمام هذا النفي الصريح، اضطر وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، آنذاك، إلى التصريح بأن أنقرة لم تعطِ أي تسجيل صوتي إلى وزير الخارجية الأمريكي أو أي مسؤول أمريكي آخر بخصوص الصحفي السعودي جمال خاشقجي، وقال: «نجري تحقيقًا حول القضية.. سنعلن النتائج للعالم كله.. لم نشارك أي معلومة مع أي دولة».
وقبل استقالته - الخلاف مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حول ملفات عسكرية - أكد وزير الدفاع الأمريكي السابق جيمس ماتيس، أنه اطلع على ترجمة الشريط الخاص بمقتل خاشقجي، ونبه إلى أنه ليست هناك أدلة استخباراتية دامغة بخصوص علاقة القيادة السعودية بالقضية، قبل تأكيد آخر من مستشار الأمن القومي الأمريكي السابق، جون بولتون بأن من استمعوا لتسجيل مقتل خاشقجي في تركيا، أكدوا أنه لا يتضمن ما يشير إلى علاقة القيادة السعودية بالحادثة، وفقًا لما نقلته وكالة بلومبرج الأمريكية، في وقت سابق.
بدوره، أكد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أنَّ تقييم CIA لم يحمِّل القيادة السعودية المسؤولية في قضية خاشقجي، وأن وسائل الإعلام نقلت تقارير مغلوطة عن وكالة الاستخبارات حول القضية.. الإجراءات السعودية حول القضية خطوة جيدة وكبيرة وذات مصداقية.. القيادة السعودية كانت صادقة معنا فيما يتعلق بهذه القضية.. أطراف ثالثة شاركت في التحقيقات السعودية، والتفسير السعودي جدير بالثقة.. الولايات المتحدة تحتاج إلى قوة السعودية؛ لتحقيق توازن أمام إيران.
من جانبها، أشادت وزارة الخارجية الفرنسية، في وقت سابق، بقرار النائب العام السعودي بإحالة المتهمين بقتل المواطن جمال خاشقجي إلى القضاء، وقالت، عبر بيان صادر عنها، «إن ما تم خطوة في الاتجاه الصحيح»، فيما شن وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لو دريان، بعدها، هجومًا حادًا على الرئيس التركي رجب طيب أردوغان؛ بسبب قضية جمال خاشقجي، مؤكدًا أن الرئيس التركي يحاول تسييس هذه القضية.
وفي السياق نفسه، قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، خلال كلمة على هامش الاجتماع السنوي لمجموعة فالداي: «من الضروري انتظار نتائج التحقيق قبل إفساد العلاقات مع السعودية.. لا يمكننا إفساد العلاقة مع السعودية»، فيما عبرت وزارة الخارجية الروسية عن دهشتها من التشكيك في قدرة السعودية على التحقيق في قضية خاشقجي، وشددت على أن تسييس القضية أمر غير مقبول، مؤكدة، عبر متحدثها الرسمي، التأكيد على أن السعودية اتّخذت منذ البداية نهجًا لتنفيذ تحقيق دقيق وموضوعي بأقصى درجة ممكنة في هذا الحادث يشمل التعاون مع السلطات التركية.
وكان البرلمان العربي، برئاسة د. مشعل السلمي، قد أثنى على الإجراءات السعودية لا سيما تحركات النيابة العامة في قضية خاشقجي، منبهًا إلى أن القضية جنائية وليست سياسية، مجددًا تضامنه مع المملكة ضد محاولات تسييس القضية؛ للنيل من سُمعتها ومكانتها»، رافضًا في الوقت نفسه محاولات ابتزاز المملكة والضغط على المجتمع الدولي.
وأشاد البرلمان العربي بـ«التزام المملكة بإرساء العدل والتوصل لحقيقة ملابسات هذا الحادث الأليم، واتّخاذ الإجراءات القانونية اللازمة ومحاسبة الأشخاص المتورطين فيه»، مطالبًا النيابة العامة التركية بـ«الاستجابة لطلب النائب السعودي، بشأن تزويده بالأدلة والقرائن التي بحوزتهم المتعلقة بهذه القضية للإفادة منها في إجراءات التحقيق».
بدورها، أوضحت جامعة الدول العربية أن الإجراءات السعودية توضح مدى اهتمامها بالكشف عن المتورطين في جريمة مقتل خاشقجي، وثمَّنت «جدية الخطوات السعودية في القضية»، بينما أشاد مجلس التعاون الخليجي بـ«الإجراءات التي اتخذتها السعودية في القضية»، وقال الأمين العام للمجلس، د. عبداللطيف بن راشد الزياني، إن إجراءات المملكة كانت حازمة، وتؤكد التزام قيادتها الحكيمة بإيضاح الحقائق أمام الرأي العام العالمي، ومواصلة التحقيق في القضية، ومحاسبة المتورطين في هذا الحادث المؤسف وتقديمهم للعدالة...».
أيضًا، ثمّنت رابطة العالم الإسلامي «الأوامر التي أصدرها الملك سلمان بن عبدالعزيز، والتصريحات الرسمية بخصوص قضية جمال خاشقجي»، وأشار الأمين العام للرابطة، رئيس مجلس إدارة الهيئة العالمية للعلماء المسلمين، الشيخ الدكتور محمد بن عبدالكريم العيسى، إلى أن المملكة باشرت معالجة القضية بمنهجها الشفاف والعادل، المستمد من دستورها الإسلامي.