تتجاوز زيارة صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، إلى فرنسا الأهداف المرتبطة بها، إلى بث رسائل قوية بشأن ركائز السياسية الدولية ومنهجية إدارة العلاقات بين الدول.
يوقن المتابع للجولات الخارجية التي يجريها سمو ولي العهد، أن المملكة في مرحلة حاسمة من تاريخها؛ بعد أن طالت الأزمات الأخيرة المتوالية دول العالم أجمع، فضلًا عن ظهور مفهوم «تعدد الأقطاب»، الذي أثبتت الرياض داخليًّا وخارجيًّا وجوده كواقع عملي في سياق إدارة العلاقات الدولية.
وتدرك المملكة اتساقًا مع نهج قيادتها الحكيمة، أهمية تنويع علاقاتها الخارجية مع دول العالم كافة، ما يهيئ للرياض فرض مزيد من قدراتها النوعية على التواجد في خضم السياسية الدولية وتباشر دورها كونها طرفًا فاعلًا ومحركًا لدفة الأمور، وليس مجرد مشارك فيما يتم إقراره بالمحافل الإقليمية والدولية.
وتتزامن زيارة ولي العهد إلى فرنسا، مع تباين المواقف السياسية الدولية بين الأطراف الفاعلة في المجتمع الدولي؛ رهنًا بمصالح تلك الأطراف إلا أن الخطاب السياسي السعودي واضح لا جدال بشأنه؛ فالمملكة تعلي منهجية الحوار السياسي وليست داعمة لطرف دون آخر في جميع قضايا النزاعات التي حوَّلت دولا بأكملها إلى بؤر توتر دولي.
وترتبط أهمية الزيارة بمواصلة المملكة العربية السعودية الالتزام بنهجها الأخلاقي الحضاري في المشاركة بإدارة ملف أسواق الطاقة العالمي؛ مع مراعاة مصالح شعبها وشعوب المنطقة في الأمن والاستقرار والحفاظ على التوازن الاقتصادي الشامل الذي يضمن للشعب السعودي وضع آليات حاسمة لمواجهة أي حدث طارئ.
وقد باتت الأخلاقيات السياسية للدور السعودي المتفرد، تجذب احترام دول العالم كافة للمملكة؛ فحتى سعيها إلى الاعتماد على الطاقة المتجددة يأتي بشكل تدريجي وفي سياق مقاربات واعية بشأن التأثيرات المترتبة على ذلك؛ وهو ما يفسر نظرة الاتحاد الأوروبي الذي تعد فرنسا طرفًا أصيلًا في إدارة دفته، إلى الرياض في الفترة الأخيرة.
كما تتوازى الزيارة مع تحديات ملف الأمن في منطقة الشرق الأوسط، حيث تجدد المملكة التأكيد من حين إلى آخر على كارثية الخطر الميليشياوي في ممارسة «حروب الوكالة»، وليس على أدل عليها من حصول ميليشيات إرهابية على دعم غير مسبوق من دول اعتادت أن تتخذ تلك الجماعات الإرهابية «مطية»؛ لفرض أجندتها بينها وصلت الدبلوماسية السعودية بالعالم إلى قناعة مفادها، أن تصنيف تلك الميليشيات «جماعات إرهابية مارقة» ضرورة حيوية لأمن المنطقة والعالم.