
شهد معرض (الحرف والأعمال اليدوية2025م)، الذي تنظِّمه غرفة الشرقية على أرض معارض الظهران إكسبو بالخبر، الذي اختتمت فعاليته يوم أمس السبت 11 أكتوبر 2025م إقبالًا واسعًا من الزوار والمهتمين بالمهن اليدوية والتراثية، فضلاً عن منتجات الأسر المنتجة، حيث تحوّل المعرض الذي شهد حضوره خلال أربعة أيام قرابة 70 ألفزائر، من المنطقة وخارجها، إلى منصة تُروى من خلالها قصص نجاح ملهمة لأشخاص استطاعوا تحويل شغفهم إلى مشاريع منتجة ودخل مستدام.
ويهدف معرض الحرف والأعمال اليدوية، الذي تحرص غرفة الشرقية على تنظيمه بصورة دورية منذ عام2015م إلى إيجاد نوافذ تسويقية تُمكّن الأسر المنتجة وأصحاب الحرف والأعمال اليدوية من عرض منتجاتهم، وفتح المجال أمامهم للتواصل المباشر مع الجمهور، وتعريف الزوار بإبداعاتهم ووسائل التواصل معهم، بما يعزز مناستمرارية أعمالهم وتحقيق الاستقلال المالي بإيجاد الدخل المناسب لهم، وسط مشاركة أكثر من 305 منالعارضين أصحاب الحرف والأعمال اليدوية، وأكثر من 29 جهة من الجهات الحكومية، والجمعيات الأهلية الحاضنة والممكنة.
ومن بين النماذج الملهمة المشاركة، برزت قصة "جلال" الذي ترك وظيفته كمدير مشاريع في إحدى الشركات لينضم إلى عائلته في مشروع "طبعًا طبيعي" بقيادة والدته "أم جلال وأخوته"، حيث يقدمون وجبات صحية خفيفة بدأت من مطبخ المنزل، لتتطور لاحقًا إلى معمل مصغّر يطمحون بتحويله إلى مصنع متكامل، وقد نجح المشروع في الوصول إلى منافذ بيع متعددة داخل المملكة، إلى جانب منصة إلكترونية تسوّق منتجاتهم محليًا.
وفي زاوية أخرى من المعرض، التقينا "سارة الجاسم" من الأحساء، التي تعرض منتجاتها من السجاد اليدوي الفاخر، الذي تُتقنه مع بناتها في معمل منزلي صغير، وقد بدأت رحلتها قبل ثلاث سنوات بدعم من إحدى الجمعيات المشاركة في المعرض، لتصبح اليوم صاحبة مشروع مزدهر تطمح من خلاله إلى إنشاء مصنع وطني لصناعة السجاد اليدوي، إلى جانب جهودها في تمكين النساء عبر تقديم ورش عمل تدريبية في هذا المجال التراثي العريق.
كما استوقفتنا مجسمات "سعد" بجمالها ودقتها، حيث يعرض أعماله المصنوعة من الجبس في أشكال مختلفة تعكس تفاصيل الماضي وتستحضر التراث المحلي، وقد بدأ مشواره من متحف منزلي صغير بالدمام، ليستمر في تطوير موهبته وتحويلها إلى مشروع يعبّر عن شغفه بالفن والحرف اليدوية.
ومن المشاركات المميزة التي تلفت الانتباه "بنين الباشا"، التي حوّلت فترة جائحة كورونا إلى نقطة انطلاق في فن الرسم بالفحم، مبرزةً موهبتها في رسم البورتريهاتوالأزياء، وحصلت على شهادات تدريبية معتمدة لتقديم الورش والدورات، واستطاعت من خلال فنها تحويل الهواية إلى مشروع يدرّ عليها دخلاً مستدامًا وينشر ثقافة الإبداع والفن.
كما جسّد "فيصل غازي"، أحد ذوي الاحتياجات الخاصة، نموذجًا للإصرار والإبداع من خلال مشروعه "فلاورزسكويزد" لإنتاج العطور بخلطات ابتكارية مميزة، ويمتاز مشروعه بجودة عالية وروائح تناسب جميع الأذواق، بما في ذلك من يعانون من الحساسية، إذ تُعبأ منتجاته في علب بلاستيكية قابلة لإعادة التدوير حفاظًا على البيئة وضمانًا للسلامة.
وفي مجال تصميم الأزياء، قدّمت "ريم القحطاني" تجربتها المميزة في تحويل شغفها بالتصميم إلى علامة تجارية تحمل اسم "تصاميم رائدة"، انطلقت من منزلها قبل خمس سنوات بدعم من أسرتها، وتمكنت خلال مشاركتها الأولى في المعرض من التعريف بعلامتها والتواصل مع رواد المشاريع الأخرى ضمن بيئة حاضنة للتبادل والتعاون.
وتؤكد هذه النماذج أن الطموح حين يقترن بالإبداع يصنع الفارق، وأن ما يبدأ كهواية بسيطة يمكن أن يتحول إلى مشروع ناجح يرفد اقتصاد الإبداع ويعكس رؤية المملكة في تمكين رواد الأعمال والحرفيين والأسر المنتجة نحو مستقبلٍ مستدام.