أصدرت مكتبة الملك عبدالعزيز العامة، هذا الأسبوع، كتابًا بعنوان: "دور العالم العربي والإسلامي في نهضة الغرب: الآثار المحتملة في العلاقات التثاقفية المعاصرة"، من مراجعة وتحرير البروفوسور نايف بن رزق الروضان، العضو البارز في كلية سينت أنتني في جامعة أكسفورد بالمملكة المتحدة، ومن ترجمة الدكتورة منيرة بنت عبدالله الماضي.
يتضمن الكتاب الواقع في (314) صفحة تسعة فصول تضم مجموعة من المقالات التي تبرز إسهام العالم العربي والإسلامي في الحضارة الغربية، كما تبرز الآثار المحتملة في العلاقات التثاقفية المعاصرة، كتبها عدد من المفكرين والكتاب من عدة دول عربية وأوروبية.
ومن بين هذه المقالات التي تضمنتها الفصول التسعة للكتاب: "العرب والنهضة الإيطالية " لجاك قودي، و"تشريق حركة الإصلاح الديني في أوروبا" لفريدريك قيران، والإسهام المحتمل للأنظمة التشريعية الإسلامية في نشوء مفهومي: سيادة القانون والدولة الحديثة بأوروبا لـ(ليسا واتانابي) ودور المعاملات التجارية والمالية الإسلامية في نهضة الغرب لـ( جون هوبسن) و"تاريخ الفلسفة العقلانية العربية الإسلامية الذي ظل طي الكتمان" (سمر عطار) و"الإنسانية والتعليم من المشرق إلى الغرب" (محمد محمود ولد محمدو) و"التبادل الثقافي للمعرفة العلمية بين العربية واللاتينية في أوروبا ما قبل العصر الحديث" (محمد أبطوي) فيما كتب د. نايف الروضان مقالتين جاءتا في الفصلين الأول والتاسع، وهما:" مقدمة: ألف عام من النسيان" و"السبيل الأمثل للمضي قدما: الآثار المحتملة في العلاقات التثاقفية المعاصرة" وهي مقالات كما يتبدى من عناوينها أنها تؤكد على الدور العربي والإسلامي في نهضة العالم الغربي وتطوره الحضاري.
ويبرز الفصل الأول الذي كتبه د. نايف الروضان محرر الكتاب بعنوان: "مقدمة: ألف عام من النسيان" الدور العربي والإسلامي في النهضة الأوروبية، وصورة الإمبراطورية العربية الإسلامية التي كانت مزدهرة في القرون الوسطى، فيما كانت أوروبا تعيش عصور الظلام، في وقت كانت اللغة العربية لغة التواصل المشترك في أوروبا أثناء العصور الوسطى، ويرى المحرر أن العلماء قد وثقوا الأشكال التي تفوق الحصر لتأثير العالم العربي الإسلامي في تطور أوروبا.
ويعرض المحرر في هذا الفصل لمجموعة من آراء المفكرين الغربيين مثل: ماكس فيبر، وماركس، وشبينقلر، وفيرنان بروديل وكارلو تشيبولا وغيرهم حول نهضة أوروبا وعلاقتها بالعالم العربي والإسلامي.
كما ينقل محرر الكتاب مقولة جون هوبسن التي تؤكد على دور الشرق العربي الإسلامي في نهضة أوروبا، حيث يقول: "إن الروايات التاريخية عن نهضة الغرب القائمة على المركزية الأوروبية، أغفلت ثلاثة أمور: أن الشرق ابتكر نهضته بنفسه بعد عام 500م وأن الشرق أنشأ وحافظ على اقتصاده الخاص بجهده، وأن الشرق أسهم في نهضة الغرب عبر تطوير ونقل مجموعة من المصادر المعرفية إلى أوروبا".
وفي الفصول التالية من الكتاب يسلط جاك قودي الضوء على المكانة المركزية التي تبوأها العالم العربي الإسلامي في نقل المعارف الكلاسيكية القديمة ونقدها وتوسيعها، فيما تطالب قيران في الفصل الثالث بـ"تشريق" حركة الإصلاح الديني الأوروبية التي ربما كانت نتيجة التأثر بالإسلام. أما جون هوبسون فيتحدث في الفصل الخامس عن المعاملات التجارية العربية الإسلامية وأثرها في تنمية الأنظمة التجارية والمالية في أوروبا، فيما تتحدث الفصول التالية عن الإسهامات العربية والإسلامية في العلم والفكر والتنوير والحضارة بوجه عام.
ويهدف هذا الكتاب – فيما يرى المحرر - إلى استعادة البعد المفقود من التاريخ، وأن يسهم في الوصول إلى فهم أفضل للغرب والعالم العربي والإسلامي، وما بينهما من تبادل وتراث مشترك، وأن يسهم في تعزيز العلاقات الإيجابية بينهما في الحاضر والمستقبل.
ويأتي هذا الإصدار في سياق الرؤية الثقافية لمكتبة الملك عبدالعزيز العامة الساعية إلى تقديم المعارف المتنوعة للقراء، وتعزيز الثقافة في المجتمع السعودي والعربي عبر إصدارات نوعية يقدمها قسم النشر بالمكتبة.