تُعد تربية النحل وإنتاج العسل من أقدم المهن التي مورست وتوارثتها الأجيال في منطقة الباحة، نظير ما تتمتع بها من تنوع في الغطاء النباتي ما بين السراة وتهامة والبادية الأمر الذي أسهم في تنوع مناخها وانتشار نشاط تربية النحل وتمكين الكثير من ملاك النحل من إنتاج العسل.
وتوارث عدد من الشباب بالمنطقة ممارسة هذه المهنة، التي تشهد تطوراً ونمواً سريعاً، مما دفعهم للتنقل من منطقة إلى أخرى، بحثاً عن الأشجار والأزهار المناسبة لإنتاج العسل، وزادتهم الخبرة، شغفاً لتطوير مهاراتهم في هذا الصدد، والانتقال من مرحلة الهواية إلى مرحلة الاحتراف، باتخاذها مهنة رسمية، والاستثمار كأرواد أعمال في هذا المجال، وهو ما يتوافق مع رؤية المملكة 2030، الهادفة إلى تشجيع الشباب على خوض تجارب جادة للعمل في مجال الاستثمار والاقتصاد.
وأكد رئيس مجلس إدارة الجمعية التعاونية بالباحة، محمد بن صالح الشدوي لـ «هيئة وكالة الأنباء السعودية»، أن الباحة تنتج ما يقارب من 20% من الإنتاج الكلي في المملكة أي نحو 1000 طن، وتتنوع أنواع العسل حسب الغطاء النباتي حيث تٌنتج الباحة ما يقارب من 15 نوعاً من العسل ذي الجودة العالية، والحاصل على جوائز متقدمة في المسابقات الدولية المتخصصة، مشيراً إلى عدد النحالين في المنطقة يمثل 16% من نحالي المملكة أي ما يقارب من 3000 نحال سواء محترفين يملكون أكثر من 1000 خلية او هواه يملكون عدد أقل من الخلايا بمتوسط 100 خلية.
وأوضح أن «الجمعية أسست أكثر من 16 مشروعاً نوعياً من أهمها معهد دولي لتدريب وتأهيل النحالين معتمد، تخرج منه حتى تاريخه أكثر من 4000 متدرب من الشباب والفتيات في دورات تراوحت فتراتها من 5 أيام إلى 8 أشهر، إضافة إلى مختبر متقدم لتحليل العسل، ومعمل للصناعات الخشبية يٌنتج أكثر من 120 مٌنتجاً، ومركز للزوار والمبيعات به معرض يضم أهم منتجات النحل وأدوات ومستلزمات تربية النحل الحديثة الأوربية، حيث تعتبر الجمعية الوكيل الحصري لأهم الشركات الأوربية المنتجة لأدوات ومستلزمات تربية النحل، أيضاً من مشاريع الجمعية وحدة لأبحاث النحل، ومشتل لإنتاج النباتات العاسلة، وسوق للعسل، وخط للتعبئة والتغليف، ومعمل لتصنيع غذاء النحل البروتيني، ومعمل للصناعات الشمعية».
وأشار إلى أن الجمعية نفذت مشروع الحفاظ على سلالة النحل المحلية الوطني الذي استمر ثلاث سنوات وشمل دراسات جينية وتعريف أنماط النحل السعودي وإنتاج 6000 ملكة محسنة، وزعت على النحالين والمراكز البحثية في المملكة، كما أسندت الوزارة من خلال منصة اعتماد للجمعية مشروع خدمات وتسويق منتجات 1000 نحال ومشروع توفير أدوات ومستلزمات تربية النحل الحديثة لـ 1600 نحال على مستوى المملكة.
وبين أن الجمعية حظيت بدعم من شركة أرامكو وعدد من الجهات بالقطاع الخاص في تأسيس بعض البنى التحتية للجمعية ودعم بعض البرامج التدريبية والتطويرية لأعضاء الجمعية، وقال " حديثاً أطلقت جمعية النحالين التعاونية بالباحة برنامج للسياحة النحلية يستهدف تعرف المجتمع بالنحل واهميته للإنسان والبيئة وأهمية منتجاته العلاجية والغذائية ".
وكشف " الشدوي " على الجمعية تعمل على إنشاء شركة للعسل بالتعاون مع وزارة البيئة والمياه والزراعة والمكتب الإستراتيجي بمنطقة الباحة وإمارة الباحة وعدد من الشركاء الآخرين.
وأوضح مدير فرع وزارة البيئة والمياه والزراعة بالمنطقة المهندس فهد مفتاح الزهراني حرص الفرع على تطوير وتنمية قطاع النحل بالمنطقة من خلال العديد من البرامج والمبادرات كان من أهمها برنامج التنمية الريفية المستدامة (ريف) وبرنامج الزراعة العضوية وتطوير مهارات النحالين من خلال الدورات التدريبية بالإضافة إلى استضافة مناحل إيضاحية نموذجية لنشر الثقافات المحسنة والممارسات الجيدة لتربية النحل.
وتحدث عضو جمعية النحالين بالمنطقة النحال يحيى بن ضيف الله طيران الغامدي، والحاصل على المركز الأول في مسابقة العسل السائل في المؤتمر 14 لجمعية النحالين الآسيوية والمقامة في جاكرتا بجمهورية إندونيسيا قائلاً " إن تربية النحل تعتمد على كمية وموسمية الأمطار التي تشجع النحالين على التنقل للبحث عن مراعي جديدة لجني العسل وتسويقه وهو الأمر الذي ساعد في إنتاج أنواع من العسل مثل السدر والسمرة والضهيان والطلح والصيفي والعرفجة ".
وأكد أن الباحة تعد من أهم مناطق تربية النحل نظراً لتوفر المراعي الجبلية المناسبة خاصة في موسمي الربيع والصيف نتيجة لتساقط الأمطار في فصل الشتاء وأوائل الربيع وفي الصيف، مشيراً إلى أن مشروع تربية النحل يُعّد من المشاريع المربحة جداً، بناءً على كمية الطلب الذي تشهده منتجات النحل داخل المملكة وخارجها، مضيفاً أن العمل الذي يقوم به مربي النحل ليس بالهين حيث يتطلب منه اهتماماً ومتابعة تبدأ في اختيار خلايا النحل الجيدة وتحديد المكان الذي يضع فيه هذه الخلايا التي تتطلب البحث عن المناطق الطبيعية الجاذبة.
يذكر أن منطقة الباحة أصبحت من أهم مصادر إنتاج العسل في المملكة، ويعد العسل عاملًا مهمًا في نمو الحركة التجارية والاستثمارية والسياحية بالمنطقة، وعنصراً أساسياً وغذائياً، ومن المنتجات الريفية الزراعية الواعدة في ظل ما تتميز به من غطاء نباتي فريد ما جعل ذلك سبباً في تميز العديد من المنتوجات ومنها العسل، حيث تحتضن الباحة مهرجان العسل الدولي 16 ومهرجانات العسل بمحافظات المخواة وغامد الزناد بالقطاع التهامي.